انطلقت أمس الاثنين مناورات “الأسد الأفريقي” بشراكة بين القوات المسلحة الملكية المغربية، والقوات المسلحة الأمريكية، وستستمر إلى غاية 31 ماي الجاري، بمشاركة قوات متعددة الجنسيات.
وتعد دورة هذه السنة خاصة للغاية، فهي تصادف الذكرى الـ20 من انطلاق هذه المناورات الأبرز على مستوى القارة الأفريقية.
ويرى مراقبون أن دورة 2024 تأتي في سياق إقليمي ودولي متوتر، كما تكرس التعاون الوثيق بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية.
وحيال ذلك، قال المحلل السياسي محمد شقير، إن انطلاق هذه المناورات يتزامن مع زيارة وفد أمريكي رفيع للمغرب تترأسه مساعدة وزير الدفاع الأمريكي للتباحث بشأن عدة قضايا تهم التعاون العسكري بين البلدين، مما يعكس تزايد التنسيق بين الرباط وواشنطن، وتأكيد الولايات المتحدة على تقوية علاقات الشراكة العسكرية التي تشمل عدة مناحي تدريبية واستخباراتية؛ وكذا اقتناء العتاد العسكري المتطور.
وأكد شقير في تصريح لـ”مشاهد24″، أن الولايات المتحدة تعتبر المغرب بلداً مستقراً، ويتوفر على جيش متمرس، الذي بإمكانه مواجهة التهديدات الإقليمية والدولية التي تتعرض لها منطقة شمال إفريقيا ودول الساحل.
وفي تحليله للسياق الدولي الذي جاءت فيه مناورات “الأسد الأفريقي” في نسختها العشرين، يوضح المتحدث، أن هذا التمرين الهام يأتي في سياق جيوستراتيجي خاص يتمثل في الفراغ العسكري والسياسي الذي خلّفه الخروج الفرنسي من دول الساحل، والذي استتبع إجلاء الولايات الأمريكية لقاعدتها العسكرية بالنيجر، مما سمح لروسيا بالتمدد بحُرية أكبر من خلال انتشار قوات ما أصبح يسمى بالفليق الروسي التي عوضت قوات “فاغنر”.
وأشار إلى أن ذلك “يعكس رغبة روسية في التواجد العسكري بالمنطقة كقاعدة خلفية لمواجهة التواجد الأمريكي والحلف الأطلسي، ونقل تداعيات الصراع الروسي الأوكراني إلى المنطقة، في الوقت الذي أدى هذا الوضع الجديد إلى تمدد أنشطة التنظيمات المسلحة المتطرفة في الشريط الصحراوي الممتد من مالي والنيجر وبوركينافاسو إلى نيجيريا مع بوكو حرام”.
ووفق المحلل السياسي، فقد انضاف إلى هذه التهديدات المتأتية من دول الساحل، الوضع الهش الذي تعرفه المنطقة الشرقية من شمال أفريقيا، والتي تشهد بدورها تمدد الفيلق الروسي بليبيا التي تعاني من انقسام سياسي حاد، وهشاشة الوضع التونسي، لافتاً أن ميليشيا “البوليساريو” عادت لحمل السلاح واللجوء إلى قصف بعض المناطق التي توجد وراء الجدار العازل.
وسبق انطلاق هذه المناورات – يستطرد شقير – القصف الثالث لمنطقة السمارة كإشارة سياسية ليس فقط للمغرب كبلد منظم لهذه المناورات بل للحلف المشارك فيها والذي تتزعمه الولايات المتحدة، وذلك في سياق تسلح غير مسبوق من طرف الجزائر التي تصرف 23 مليار دولار لتطوير ترسانتها العسكرية التي ستقتني معظمها من روسيا والصين.
ويشارك في هذه المناورات العسكرية الواسعة النطاق، نحو 7000 عنصر من القوات المسلحة من حوالي عشرين دولة، بالإضافة إلى منظمة حلف شمال الأطلسي “الناتو”، إلى جانب القوات المسلحة الملكية ونظيرتها الأمريكية.
ويضم برنامج تمرين “الأسد الإفريقي 2024″، المنظم على مستوى بنجرير، وأكادير، وطانطان، وأقا، وتفنيت، عدة أنشطة، تشمل تدريبات تكتيكية برية وبحرية وجوية مشتركة، ليلا ونهارا، وتمرينا للقوات الخاصة، وعمليات للقوات المحمولة جوا، فضلا عن تمرين للتخطيط العملياتي لفائدة أطر هيئات الأركان بـ”فريق العمل” “Task Force”.
كما يتضمن برنامج الدورة الـ20، تكوينات أكاديمية استعدادا للتمرين، والتدريب على مكافحة أسلحة الدمار الشامل، إلى جانب مجموعة من الخدمات الطبية والجراحية والاجتماعية يقدمها مستشفى عسكري ميداني لفائدة سكان منطقة أقا.
ويعد تمرين “الأسد الإفريقي 2024″، من خلال إسهامه في تعزيز قابلية التشغيل المشترك العملياتي، والتقني والإجرائي بين الجيوش المشاركة، أكبر مناورة تُجرى في إفريقيا، وملتقى هاما تتبادل فيه الأطر العسكرية المعلومات والإجراءات والخبرات، لا سيما في مجالي التكوين والتدريب المشترك.