بعد أن فقدوا الأمل في تطوير اقتصادهم، جنرالات الجزائر يدشنون رحلة انهياره بشرعنة التهريب وتجارة العملة!

بقلم: هيثم شلبي

منذ أن نجح جنرالات النظام العسكري في الجزائر في إسكات الحراك الشعبي المطالب بإسقاطهم، لم يترك هذا النظام وإعلامه الدعائي، وعلى رأسهم الرئيس “المعين” عبد المجيد تبون، فرصة إلا وانتهزوها من أجل الترويج لأكاذيب “القوة الاقتصادية الثالثة” في أفريقيا، والتي تتجه لتصبح القوة الثانية قبل نهاية العام المقبل؛ والحديث عن تحقيق طفرة في الصادرات غير النفطية؛ والترويج لجعل الجزائر قبلة للمستثمرين بعد أن كانت قبلة “للأحرار”؛ وتحقيق الاكتفاء الذاتي في القمح وباقي المواد الغذائية الأساسية؛ وغيرها من الشعارات التي لم تسهم يوما في إعفاء آلاف الجزائريين من الوقوف في طوابير الحليب والسكر والقهوة والزيت والبقوليات وغيرها من احتياجاتهم الأساسية!

دعاية، كانت -ومنذ اليوم الأول- مثار تندر وسخرية الجزائريين في الداخل، والمراقبين والمهتمين بالشأن الجزائري في الخارج، لعلم الجميع بكذب كل رقم وإحصائية يوردها الرئيس تبون وأبواقه الإعلامية، بل واستحالة تحقيق أي منها. إن شروط تحقيق أبسط شعار من الشعارات المرفوعة “للجمهورية الجديدة” هي ببساطة غائبة كليا، وبالتالي فتحقيق أي من هذه الأحلام -حتى لا نقول الأوهام- هي أقرب للاستحالة، لا على صعيد تحسين وضع الاقتصادي الداخلي، ولا على صعيد زيادة حضور الجزائر في محيطها الإقليمي والقاري، اقتصاديا على وجه الخصوص. فالحكومة بعجز موازنتها المسجل عام 2025، والذي يتجاوز 50%، وهو رقم قياسي يكاد يكون دوليا؛ والقطاع الخاص بعشرات الكوابح والمعوقات التي تمنعه من النمو والتطور في بلاد النهب الممنهج والتحكم المباشر، هما عاجزان تماما عن تحقيق أبسط ما يروجون له من أكاذيب.

ولمن لا يزال بحاجة إلى دليل على ما نقول، فقد تطوع الرئيس تبون وحكومته، وخلال أسبوعين فقط، في تقديم هذا الدليل، وذلك عبر إصدار قرارين “كارثيين” يؤكدان خروج الوضع الاقتصادي عن السيطرة تماما. فقد اخترع النظام العاجز فئة “اقتصادية” جديدة اجتهد في اختراع اسم لها، فأطلق عليها فئة “المستورد الذاتي” والتي هي صفة جديدة “للمقاول الذاتي” الذي يشترط فيه أن لا يكون أجيرا، وأعطاها الحق في “استيراد بضائع بقيمة 24 ألف يورو شهريا، بحيث تكون معفاة من رسوم الاستيراد، وتفرض على بضائعها رسوما جمركية لا تتجاوز 5%. هذه الميزات، ستحول الجزائريين عموما إلى “مهربين” أو لنقل “مستوردين ذاتيين”، وتقضي على جميع الأنشطة التجارية التي تمارسها المقاولات المثقلة بالرسوم والجمارك التي تتجاوز 60%. وحتى تكتمل الفضيحة، يطلب من كل “مهرب ذاتي” أن يمتلك حسابا بنكيا بالعملة الصعبة المقتناة حصريا من السوق السوداء، أو أي مصادر “مجهولة”، دون أن يكون من حق البنك السؤال عن مصدر الأموال، بمعنى أدق، هو شرعنة للتهريب ولتبييض الأموال في آن واحد، وتمهيد الطريق أمام الانهيار التام للدينار الجزائري الذي تراجع خلال أيام في السوق السوداء من 250 دينارا مقابل الأورو، إلى 270 دينارا، مع توقع كسر حاجز ال 300 دينار مقابل الأورو خلال الأيام المقبلة.

وحتى تكتمل رحلة “السقوط الحر” للدينار الجزائري، ومعه الاقتصاد الجزائري، فقد تقرر تفعيل قرار الرئيس الجزائري حول منحة السفر التي ارتفعت من 100 أورو للفرد البالغ سنويا، إلى 750 أورو (و300 أورو للقاصرين)، خلال الأسبوع المقبل، ليصبح في إمكان كل جزائري بالغ شراء الأورو من البنوك مقابل 150 دينارا، وإعادة بيعه بعد أسبوع بقيمة 270 دينارا (وقريبا بقيمة 300 دينار)، الأمر الذي سيحول الجزائريون عامة إلى “تجار عملة” بشكل رسمي، ويتم تفريغ رصيد البلاد من العملة الصعبة الذي يتباهى به الجنرالات خلال زمن قياسي. إن ترجمة بسيطة لهذه الأرقام تقول بأن أبسط أسرة جزائرية مكونة من أب وأم وطفلين، سيكون بإمكانهم شراء 2100 يورو من البنوك الرسمية للأسرة، مقابل 315 ألف دينار، وإعادة بيعه بعد أسبوع في السوق السوداء مقابل 567 ألف دينار (وقريبا 630 ألف دينار)، وربح الفارق الذي يبلغ 252 ألف دينار (وقريبا 315 ألف دينار، أي الضعف)!!

وهكذا، يقع الاقتصاد الجزائري أسيرا لحركة شراء اليورو من البنوك بمنحة السفر، وبيعها في السوق السوداء للمهربين الذاتيين، ناهيك عن ملايين الدنانير التي سيتم تبييضها عبر هذا الأخير، لتكتمل حلقات “إفلاس” البلاد وانهيار اقتصادها.

لقد اختار النظام الجزائري بهذه القرارات العبثية، دفع الجزائريين إلى “الخلاص الفردي” بعد أن عجز عن تأمين هذا الخلاص عبر الاستثمار والتجارة المؤسساتية المشروعة، لتبقى الأنظار مشدودة حول من سيرفع الراية البيضاء أولا: البنك المركزي الذي سيفرغ من رصيده من العملة الصعبة، أم الدينار الجزائري الذي سيقفز قفزات صاروخية في السوق السوداء خلال مقبل الأيام، وهما خياران كارثيان “أحلاهما مر”، ويؤديان في المحصلة إلى نفس النتيجة: انهيار ثالث أكبر اقتصاد في أفريقيا، ومعه انهيار الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد!

خلاصة القول، أننا بالإعلان عن هذين القرارين، نشهد إعلانا رسميا عن انهيار “الجزائر الجديدة”، والفصل الأخير في ولاية الرئيس تبون قبل أن يكمل حتى نصف ولايته، وهو ما يفتح مستقبل البلاد، حرفيا، على المجهول!

اقرأ أيضا

الصحافي الفرنسي كريستوف غليز

لإنقاذه من 7 سنوات بسحن الجزائر.. عائلة الصحافي الفرنسي غليز تنسق مع منظمات دولية

أعرب أقرباء الصحافي الرياضي الفرنسي كريستوف غليز، أمس الخميس، عن أملهم في أن يصدر الرئيس الجزائري عفوا عنه بعد تأكيد محكمة استئناف حكم السجن سبع سنوات الصادر بحقه، فيما وعد قصر الإليزيه بمواصلة “العمل” حتى إطلاق سراحه.

Douzi

الدوزي يشوق الجمهور لعمله الجديد

يستعد الفنان المغربي عبد الحفيظ الدوزي، خلال الأيام القادمة، لطرح أغنية جديدة، وفق ما كشف …

السلطات البريطانية تفرج عن 91 سجيناً بالخطأ!

تواجه الحكومة البريطانية ضغوطاً متزايدة بعد إطلاق سراح أكثر من 90 سجيناً عن طريق الخطأ، …