في موكب جنائزي رهيب، تم بعد ظهر اليوم الثلاثاء، في الرباط، تشييع جثمان الفقيد عبد الله باها، وزير الدولة، إلى مثواه الأخير، بعد أن فارق الحياة، مساء الأحد الماضي، عن عمر يناهز 60 سنة، عقب دهسه من طرف القطار، قريبا من مدينة بوزنيقة، حين ذهب لمعاينة المكان الذي شهد وفاة القيادي الاتحادي أحمد الزايدي، مختنقا في سيارته.
وجرت مراسيم التشييع، بحضور الأمير مولاي رشيد، بعد أداء صلاة الجنازة على جثمان المرحوم بها، في مسجد ساحة الشهداء، الذي ضاقت رحابه بالمصلين، الذين اضطر بعضهم، إلى أدائها خارجه، نظرا للعدد الكبير من المشيعين.
واعتبارا لما كان يشتهر به باها من صفات حميدة تدعو إلى الحوار والتفاهم والاعتدال والمصالحة، فقد كان لافتا للانتباه الحضور الطاغي لمختلف مكونات المشهد السياسي في المغرب، بكل أطيافه، بما في ذلك، بعض خصوم الحزب، تقديرا من الجميع لمكانة الفقيد، وللدور الذي لعبه من اجل ترسيخ أسس التغيير والإصلاح في ظل الاستقرار، وهي المباديء التي ظل يناضل من أجلها، إلى أخر يوم في حياته.
وقد وجد شباب حركة “التوحيد والإصلاح”، المرتدين لسترات خاصة بالمناسبة الأليمة، صعوبة شديدة في تأطير خروج الجنازة من مسجد ساحة الشهداء، رغم الجهود الأخرى التي بذلها أيضا رجال الأمن الذين حاولوا، بكل ما في وسعهم، العمل من أجل ضمان انسيابية السير نحو مقبرة الشهداء، إلا أن الازدحام كان فوق طاقتهم، حيث قدر عدد المشيعين بالآلاف، الذين قدموا من كل انحاء المملكة، للمشاركة في جنازة تليق بمكانة وقيمة رجل وطني في حجم وقامة باها.
وبدت مظاهر الحزن بقوة على ملامح بنكيران، المرتدي لجلباب أسود، رغم أنه كان يحاول أن يبدو متماسكا، في عيون المشيعين، وهو يسير خلف الموكب الجنائزي، إلى جانب الأمير مولاي رشيد، وعدد من الوزراء والمسؤولين، والزعماء السياسيين والمواطنين البسطاء، مشيا على الأقدام، وعينه تكاد لاتفارق جثمان الراحل، قبل أن يوارى الثرى، إلى جوار قبر الزعيم السياسي المرحوم عبد الكريم الخطيب، الذي يعتبر بمثابة “الأب الروحي” لحزب العدالة والتنمية.
وفي جو من التأثر، تلا محمد أمين باها، نجل الفقيد الرسالة الملكية، الموجهة بهذه المناسبة الأليمة، والتي تضمنت عبارات الثناء على شخصية الفقيد باها، والإشادة بالخصال، التي كان يتمتع بها كرجل دولة كبير، والتنويه بما قدمه لوطنه من أعمال جليلة، عند تحمله للمسؤوليات الحكومية أو الوطنية.
وكان الموكب الجنائزي قد انطلق إلى مسجد ساحة الشهداء، من بيت عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ورئيس الحكومة، الذي أصر على أن يكون حاضرا في كل لحظات ومراسم تشييع جنازة صديقه الفقيد عبد الله باها، وهو الذي نسب إليه تصريح يقول فيه ” لقد ذهبت روحي وبقي جسدي”، في تلميح الى العلاقة القوية التي كانت تربطه ب” حكيم” الحزب، وصديق عمره، وكاتم أسراره.