نعت عائلة الشيبي العريقة في السعودية، السبت، كبير سدنة الكعبة المشرفة، الشيخ صالح بن زين العابدين الشيبي بالتزامن مع نهاية موسم الحج الحالي.
وشهد عدد كبير من الحجاج الذين لم يغادروا بعد المشاعر المقدسة في مكة المكرمة، تشييع الشيخ الشيبي في المسجد الحرام، قبل دفنه في مقبرة المعلاة.
كما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي، نعياً واسعاً بعبارات مؤثرة للسادن السابع والسبعين للكعبة المشرفة في العهد الإسلامي ورقم 109 منذ انطلاق مهنة السدانة قبل 16 قرناً على يد قصي بن كلاب، الجد الرابع للرسول محمد عليه الصلاة والسلام.
سَدَانة الكعبة المشرفة هي المهنة الأشهر والأقدم في الحرم المكي الشريف، وتعرف كذلك بالحجابة.
والسادن هو الشخص الوحيد الذي يحمل مفتاح الكعبة المشرفة الذي يصل طوله إلى 35 سنتيمتراً والمصنوع من الحديد، والمسؤول عن كلّ ما يتعلق بشؤونها من تغيير كسوتها وغسلها وتعطيرها بالطيب وفتحها وإغلاقها.
وسدانة الكعبة المشرفة هي خدمتها والقيام بشؤونها وفتح بابها وإغلاقه. ويعرف الذين يقومون بذلك بالسدنة. وتعرف السدانة كذلك بالحجابة، ومن يقوم بها يسمون بالحجبة؛ لأنه يحجبون الكعبة عن العامة.
ومنذ بناء إبراهيم الخليل عليه السلام الكعبة المشرفة، لعل السدانة كانت بيد ابنه إسماعيل عليه السلام، الذي تولى رفع القواعد من البيت مع والده إبراهيم، كما قال تعالى: [وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ]. وبقي إسماعيل بجوار بيت الله الحرام يقوم على خدمته.
وتذكر كتب السير والتاريخ أن السدانة انتقلت بعد ذلك إلى أبناء إسماعيل عليه السلام مدة طويلة، ثم أخذها عنوة منهم جيرانهم وأخوالهم جرهم، ثم انتزعتها خزاعة من جرهم، ثم استردها منهم قصي بن كلاب وهو من أبناء إسماعيل، وهو الجد الرابع للنبي (صلى الله عليه وسلم)، ثم صارت من بعده في ولده الأكبر عبد الدار، ثم صارت في بني عبد الدار جاهلية وإسلاماً.
ولم تزل السدانة في ذريته حتى انتقلت إلى عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبدالله بن عبد العزى بن عثمان ابن عبد الدار بن قصي. وقد مات عثمان ولم يعقب، فصارت إلى ابن عمه شيبة بن عثمان، ولا تزال في يد ولده إلى الآن.
ولما أشرقت شمس الإسلام يوم فتح مكة المكرمة، أخذ الرسول (صلى الله عليه وسلم) من عثمان بن طلحة بن أبي طلحة الحجبي سادن الكعبة المفتاح، وفتح بابها، ودخلها بعد تطهيرها من الأصنام.
وأعطى النبي المفتاح لعثمان بن طلحة بعد أن خرج من الكعبة المشرفة، وقال: «خذوها يا بني أبي طلحة (أي السدانة) خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم».
وجرت العادة أن يوضع مفتاح باب الكعبة المشرفة لدى أكبر السدنة سناً، وهو السادن الأول، وعند فتح الكعبة يشعر السادن الأول جميع السدنة الكبار منهم بوقت كافٍ، ليتمكنوا من الحضور جميعاً إن أمكن ذلك أو بعضهم؛ وذلك ليقوموا بغسلها بمعية ولاة الأمر والأمراء والضيوف الكرام، وفي الوقت الحاضر تغسل الكعبة من الداخل مرتين، وذلك بمعية السدنة بعد القيام بفتح باب الكعبة.
يعد الشيخ الدكتور صالح بن زين العابدين الشيبي السادن 77 منذ فتح مكة بعهد الرسول، و109 منذ عهد قصي بن كلاب الجد الرابع للرسول (عليه الصلاة والسلام)، وحامل مفتاح الكعبة المشرفة، والذي تعطرت يديه بغسل الكعبة أكثر من 100 مرة.
وهو حفيد شيبة بن عثمان بن أبي طلحة، والذي قال لهم رسول الله «خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة، لا ينزعها منكم إلا ظالم».
والسادن الراحل من رجال الأسرة الشيبية، ولد في مكة المكرمة، حاصل دكتوراه في الدراسات الإسلامية، وعمل أستاذاً جامعياً. وله عدة مؤلفات في مجال العقيدة والتاريخ.
وانتقلت السدانة للدكتور صالح الشيبي بعد وفاة عمه عبد القادر طه الشيبي في عام 1435 هجرية.