تأثير قوي لظاهرة النينيو، بدأ يظهر مع حلول منتصف شهر يناير، خاصة بعدما سجّلت درجات حرارة سطح البحر معدلات أعلى بكثير من المتوسط عبر المحيط الهادئ الاستوائي من جنوب هاواي إلى قبالة سواحل أمريكا الجنوبية، وذلك بعدما تم التأكيد على أنّ 2023 كان العام الأكثر سخونة على الإطلاق، مدفوعًا بارتفاع درجات الحرارة الناجم عن النشاط البشري، بالإضافة إلى نظام الطقس الطبيعي المسمى بظاهرة النينيو.
الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي «NOAA»، أعلنت أن ظاهرة النينيو قد تطورت عندما وصلت درجات حرارة سطح البحر في منطقة معينة من المحيط الهادئ الاستوائي إلى ما لا يقل عن 0.9 درجة فهرنهايت فوق المتوسط لمدة شهر على الأقل، مصحوبة بتغيرات في الغلاف الجوي، وتم الوصول إلى هذه المرحلة من الحدث الحالي لأول مرة في يونيو الماضي.
ويمكن لظاهرة النينيو أن تؤثر على أنماط الطقس على بعد آلاف الأميال في الولايات المتحدة وفي جميع أنحاء العالم، وبما أن معظم ظاهرة النينيو تبلغ ذروتها في أواخر الخريف أو الشتاء، فمن الممكن أن يكون لها تأثيرها الأقوى في الأشهر الباردة من العام، إذ أصبحت قوية في سبتمبر، وحافظت على شدتها حتى منتصف يناير، ومن المتوقع أن تنتهي في وقت لاحق من هذا الربيع أو أوائل الصيف أي حتى أبريل 2024 على الأقل وفقًا لـNOAA، التي أكدت استمرار ظاهرة النينيو في المتوسط من 9 إلى 12 شهرًا.
وعلى الرغم من أنه من المتوقع أن تضعف أو ربما تختفي، إلا أنه من المرجح أن تستمر ظاهرة النينيو في التأثير على نمط الطقس في البلاد خلال فصل الربيع، إذ يتسبب تأثيرها القوي في أن تكون الطبقة الشمالية من الولايات من ولاية واشنطن إلى ولاية ماين أكثر دفئًا بشكل عام من المعتاد في فصل الربيع، ويكون النصف الجنوبي من البلاد من كاليفورنيا إلى ولايات وسط المحيط الأطلسي أكثر برودة بشكل عام من المعتاد في فصل الربيع بعد شتاء النينيو القوي، وهذا هو الحال بشكل خاص في الصحراء الجنوبية الغربية.
وبعد انتهاء ظاهرة النينيو الباردة في أوائل عام 2023، أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بداية ظاهرة النينيو في يوليو الماضي، ويقول الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بيتيري تالاس: «عادةً ما تظهر تأثيرات ظاهرة النينيو على درجة الحرارة العالمية في العام التالي لتطورها، وفي هذه الحالة نجدها في عام 2024».
ونتيجة لارتفاع درجات حرارة سطح الأرض والبحر إلى مستويات قياسية منذ يونيو 2023، أصبح العام الماضي هو الأكثر سخونة على الإطلاق، وحذر «تالاس» من أن هذا العام قد يكون أكثر دفئًا.
وقال الفريق العلمي لتغير مستوى سطح البحر التابع لـ«ناسا» إنّ المدن عبر الساحل الغربي للأمريكتين قد تشهد المزيد من الفيضانات، ويرجع ذلك إلى زيادة وتيرة الفيضانات الناجمة عن المد العالي والتي يمكن أن تغمر الطرق والمباني المنخفضة بمياه البحر.
ووجد تحليل الفريق، أنه يمكن أن يؤدي إلى ما يصل إلى 5 أحداث فيضانات «واحدة كل 10 سنوات»، والتي لديها فرصة واحدة من كل 10 أعوام لحدوثها في أي عام معين، إذ يمكن أن تتعرض لا ليبرتاد وبالترا في الإكوادور لما يصل إلى ثلاثة من أحداث الفيضانات التي تستمر لمدة 10 سنوات.
وعلى الجانب الآخر، فإن أحد التأثيرات التي نشهدها بالفعل في أجزاء من الأمريكتين هو الجفاف الشديد، وتشير توقعات الخبراء إلى أن ظاهرة النينيو وتغير المناخ وارتفاع درجات حرارة المحيطات يمكن أن تجتمع لتمديد موسم الجفاف في أمريكا الوسطى والجنوبية.
وقد أدى الجفاف الشديد والحرارة إلى تبخر مياه أعلى من المعتاد، ولم يكن هطول الأمطار المحدود كافياً لملء البحيرة، ومع تضاعف تغير المناخ من تأثيرات ظاهرة النينيو الطبيعية، تتجه بحيرة تيتيكاكا نحو مستوى قياسي من الانخفاض.
وتعمل الآن ظاهرة النينيو أيضًا على تفاقم أزمة الجفاف في زيمبابوي، ويؤدي نقص الغذاء بالفعل إلى تعريض ما يقرب من 20% من سكان البلاد لخطر الجوع، بسبب ضعف المحاصيل في المناطق التي اجتاحها الجفاف حيث يعتمد الناس على الزراعة على نطاق صغير لتناول الطعام، وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة يوم الأربعاء الماضي، إنّه يعمل مع حكومة زيمبابوي ووكالات الإغاثة لتوفير الغذاء لنحو 2.7 مليون من سكان الريف في البلاد، بعدما ساهمت ظاهرة النينيو المناخية في أزمة الجفاف في جنوب إفريقيا.