تخيم حاليا حالة من الحزن والذهول على حزب العدالة والتنمية المغربي، الذي فقد وجها من أبرز وجوهه، هو عبد الله باها، وزير الدولة، في الحكومة، الذي تعرض أمس لحادث دهس من قبل قطار، قادم من الدار البيضاء نحو الرباط، بعد ترجله عن سيارته ليتفقد المكان الذي شهد وفاة أحمد القيادي الاتحادي احمد الزايدي قبل أسابيع.
وقالت مصادر من داخل الحزب الذي يقود الائتلاف الحكومي الحالي، إن الأمين العام للحزب، ورئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، متأثر ومصدوم وحزين جدا، لهذه الوفاة المأساوية، لأقرب الناس إلى قلبه، وكاتم أسراره، ومستشاره الشخصي الخاص، الذي لم يكن يقدم على اتخاذ أي قرار ، او الحسم فيه، إلا بعد التداول فيه مع من تسميه الصحافة المغربية ب” العلبة السوداء”، أو ” الرجل الحكيم”، أو “الرجل الصامت”، نظرا لاتصافه بالرزانة والتبصر والهدوء والحكمة في معالجة أعقد القضايا، وهذا ما يشهد به الجميع.
وبلغ من عشق باها للحكمة، أن أطلق إسم ” حكمة” على ابنته، وهي التي روى مصدر مقرب من العائلة، أنها كانت آخر من شاهده، حيث أصر على إيصالها من الرباط، إلى بيتها الزوجي في الدار البيضاء، بعد أن قضت مع العائلة عطلة الأسبوع، وفي طريق العودة توقف في منطقة بوزنيقة، وبالضبط عند المكان الذي لقي فيه القيادي الاتحادي، أحمد الزايدي مصرعه، فكانت النهاية المأساوية، التي خلفت حزنا بليغا في نفوس كل معارفه.
ولعله من غريب الصدف أن يقع هذا الحادث المفجع، في يوم الأحد، وهو نفس اليوم الذي أسلم فيه الزايدي الروح إلى خالقها، غرقا في ممر كثيرا ما اجتازه، ويعرفه جيدا، كما يعرف خطوط كفه، لوجوده في نفس الجماعة التي يسيرها منذ سنوات، ولكنها الأقدار الإلهية، هي التي تتحكم في المصائر البشرية.
ونسب لسعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، قوله “إن الفقيد كان مثال الطيبوبة والبشاشة والطمأنينة والوطنية والحكمة، عاشرته منذ مرحلة الدراسة الاعدادية، رحمة الله عليه وغفر له”.
وكتب مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي بإسم الحكومة، على جدار صفحته على الفيسبوك، في نعي زميله في الحزب والحكومة الراحل عبد الله باها : ” بعين دامعة وبقلب حزين تلقينا نبأ وفاة الأستاذ عبد الله بها، وزير الدولة، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، مساء امس الأحد ببوزنيقة، جراء تعرضه لحادث دهس من قبل قطار أثناء معاينته مكان وفاة الأستاذ أحمد الزايدي رحمه الله.
نسأل الله أن يسكن الفقيد فسيح جناته وأن يشمله بواسع رحمته ومغفرته وأن يرزق أهله الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون”.
ويتقبل بنكيران حاليا التعازي في وفاة رفيقه في السياسة والنضال الحزبي، في بيته الكائن في حي الليمون، حيث يتوافد الوزراء والمسؤولون والمواطنون والناس البسطاء، لتقديم التعازي، في وفاة المشمول برحمة الله تعالى الفقيد عبد الله باها، الذي من المنتظر أن تجري غدا الثلاثاء صلاة الجنازة على جثمانه، بعد صلاة الظهر، بمسجد الشهداء، قبل دفنه في مقبرة الشهداء بمدينة الرباط.
واستنادا لبعض المصادر ، فقد تكفل العاهل المغربي الملك محمد السادس، بتحمل تكاليف الدفن والجنازة.
وغداة شيوع خبر النهاية المأساوية لعبد الله باها، اجمعت كل الأراء والتعاليق السياسية والصحافية على أن موته فقدان كبير للمغرب، باعتباره أحد كبار الدعاة للإصلاح والتغيير في ظل الاستقرار، ورائدا من رواد المصالحة والتوافق.
وكانت كل التكهنات ترشح باها، نائب الأمين العام للعدالة والتنمية، لأن يخلف عبد الإله بنكيران، في قيادة سفينة الحزب، اعتبار ا للإجماع الحاصل حول الرجل الذي كان يتجنب، طيلة حياته، الدخول في الصراعات، بل كان، حسب المقربين منه، يلجأ دائما لسلوك أسلوب التحاور والتفاهم، لتقريب وجهات النظر، مهما اشتد النقاش، وكبرت دوائر الاختلاف، متسلحا بابتسامته التي لم تكن تفارقه أبدا.