بكاء ونحيب، انفعالات ومشاعر ، صيحات إعجاب، وحالات إغماء..هكذا كان مشهد فتيات خرجن إلى المطار، لاستقبال المطرب الشاب إيهاب أمير ، بعد إقصائه من برنامج اكتشاف المواهب ” ستار أكاديمي”.
المشهد سوريالي، بدون شك، ولا مسوغ أو منطق له. صبايا في عز الشباب، من المفروض أن يكون لديهن وعي ثقافي لايسمح لهن بالانجذاب نحو نجوم وهمية من صناعة التلفزيون، ولا تمثل أية قيمة إضافية للحقل الثقافي والفني.
ولقد كان من الطبيعي أن يثير ذلك المشهد المثير، غضب رواد الفضاء الأزرق، بعد أن لوحظ ذيوع وانتشار هذه الظاهرة في السنين الأخيرة، بشكل غير لائق، بفعل الاستسلام لطغيان التلفزيون.
للمزيد:فيديو لمعجبات مغربيات في استقبال إيهاب أمير.. يثير سخط رواد ال”فيسبوك”
كلما شارك صاحب موهبة غنائية متواضعة في برنامج في الخارج لاكتشاف الأصوات، إلا وهرعت الجموع إلى المطار لملاقاته بباقات الورد، وصيحات الإعجاب، ومواكب السيارات، كأنه نزل من كوكب آخر، أو أتى باختراع عجيب سوف تستفيد منه الإنسانية.
والغريب أن تلفزيوننا المغربي، مع الأسف الشديد، بقناتيه الأولى والثانية، يساهم بدوره، عن قصد أو عن جهل، في تكريس هذه الظاهرة، من خلال استضافته للمشاركين في تلك البرامج، فور عودتهم إلى أرض الوطن، وهو الذي كان يغلق أبوابه في وجوههم قبل رواج أسمائهم في الخارج.
الفنان لحسن بختي، رسام الكاريكاتير المتميز، لم يترك هذه الفرصة تفوته دون أن يستلهم منها رسما يستهزيء فيه، ومعه كل الحق، من فتيات يبدو أنهن في مسيس الحاجة إلى من يعطيهن دروس الدعم والتقوية في التوعية.
زميله الفنان الشاب خالد الشرادي، كتب أيضا تدوينة على حائطه الفايسبوكي، ينتقد فيها بحدة تصرفات البنات المعجبات ب”إيهاب”، محذرا إياهن بنوع من السخرية المبطنة، من التعرض مستقبلا، للانهيار لدى رؤيتهن للاعبي فريق حسنية العرائش، أو أعضاء مجموعة “الطابية” للدقة المراكشية.
الزميل محمد أحمد عدة، التقط بحدسه الذكي، المفارقة وكتب معلقا في جداره الفايسبوكي:”يروي بعض الفنانين الظرفاء أن الفنان الجميل المطرب المزكلدي دخل مقهى في الرباط، وتوقع أن يتحلق حوله المعجبون، ولكن العكس تماما هو ما حصل فلم يلتفت إليه أحد.. تأمل طويلا ثم نزل مختبئا تحت الطاولة وصرخ واااا المزكلدي ثم عاد إلى كرسيه وبدأ يصيح احتارمو الحياة الخاصة للفنان هاد المزكلدي ميتقهوا ما يكلس على خاطرو…. كان هذا قبل مجيء إيهاااااااب”.
رحم الله الأستاذ محمد جسوس، رائد علم الاجتماع في المغرب، فلطالما حذر من تأثير سياسة ” التضبيع” التلفزيوني على شباب اليوم، فهاهي المؤشرات تنبيء بأن بعض بنات اليوم، ينجرفن وراء التيارات الوهمية الخادعة، غير واعيات بحقوقهن وواجباتهن.