تحدثت عدة مصادر سياسية واعلامية عن تعديل الدستور في الجزائر، وذلك بصيغ مختلفة، مشيرة إلى أن ذلك لن يتم عبر الاستشارة الشعبية كما تقتضي القواعد الديمقراطية في العالم، وإنما عبر الآلية البرلمانية.
وفي هذا السياق أوردت ” الشروق أون لاين” الجزائرية مقالا في الموضوع، أكدت فيه أن الحديث عاد فعلا بقوة هذه الأيام عن تعديل الدستور، وتواترت الأنباء وتنوعت المصادر، مؤكدة حسم الرئيس بوتفليقة في المسودة النهائية للمشروع، والذي ينتظر أن يرى النور قريبا.
وأضاف نفس المصدر، أنه رغم التعتيم الإعلامي الذي فرض على الورشة المتبقية من ورشة الإصلاحات السياسية التي أطلقها الرئيس في العام 2011، في أعقاب انفجار ما عرف بـ”الربيع العربي”، إلا أن التسريبات لم تتوقف، ما يعزز قرب نهاية فصول هذا المسلسل، لكن ليس وفق الآلية التي سبق للرئيس وأن أعلن عنها، وهي الاستشارة الشعبية، وإنما عبر الطريق الأقصر والأسهل، وهي البوابة البرلمانية.
ومن بين هذه التسريبات، ما أوردته أمس، مجلة “جون أفريك” الفرنسية، التي قالت إن الرئيس بوتفليقة أحال نسخا من مسودة الدستور، على رئيسي غرفتي البرلمان، عبد القادر بن صالح، ومحمد العربي ولد خليفة، وكذا المجلس الدستوري، تحسبا للشروع في إجراءات المصادقة على الوثيقة النهائية للدستور.
ولم تخرج التسريبات التي حملتها المجلة الفرنسية المعروفة بعلاقاتها داخل أروقة وردهات مؤسسات الدولة، عن التعديلات التي تداولتها تسريبات سابقة، وهي العودة إلى العمل بنظام العهدة الواحدة القابلة للتجديد مرة واحدة، مثلما كان الحال في دستور 1996، قبل تعديله في العام 2008، من قبل الرئيس بوتفليقة.
كما أشير أيضا إلى العودة للعمل بمصطلح رئيس الحكومة بدل الوزير الأول، مثلما هو معمول به حاليا، منذ مراجعة 2008، والتي جعلت من الرجل الأول في قصر الدكتور سعدان، مجرد منسق بين الوزراء، لا يملك غير دعوتهم للاجتماعات، حسب عارفين بالقانون الدستوري، عكس رئيس الحكومة الذي كان يتوفر على صلاحيات أوسع وأكبر، حسب دستور 1996.
ويبدو أن المطالب التي شدد عليها حزب جبهة التحرير الوطني، عبر أمينه العام، عمار سعداني، في خرجاته السابقة، قد أتت أكلها أخيرا، حيث تشير التسريبات المتعلقة بهذا الجانب، إلى أن رئيس الحكومة في التعديل المرتقب، سيتم اختياره من الحزب الفائز بالأغلبية البرلمانية، على غرار ما هو معمول به في الديمقراطيات العريقة وحتى الناشئة.
ومعلوم أن هذا المبدأ لم يتم العمل به منذ إقرار الانفتاح السياسي في دستور 1989، ومن بعدها دستور 1996، ثم تعديل 2008، بحيث ظل رئيس الجمهورية غير ملزم باختيار رئيس الحكومة من الأغلبية النيابية، وهي القضية التي كانت محل تباينات في وجهات النظر بين الفاعلين السياسيين، وحتى خبراء القانون الدستوري، إذ في الوقت الذي يرى البعض أن الدستور يلزم رئيس الجمهورية بتكليف الحزب الفائز بالأغلبية النيابية بتشكيل الحكومة، رأى البعض الآخر من السياسيين والقانونيين، أن القاضي الأول غير ملزم باختيار رئيس الحكومة من الحزب الفائز بالأغلبية في الغرفة السفلى للبرلمان.
وهكذا قاد الأمين العام السابق للتجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، الحكومة في أكثر من مرة على الرغم من أن حزبه لم يكن يحوز على الأغلبية منذ تشريعيات 1997 المثيرة للجدل، أما الفترة القصيرة التي قاد فيها الأمين العام السابق للحزب العتيد، عبد العزيز بلخادم، الحكومة، فلم تكن بناء على نص الدستور، وإنما لاعتبارات أخرى لها علاقة بالولاءات السياسية أو بالتوازنات داخل دواليب السلطة، فيما تم اختيار رؤساء حكومات غير متحزبين وهو شأن الوزير الأول الحالي، عبد المالك سلال.