متى يتحمل المسلمون المسؤولية؟

كلما حدثت مصيبة في الدول ذات الغالبية المسلمة سرعان ما يسارع البعض بإلقاء اللوم على ‘الآخر’، فلا حاجة هناك للبحث عن سبب آخر، هل هناك ثورة ضد الحاكم الديكتاتوري الجائر لشعبه، وهل هناك نزاع بين السنة والشيعة؟ لا.. الجواب دائما ‘الغرب’ هو المسؤول.
ومن هنا فالنزعة اللاعقلانية لتحميل الغرب القائم على التراث المسيحي- اليهودي مسؤولية كل فشل حاضرة في الشرق الأوسط، ومنذ وقت طويل. فعادة ما يقوم قطاع واسع من الناس من دول مختلفة وإثنيات وأيديولوجيات متعددة، وحتى أعداء ويواجهون بعضهم بعضا، بالإشارة لاتجاه واحد.
هذا الجنون للوم ‘الآخرين’ هو نتاج ردة فعل غير مدروسة ولا تفسير عقلانيا لتجنب تحمل المسؤولية.
دعونا الآن ننظر لما يجري في العالم العربي- الإسلامي، فهناك تيار متواصل لا نهاية له من الكراهية، كراهية الشيعة، كراهية الوهابية، كراهية السنة، كراهية العلويين، كراهية المسيحيين واليهود.. و..و..و إلى آخره.
فالحقد متأصل في تقاليدهم وثقافتهم ومقرراتهم التعليمية، وفي أسلوبهم القاسي السام الذي يعمل على تمزيق العالم الإسلامي لأجزاء، وهذا بالضبط ما يجري في مصر وسوريا ولبنان والعراق وليبيا، اليمن وباكستان وغيرها- المسلمون يقتلون المسلمين. وعليه فمن غير المعقول تحميل العالم المسيحي- اليهودي تعصب المسلمين وجهلهم، قسوتهم ووحشيتهم وانخراطهم في جنون الطائفية الوحشي.
ولا غرو فهذا هو نتاج جهود بعض رجال الدين، مما يشير لتدهور في عقيدتهم ونظام اعتقادهم. فنحن نعثر على هذا الحقد في كتب المسلمين، ونجده في خطاباتهم، هل رجال الدين هؤلاء حاخامات أم قساوسة؟ بالطبع لا، فهذا يكمن داخل نظامهم الفقهي حيث يقومون بتعليم ‘الآخرين’ الكراهية وبعمق. ولا أحد منهم يقول هؤلاء هم ‘إخوة وأخوات، دعونا نحب بعضنا بعضا’، هل سمعناهم مرة يتحدثون عن الحب والعطف؟ ولأننا نرى الكثير من رجال الدين وهم يحرضون على العنف ونراهم وبألسنتهم وهم يشرحون أهمية الكراهية، كراهية الآخر فلماذا إذن نلوم ‘الآخرين’؟ فما نراه هو أن المسلمين يذبحون المسلمين.
المسلمون يقتلون بعضهم بعضا، وكلا الطرفين يلتفت بعد ذلك ويلوم الغرب. فكيف يقوم الغرب بدفع المسلمين لقتل بعضهم بعضا؟ رجال الدين يوزعون الفتاوى التي تحرض على العنف الطائفي مثلما يوزعون الحلوى على الأطفال. فعلماء الوهابية يقولون إن كل المسلمين السنة ليسوا بمؤمنين ويجب تدميرهم، وعلماء السنة يقولون إن الشيعة غير مؤمنين وقتلهم واجب، والشيعة يقولون إنه من الواجب على الشيعي قتل السني لانه عدو.
إنهم علماء الدين هم الذين يقومون بالترويج لماركة العنف الطائفية، ويقومون بالدعوة للكراهية ودعوة أتباعهم لارتكاب المذابح، وعندما يستجيب أتباعهم لأوامرهم يلتفت نفس رجال الدين ويقولون إن اليهود والنصارى هم المسؤولون، وهو ما يثير الخجل. ماذا لو اتحد المسلمون وتوقفوا عن اعتبار بعضهم بعضا غير مؤمنين وحلوا مشاكلهم بدون استخدام القوة؟
ماذا عن منظمة التعاون الإسلامي التي تضم في عضويتها 57 دولة، والجامعة العربية التي تضم في عضويتها 22 دولة واللتين تقفان عاجزتين عن تقديم حل؟
إن الضرر الذي يتسبب به بعض علماء الدين مدمر بدرجة كبيرة، لأنه أدى لتضليل الكثير من الجهلة وبذر في عقولهم بذور الحقد. فهؤلاء العلماء يقومون بتطبيق دين اخترعوه هم بأنفسهم وأطلقوا عليه اسم الإسلام، وفي هذا الدين يتسيد الحقد والعنف والظلام ولا يلتفت لقيم الحياة الإنسانية وقلوب أتباعه خالية من الحب والعطف. فهم يتحدثون دائما عن العداء وتبني سفك الدم باسم الإسلام، ونشر الكراهية ضد المسيحية واليهودية وحتى ضد المسلمين. فأتباع هذا الدين هم قساة ومضللون وبالتأكيد ليسوا مسلمين ولكنهم راديكاليون متعصبون.
وعليه يجب علينا كمسلمين التوقف عن توجيه أصابع الاتهام للغير وتحميلهم مسؤولية مشاكلنا. لقد حان الوقت كي يتحمل العالم الإسلامي المسؤولية ويتساءل حول ما حدث وكيف حدث، ولماذا يجري سفك دم كثير. وعليه أن يكتشف أن إسلاما يقوم على القرآن لا يتم تطبيقه، بل حل محله في بعض الدول الإسلامية دين قائم على البدع والخرافات والمعتقدات المحلية والتعصب، وجعل التدين مجرد طقس.
يجب وقف كل أشكال الكـــــراهية وعلى المسلمين اعتناق روح القرآن وتعاليمه التي تقوم على الحـــب والعطف والأخوة للجميع.
“القدس العربي”

اقرأ أيضا

الصحراء المغربية

منزلقات تأويل موقف روسيا من المينورسو

أثار التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص التمديد لبعثة المينورسو جدلا كبيرا في مختلف …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *