لم يحد الشاعر محمد بلمو عن يقينه بالقصيد لموازنة الامل باليأس فيتبدد البرزخ الزئبقي بينهما، بصيرته شذرات تزهر في خطى روحه متأبطا تعريفاته البدائية كنذر للمدى.
هكذا ينهل الشاعر الجد من مجازه ليشكل من الرماد عطرا لأريج الحفيدة ليبدد من كيماوية الالم فيهديها الطبعة الثانية من مجموعته الشعرية الثالثة “رماد اليقين” التي صدرت طبعتها الأولى سنة 2013، بينما ستكون الطبعة الثانية في المتناول في مستهل شهر شتنبر المقبل.
“غياب” ، “رماد اليقين”؛ “لو بمقدورى”، “حلم”، “هل أنا الريح أيها الحداد”، “لا موطئ قلم لى”، “ورشات مرتبكة ضد الموت”، “تعريفات بدائية جدا”، “هل يحدث أن” نصوص شعرية تختلف وتتنوع فى حجمها وصيغها ونبراتها، وتراوح بين النص والشذرة أو النص المُتَلَولِب عبر مقاطع شذرية؛ النص بصفته آلية تنبسط وتنثنى لإنتاج المعنى والدلالة، والشذرة باعتبارها تحايلا تعبيريا لتكثيف معنى واسع وعميق فى أقل ما يمكن من الكلمات”.
هكذا يستهل الناقد عبد الجليل الأزدي تقديمه للديوان، فيما يرى الباحث الدكتور محمد الديهاجي أن المجموعة موسومة ب «شعرية الضرير» الذي يتلمّسُ طريقه بعُكّاز الشك والريبة. هي شعرية، تنهض على القلب والمفارقة، أي إنها تسعى جاهدة إلى قلب نظام القيم والأشياء. كما يرى في قراءته للديوان أن الكتابة عند محمد بلمو تُضاعفُ دوالها، في ثنيات المتخيل، مُنطلقة من المرجعية إياها، من خلال توالج مجموعة من المدوّنات فيما بينها، مدونات تراوحت ما بين حضور الفلسفي والديني والمكاني، مضيفا قوله إن الشك أصبح مبعث قلق وجودي عند الشاعر، الشكُّ في القيم، والأفكار، والإيديولوجيات، والذات نفسها، فالحقائق التي كانت إلى الأمس القريب ثابتة ولا يُمكن، البتة، الشكُّ في مصداقيتها، ستتحول مع مرور الوقت إلى سراب ورماد، بضربة من مُيولاتها الواثقة والوثيقة. ويشمل الشك في الذات وفي رابطة الانتماء وفي الوجود.
أما الأديب والباحث السوسيولوجي الدكتور عبد الرحيم العطري فيرى أن الشعر عند محمد بلمو معاناة ومكابدة مستمرة، وأن القصيدة عنده قد تأخذ شهورا كي تكتمل بهاء. القصيدة لا تأتيه ساجدة متى شاء، لكنها عندما تأتي تكون بهية شامخة وفاتنة في عيد الحب والإنسان.
في حين يصف الشاعر عبد العاطي جميل قصائد بلمو بكونها مطرا مخضبا بالذكريات والآهات الجميلة، مدينا تفاهة الواقع المقيت، وتهافته الذي اندلع كاللهيب في حقول البهاء.» إن بلمو ـ يضيف الشاعر جميل ـ أعاد في قصيدة «التعريفات البدائية» صياغة العديد من المفاهيم في لحظات شعرية مكثفة، كاليسار والشعر والقطيعة والحمام والسياسة والظلم واليأس والسعادة والمرأة والتاريخ وغيرها من المفاهيم التي تتجاوز الأربعين والتي تناولها كما يفهمها هو من خلال صور شعرية مكثفة.
للإشارة فإن للإعلامي والشاعر بلمو إصدارين شعريين، “صوت التراب” صدر سنة 2000 ضمن منشورات اتحاد كتاب المغرب، و”حماقات السلمون” الذي صدر سنة 2007 مشتركة مع الشاعر عبد العاطى جميل، كما ستصدر له خلال هذه السنة مسرحية مشتركة مع السيناريست والكاتب المسرحي عبد الإله بنهدار بعنوان “حمار رغم أنفه” ضمن منشورات دار أبي رقراق.