هل من المتوجب أن نستغل فرصة الصواريخ التي تسقط فوق رؤوسنا لنزيد من عدد أعدائنا ؟ أم الأجدر بنا بناء تحالف أخوي متين يزيدنا قوة ومنعة وبركة ؟! وهل في ظل الأزمة يجوز لنا أن نستعدي الآخرين بمعنى أن نفتح على أنفسنا جبهات جديدة بدلا من أن نغلقها؟
كيف يكون الوعي بالمخاطر كبيرا، إن لم نكن واعين مدركين متعقلين، وان لم يكن هدفنا واضحا نصوب نحوه كل السهام، و قابلا للتحقيق في ظل عدوان يحرق الأخضر واليابس؟
وهل لنا أن نتعلم من حربين سابقتين ضد فلسطين وشعبها، وضد غزة (2009 ، 2012 ، وها هي 2014) أم يجب أن نمثل دوما دور الضحية أمام فضاء دولي قلما يسمع ليستجيب، ثم يعلو صوتنا هادرا بكثير من الاشتراطات، لنصل في النهاية إلى بحّة في الصوت حين حصول التهدئة مقابل تهدئة وشروط جديدة تفرض علينا مع آلاف المشردين والشهداء والجرحى؟
وهل نفتح أبواقنا ونُظهر كل قسوتنا وتجبرنا وتحيزنا ضد مخالفينا في الرأي من أخواننا لمجرد أنهم يخالفوننا؟! فيصبح العدو أخي؟! كما حدده “خليفة داعش” دون الصهاينة، فنشكك ونتهم ونخوّن ونكفّر بل ونطعن ونلعن اليوم الذي عرفناهم به؟ فنحن الأبطال دون سوانا، ونحن العظماء، ونحن أحباب الله، ويجب أن نكسب على حساب فقدان الأخ والصديق والسند وعلى حساب شعبنا ودمائه الزكية؟
هل يجوز أن نستخدم ضد بعضنا البعض الدعاية السوداء وصناعة الكذب و(البروباغندا) وقصف العقول بالشائعات والتشويهات عوضا عن التكاتف والتآزر والتوحد في مواجهة العدو؟
هل أن الحرب الدائرة اليوم فرضت علينا أم تم استدرجنا إليها؟! وكيف ذلك، ونحن في وعي وإدراك وعقل؟!
في ظل القصف والدمار وأزيز الطائرات والقنابل تصبح عدد من الأسئلة المطروحة ترفا، فالواقع الآن هو حرب وعدوان نحتاج فيها -اثر تجاربنا السابقة- الى تحديد الهدف بدقة لنتمكن من تحقيق الانتصار لشعبنا، فلا تذهب تضحياته هباء منثورا أوتصبح عصفا مأكولا على عكس ما نريد؟
إن الأسئلة والافكار المطروحة أعلاه والتي استمعت إليها وناقشتها مع عديد المتدخلين والمحللين وضمير الناس وممن قابلتهم، سواء الفكرة أوالسؤال المترف منها أوالبريء أو اللئيم أوالضروري- واستنادا لتجاربنا السابقة- يجب أن تنقلنا لمربع آخر جديد ، نخرج فيه كليا من المناكفات الحزبية المقيتة ، ونخرج فيه كليا من تصيّد الأخطاء ومن تلاعب خفافيش الشابكة (الانترنت) وكوادر الإعلام المتخصصين من المشبوهين والحاقدين والموتورين في دفعنا لتدمير بعضنا البعض فيهنأ العدو وتنجح حملته النفسية كما عدوانه النازي، فندخل منطقة “البنيان المرصوص” الآمنة، منطقة كل الأقلام والأسلحة باتجاه العدو فقط..
وكذلك يجب أن نخرج كلنا من العقلية الاستعراضية والشعاراتية والخطابية الفارغة التي نتيجتها فقط الندم مع صورة إعلامية مشوهة وليست بهيجة . وعلينا الحذر الشديد عند رفع شعارات كبيرة نرفعها، ونحن تحت العدوان وتحت وطأة العاطفة أو طغيان التفكير السلبي، وأثناء الحرب في إطار مناكفات حزبية مقيتة، ولهدف استثارة الناس فقط، لنعود ونتغنى بانتصار، ما هو كذلك وأنات مئات الجرحى والشهداء تعانق عنان السماء.
لنكون ثوارا ولنكون منصورين فإن للبشائر والفئة المنصورة شروط يجب أن تتوفر حيث لا ينفع معها التهديد والوعيد وعلو الصوت والتخوين وخلق الفتن، وصناعة الأكاذيب، ولا ينفع معها الشعارات الخلابة واللعب على أوتار القلوب ومشاعر الشعب الجارفة ، فنطعمهم الهزائم وكأنها انتصارات عظمى لم يتحقق بها أي هدف.
كيف نكون ثوارا وكيف نكون فئة منصورة ونحن نمارس المقاومة بعقلية (الحزب) لا (الجماعة المتكاتفة)؟ وكيف نمارس الثورة ونحن نبغي الكسب (الفئوي) (الإعلامي) لا مصلحة الناس والقضية ؟ وكيف نكون ثوارا ونمارس التحريض ضد بعضنا البعض؟ وكأننا في بحبوحة، هي أيضا من الأسئلة المتداولة بكثرة هذه الأيام.
تترابط لدى البعض منا قيم السلبية القصوى من (تخوين وتكفير واتهام) والتشويه بالدعاية السوداء والرمادية لمن يخالفنا أثناء الحرب؟! ونحن أحوج ما نكون لقطرة دم، أو كلمة حق،أو تظاهرة تسري عنا، أو لما يُخطّ بقلم أو منشور داعم لنا، سواء على الفضائيات أو الصحف أو حتى على “الفيسبوك”، أو في وسم على وسائل التواصل الاجتماعي يدعم شعبنا وقضيتنا، أو في أقلّه إلى دعاء من أخوة في البعيد، وأكف ترفع للسماء.
كيف نكون ثوارا؟ وكيف نكون ممن سيدخلون الجنة زُمَرا؟ وكيف نكون أنصار الله لينصرنا ونحن نتقاتل داخليا أكثر من عدد الصورايخ التي تطلق على تل أبيب والقدس والخضيرة ومحيط غزة ؟
وكيف نتوسم من الله سبحانه وتعالى أن يمدنا بالملائكة لننتصر وعيوننا على (السلطة) أوعلى الكرسي، أوعلى تكريس الأمر الواقع لمصلحتنا الحزبية الفئوية، لا على حماية شعبنا وتجهيزه مسبقا للثبات والصمود، وعلى النصر على العدو؟
إن الثائر في جدل لا ينتهي مع عقلية الموظف الكسول أو المعوقين للعمل، والثائر في رفض مطلق لمنطق الشخصية السلبية، والثائر هو المبادر دوما، الذي يفتح صدره وقلبه ويديه فيزيد من السعة والمساحة فيسامح ولا يؤاخذ ويشارك ولا يحتكر ويسعد بجهد الآخرين ولا يتبرم أويقسو.
والثائر هو السعيد بإخوانه ويرى في شد العزيمة بهم مكسبا واقترابا من النصر ، والثائر هو الذي يضع روحة على راحتة ليحمى أخاه وأهله وأرضه، ويفدي بنفسه هو لمرضاة الله سبحانه وتعالى، وليذهب الحزب أوالفصيل الإقصائي أو القائد المناكف أو الجماعة العنصرية، أو الغرور الفردي أو الحزبي إلى الجحيم!
كيف نكون ثوارا إن لم نتعلم: أن خطابنا التفريقي التمييزي الحصري الاقصائي الأسود المشحون بالسلبيات خطاب سوء، وكيف نكون ثوارا ومناضلين ومجاهدين إن لم نقترب من بعضا أكثر فأكثر في جفنة واحدة تجمعنا بلا استبداد أو استئثار أو احتكار أو اقصاء!
ألم نتعلم بعد كل الحروب ضد شعبنا الأبي البطل، وبعد حربين قريبتين على فلسطين وغزة لم يمر عليها عدة سنوات أن قوتنا في وحدتنا، وان محيطنا العربي سندنا الأكبر – مهما شعرنا بتقصير هنا وهنالك – الذي الذي يجب أن نستجلبه، لا أن نعهر به خدمة لأغراض حزبية أو فئوية مقيتة على حساب الشعب .
إن أخلاق الثوار هي أخلاق المحبة والرحابة والتضحية والفدائية التي تقبل الأيدي الممدودة ولا تقطعها، مهما كان حجم ما تضمّه، فتشكر الناس وتثني عليهم ولو قدموا أقل القليل، وتطلب المزيد بمحبة، وترفض بالمقابل الألسنة الحداد ، وتجّار الفضائيات.
إن الفئة المنصورة هي التي يكون لها من الرباط والإعداد والقوة أن تحدد الهدف بدقة، وان يكون العدو واضحا محددا أمامها لا ثاني له، وأن يكون الشعب قد أُحسن إعداده حياتيا لخوض المعركة، لا أن يُقحم اقحاما، فالأولوية أثناء العدوان يجب ألا يشغلنا عنها مطلقا أية قضايا ثانوية ، ويجب ألا نوازيها أبدا بأخطاء أي من الأخوة أوالشركاء أو الحلفاء.
الثائر في الحرب يغفر للجميع أخطاءهم السابقة، ويتغاضى عن الكثير لأن الهدف واضح أو يجب أن يكون كذلك، وبعد انقضاء الغرض بالوحدة الوطنية وتسديد الرمي وانتصار الحق، فإن معركة الحساب الداخلي تعني بالضرورة أن نستفيد من أخطائنا ونصوّب أنفسنا لا أن نعيش وهم الانتصار أو وهم النزاهة، أو فتنة السلاح.
كي نكون ثوارا يجب أن نكون إخوانا بكل بساطة، وكي نكون ثوارا فإن المساحة التي تجمعنا هي أكبر من كل مساحات الخلاف ، وكي نكون ثوارا ندعو من الله لنا النصر، يجب أن نكمم أفواه الفتنة وأبواق الشر وتجار الشائعات وصناعة الأكاذيب والدعاية السوداء ضد بعضنا البعض، لنرسم خطا لا نتجاوزه.
أن انتصارنا ضد العدوان في وحدتنا، وتنقية ثوبنا، وفي توجهنا يدا واحدة وصفا غير ذي عوج، وفي إيماننا بالله وثقتنا بقضيتنا وبأنفسنا وقيادتنا وشعبنا وأهدافنا وقيمنا النضالية، نحو الهدف المركزي فنصعد معا لُجّة البحر والنوء العاصف مطمئنين في مركب النصر.
اقرأ أيضا
المفتي العام للقدس يشيد بالدعم الذي يقدمه المغرب بقيادة الملك لدعم صمود الشعب الفلسطيني
أشاد المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ محمد حسين، اليوم الأحد …
المنتدى المغربي الموريتاني يرسم مستقبل تطور العلاقات بين البلدين
أشاد المنتدى المغربي الموريتاني، باللقاء التاريخي بين الملك محمد السادس والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ …
مكسيكو.. مشاركة مغربية في مؤتمر دولي حول حماية البيئة
شارك الأمين العام لحزب الخضر المغربي ورئيس أحزاب الخضر الأفارقة، محمد فارس، مؤخرا بمكسيكو، في مؤتمر دولي حول حماية البيئة.