الإرهاب .. بين التوسع في تعريفه وسبل مكافحته

لابد أن أوضح بداية أن مصطلح الإرهاب هو غربي الجذور حيث استخدم لأول مرة في الثورة الفرنسية نهاية القرن الثامن عشر إذ أن رجال الثورة الفرنسية الكبرى عام 1789م اعتبروا أن الإرهاب وسيلة أساسية من وسائل الحكم حيث ورد على لسان أحد رؤساء المقاطعات في المؤتمر الوطني بباريس روبيستر حيث قال ( أيها المشرعون ضعوا الإرهاب على جدول أعمالكم ) إلا أنه وفي العصر الحديث اتجهت الآله الإعلامية الغربية إلى وسم العرب والإسلام بالإرهاب وهذا مايتنافى مع ما تقدم من أن جذور الإرهاب هي غربية إلا أن هناك عدة أسباب في العالم العربي والإسلامي تعتبر مفرخة للإرهاب وأهمها بقاء القضية الفلسطينية دون حل عادل وشامل ولقد شدد جلالة الملك عبد الله الثاني على هذا السبب في أكثر من مناسبة ولقاء حيث أنه مع استمرار الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ستبقى هذه المنطقة بالكامل عرضة للعنف وعدم الاستقرار وتفريخا للإرهاب والجماعات الإرهابية .
كذلك ينبغي الإشارة إلى أنه من الأسباب المؤدية للإرهاب في مجتمعاتنا العربية والإسلامية التدخلات الأمريكية والغربية في الشؤون العربية الإسلامية فمن دعم الحركات الإسلامية أثناء احتلال الاتحاد السوفيتي لأفغانستان إلى الحرب على أفغانستان واحتلالها و احتلال العراق ..
وهكذا بالإضافة إلى العوامل الخارجية التي ذكرتها هناك عوامل داخلية حيث الإقصاء السياسي وضعف الحريات السياسية وعدم المشاركة من قبل فئات واسعة من المجتمع والناجمة عن انتشار وسيادة النظم العربية السلطوية مما أدى إلى وجود فجوة كبيرة بين الحاكم والمحكوم بالإضافة إلى ماتعانيه المجتمعات العربية من مشاكل اقتصادية واجتماعية وكنا نتوقع زوال هذه الأسباب الداخلية في بداية الربيع العربي لكن الآن أصبح مايجري في بعض الدول هو تحفيز وتجميع للإرهابيين وخلق بيئة حاضنة أكثر من الأول لصناعة الإرهاب
ولعل من أسباب الإرهاب أيضا الفهم الخاطئ للدين ومبادئه وأحكامه حيث أدى هذا الفهم الى الجنوح والغلو والتشدد .
وإن ما دعاني اليوم للتحدث عن ظاهرة الإرهاب هو تبني دول في المنطقة لتعريف جديد للإرهاب ,شهد توسعا عن التعريف القديم في التشريعات الجزائية للإرهاب ووصف جرائم الإرهاب وأخشى ما أخشاه أن يكون هذا التعريف قد أضاف سببا جديدا لنمو ظاهرة التطرف ونحن نعرف أن تكيف الإرهاب وتعريفه قانونيا في العالم العربي أخذ بالتوسع منذ أحداث التاسع من أيلول الواقعة في الولايات المتحدة وهنا لابد أن أوضح أننا جميعا ضد الإرهاب والإرهابيين لأن الإرهاب بداية أسود لايميز بين دين وعرق وجنس لكن لمكافحة الإرهاب لابد أن ننظر أولا إلى اسبابه ومحاولة معالجتها سببا تلو الآخر للخلاص من هذه الظاهرة حيث أن حصر مكافحة الإرهاب من خلال التشريعات القانونية وتغليظها والتوسع في تعريف الإرهاب دون الرجوع إلى أرض الواقع وما تعانيه المجتمعات العربية لن يسهم برايي في مكافحة الإرهاب.
ومن هنا أدعو إلى التعاطي مع الأسباب الحقيقية للإرهاب وسبل مكافحته والتي كان للدولة الاردنية إنجازات في مكافحة هذه الظاهرة حيث رسالة عمان بالإضافة إلى إدراك المؤسسات الأمنية بأن الإخلال بالأمن الإقتصادي والأمن السياسي والأمن الاجتماعي يعتبر بمثابة تربة خصبة لنمو الإرهاب والتطرف .
وعليه فإنه يجب علينا أن لا نعول كثيرا على التوسع في التشريعات لمكافحة الإرهاب في محاربة هذه الآفة والقضاء عليها مالم يتم الرجوع إلى الأسباب الحقيقية لنمو هذه الظاهرة ومحاولة مراجعتها وهنا لابد أن تعلم أمريكا ويعرف الغرب وإسرائيل أن هذه المنطقة لن تهنأ بالأمن والسلام مالم يتم حل شامل للقضية الفلسطينية .
“الرأي” الأردنية

اقرأ أيضا

بوريطة يتباحث مع مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان

أجرى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، اليوم الجمعة بالرباط، مباحثات مع مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك.

بيئة عمل أم سجن؟ شركة تمنع موظفيها من استخدام الهواتف والحمامات!

اشتكى موظف هندي من بيئة العمل السامة التي يعمل بها في شركته وشبّهها بظروف السجن، …

خبير لـ”مشاهد24″: قرار بنما يُشكل انهياراً دبلوماسياً عميقاً للدبلوماسية الجزائرية

التحقت بنما بركب الدول التي قررت تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية، وهو الخبر الذي نزل كالصاعقة على النظام العسكري الجزائري.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *