مشاهد 24 موقع مغربي إخباري شامل يهتم بأخبار المغرب الكبير
في خطوة هامة اعتبرها مراقبون تحوّلاً استراتيجيًا في موقف لندن من قضية الصحراء المغربية، أعلنت بريطانيا، العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، أمس الأحد، دعمها القوي لمقترح المغرب بشأن الحكم الذاتي في الصحراء، باعتباره “الأساس الأكثر عملية ومصداقية”.
وتعتبر المملكة المتحدة “مقترح الحكم الذاتي، المقدم (من قبل المغرب) في 2007، بمثابة الأساس الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق وبراغماتية من أجل تسوية دائمة للنزاع” الإقليمي حول الصحراء المغربية، و”ستواصل العمل على الصعيد الثنائي، لاسيما في المجال الاقتصادي، وكذلك على الصعيدين الإقليمي والدولي، وفقا لهذا الموقف، من أجل دعم تسوية النزاع”.
وتم التعبير عن هذا الموقف في بيان مشترك وقعه، أمس الأحد بالرباط، وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية، ديفيد لامي، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة.
وفي الوقت الذي رحبت فيه الرباط بالموقف البريطاني الذي وصفته بـ “التاريخي”، أعربت الجزائر عن “أسفها” للتغير في موقف لندن.
وحيال ذلك، قال محمد الغيث ماء العينين، نائب رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، إن الموقف البريطاني الأخير، الذي عبّرت عنه وزارة الخارجية البريطانية بدعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدّم بها المغرب لحلّ النزاع حول الصحراء، “يمثل خطوة نوعية وإن بصيغة دبلوماسية رزينة”.
وأضاف الخبير في قضية الصحراء وقضايا التنمية، أن بريطانيا، وعلى غرار قوى دولية وازنة، باتت تقتنع بأن الحل الوحيد الواقعي والقابل للتطبيق هو ذاك الذي يضمن سيادة المغرب ويمنح في الآن ذاته آلية تدبير ذاتي ديمقراطي للساكنة، في إطار جهوية متقدمة، كما هو الحال في النموذج المغربي.
وأكد المتحدث، أن دعم الحكم الذاتي بلغة القانون والسياسة هو دعم للسيادة، ولا يمكن تفكيك أحدهما عن الآخر. فالحكم الذاتي لا يُمنح إلا من دولة ذات سيادة، وهو ما يجعل من هذا الموقف البريطاني اعترافًا ضمنيًا، ولكن صريحًا دبلوماسيًا، بسيادة المغرب على صحرائه. قبل أن يستدرك “هذا بالضبط ما يُفسر حساسية الجزائر المفرطة تجاه هذا الطرح، ومحاولاتها المستمرة للطعن في المبادرة رغم إشادة مجلس الأمن المتكررة بها واعتبارها “جادة وذات مصداقية”.
وأبرز الخبير في قضية الصحراء، أن بيان الخارجية الجزائرية الذي أعقب الموقف البريطاني، يكشف مرة أخرى عن الارتباك الذي تعيشه الدبلوماسية الجزائرية.
وزاد مفسراً “الجزائر تأسف للدعم البريطاني، ثم تُسارع إلى طمأنة نفسها بأن لندن لم تذكر صراحة “السيادة المغربية”، وكأن الأمر يتعلق بلعبة ألفاظ، لا بمضامين ومواقف واضحة. بل إن البيان ينتهي إلى ما يشبه الاعتراف بتقلص دور الجزائر إلى مجرد طرف “يأخذ علما”، ويسجل ملاحظات لا أثر لها في ميزان التأثير الحقيقي داخل مجلس الأمن أو خارجه.
الصحراء المغربية.. بوابة استراتيجية
وأكد ماء العينين، أن الموقف البريطاني لم يكن معزولًا، بل يترافق مع تعاون اقتصادي متزايد مع المغرب، خصوصًا في الأقاليم الجنوبية. فالاستثمارات البريطانية في مجالات الطاقة والخدمات اللوجستية ومشاريع البنية التحتية تعكس إيمانًا عمليًا بكون الصحراء المغربية بوابة استراتيجية نحو إفريقيا جنوب الصحراء، وأن الشراكة مع المغرب في هذه المناطق ليست فقط مشروعة، بل واعدة ومربحة.
ويعتقد المتحدث، أن بريطانيا، من خلال هذا الموقف، تُضيف لبنة جديدة في مسار الاعتراف الدولي المتصاعد بمبادرة الحكم الذاتي، بينما تستمر الجزائر في الوقوف عند خطاب خشبي تجاوزته الديناميات الدولية والإقليمية.
