بادعاء مخالف للتواضع السياسي، شبه محمد عبد العزيز، أمين عام جبهة البوليساريو، ضمنيا نفسه بالزعيم الإغريقي الراحل ، نيلسون مانديلا ، مثلما تشبه الحركة التي يتزعمها منذ حوالي نصف قرن بـ “المؤتمر الوطني الأفريقي”.ووردت تلك المقارنة النرجسية، في معرض تصريحات أدلى بها عبد العزيز أخيرا وتقلتها عنه وكالة الأنباء التابعة للبوليساريو .
وعزا عبد العزيز، التشبيه إلى ما اعتبره تحولا في الموقف الدولي من نزاع الصحراء وانتقاله من تأييد المغرب لصالح أطروحة الانفصال ، معطيا الدليل بالولايات المتحدة وبريطانيا التي قال إنهما تحلتا عن منح التأييد للمغرب .
وعاد عبد العزيز إلى تكرار نفس الكلام ،عنما أسماه عرقلة المغرب للجهود السلمية بخصوص مسلسل التسوية في الصحراء، بالرجوع مرة أخرى إلى الأزمة التي حدثت بين المغرب ومبعوثالأمين العام للصحراء، كريستوفر روس ،الذي سبق للرباط أن تحفظت على وساطته ورأت أنه منحاز ، ثم طوي الملف واستأنف “روس” جولاته ومساعيه السلمية حيث يتوقع أن يجمع قريبا طرفي النزاع في بلد أوروبي لم يتحدد اسمه بصفة رسمية، وسط إشارات إلى أنه “السويد”.
ويلاحظ أن تصريحات عبد العزيز الأخيرة ، تخلط كما دأب على ذلك في جل المناسبات ، بين مستويات الحديث الدبلوماسي الذي يفترض اللباقة ، وبين توجيه الشتائم غير المقبولة.
وهكذا لا يكف زعيم البوليساريو ،عن تكرار الاتهامات إلى المغرب من قبيل الزعم أن التغيير في مواقف الدول من سياسته إزاء الصحراء ،ناتج عن تشجيع الرباط لإنتاج المخدرات.
واستنادا إلى مثل تلك التصريحات وسابقاتها ، يستغرب الملاحظون كيف يجرؤ عبد العزيز ، على تشبيه نفسه ولو من قبيل التلميح بالزعيم مانديلا ، أما جبهته فيرى أنها تماما مثل المؤتمر الوطني الأفريقي.
وربما نسي عبد العزيز ، شيئا مهما أن مانديلا ،أمضى في السجن قرابة ثلاثة عقود ، قضاها في التأمل والدرس والتحصيل وغير مواقفه جذريا ، ولم يكن في جميع أطوال النضال ، خادما مطيعا لأجندة سياسية وإيديولوجية معينة ولذلك تلقى الدعم والمساندة من أنصار الحرية والديموقراطية في كل مكان.
ونجح مانديلا في جلب الدعم بسبب نضاله الأسطوري أولا وعفة لسانه ونضج تصريحاته وتمييزه بين ما يقال وما لا يجب أن يقال في كل الأحوال. وربما توجب على الزعيم الأبدي لجبهة البوليساريو أن يعود لتصريحات وأقوال مانديلا ، ليتلقى درسا في الأخلاق السياسية .إذا ذاك يمكن أن تجوز المقارنة ، أما الآن فشتان ما بين القمة والحظيظ.