السوشيال ميديا، جزءاً لا يتجزأ من حياة الكثيرين في العصر الحديث، إذ أصبحت وسيلة رئيسية للتواصل والتفاعل مع الآخرين ومشاركة الأفكار والتجارب، إلا إنها لا تزال تثير العديد من التساؤلات بشأن تأثيرها على الفرد وعلى الجوانب النفسية والاجتماعية لحياته.
وتواجه السوشيال ميديا انتقادات متزايدة، حيث يعتقد البعض أنها قد تلعب دوراً في تعزيز السلوكيات النرجسية للأفراد، فالمنصات الاجتماعية تٌوفر بيئة يٌمكن للأفراد فيها إظهار أنفسهم بشكل مستمر، والتفاخر بإنجازاتهم، وجذب انتباه الآخرين، مما قد يؤدي إلى تعزيز الشعور بالأهمية الذاتية والرغبة في الانتباه والاعتراف، وهذا الاهتمام المٌتزايد بالذات والحاجة إلى التأكيد من قبل الآخرين قد يٌساهم في تطوير سلوكيات نرجسية لدى الأفراد.
ومن جانبه، قال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إن الشخصية تتكون من مجموعة من العوامل الأساسية مثل التربية، والتجارب الحياتية، وتتشكل حتى سن 14 عامًا، بعد هذا العمر، تتأثر الشخصية بخبرات الحياة الأخرى، وهنا يأتي دور السوشيال ميديا.
وأضاف «فرويز» خلال حديثه: «لا يمكن أن نقول أن السوشيال ميديا هي المسؤولة الوحيدة عن نمو النرجسية لدى الأفراد، لكنها بالتأكيد تلعب دورًا في تعزيزها».
وأشار الطبيب النفسي، إنه يتاح للأفراد عبر هذه المنصات فرصة الاستعراض المستمر لأنفسهم، والتفاخر بإنجازاتهم، وجذب الانتباه، مما قد يؤدي إلى زيادة الشعور بالأهمية الذاتية والرغبة في الاعتراف.
ونصح الطبيب الأفراد بضرورة الإدراك بأن السوشيال ميديا ليست مساحة لتظهر فيها فقط بصورة جيدة، وأنه من الطبيعي أن تواجه تحديات وصٌعوبات في حياتهم، موضحًا إن الشخصية النرجسية، تسعى باستمرار إلى تسليط الضوء على نفسها على هذه المنصات، لذا من المهم أن يتعامل الأفراد مع هذه المنصات بوعي وتوازن، وأن يحاولوا أن يكونوا أصدقاء لأنفسهم في المقام الأول، دون الحاجة الماسة لإثبات الكمال أو الانتباه المستمر من الآخرين.
وأشار «فرويز»، إلى أن استخدام التواصل الافتراضي بشكل مُتزايد، يُمكن أن يكون له تأثير سلبي على العلاقات الاجتماعية والتواصل الحقيقي بين الأفراد، فقد يؤدي هذا الاعتماد إلى تقليل التفاعل الوجه لوجه، مما يجعل الأفراد يتباعدون اجتماعيًا ويصعب عليهم بناء العلاقات الشخصية، كما يمكن أن يؤدي إلى انخفاض في مهارات التواصل الاجتماعي وزيادة في الانعزال الاجتماعي، مما يؤثر على الروابط الاجتماعية الحقيقية، بالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر هذا الاعتماد على العلاقات العائلية والصداقات، ويزيد من التوتر والقلق الاجتماعي بسبب مقارنة حياة الأفراد بحياة الآخرين على الإنترنت.
وأوضح «فرويز» إن تأثير العدد الهائل من الإعجابات والمشاركات على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يسهم في تعزيز النرجسية بشكل كبير، حيث يؤدي إلى تطوير سلوكيات النرجسية لدى الأفراد، و يبدأون في التفكير بأنفسهم بشكل مُبالغ فيه ويعتقدون بأنهم أكثر أهمية وقيمة من الآخرين بسبب عدد المشاركات والإعجابات التي يحصلون عليها على منصات التواصل الاجتماعي.
وأكد الاستشاري أن التركيز المُفرط على الإعجابات والمشاركات يؤدي إلى إنشاء صورة مثالية للذات على الإنترنت، حيث يقوم الأفراد بتحسين صورتهم الافتراضية وإخفاء جوانبهم السلبية، مما يُؤدي إلى زيادة الشعور بالفخر والغرور.