التنظير لليأس، والقول بأن لا حلّ لمشاكل البلاد، هو قنوط من رحمة الله، لا يختلف عن الكفر الصريح، لكن المطالبة بالتفرّج، على النصف الثاني من الكأس المملوءة بفقاعات الأوهام، هو أيضا الكذب على خلق الله، لا يختلف أيضا عن الكفر الصريح. وإذا كان الشعب يريد مصارحة بالداء واقتراح الدواء، فإنه متيقّن بأن علاج الداء لا يمكن أن يكون بنثر الاطمئنان للمريض فقط، أو بدفعه إلى هاوية اليأس.
وفي أول مواكب الحملة الانتخابية التي اندلعت نهار أمس بلا نار ولا دخان ولا ضوء أيضا، عاود أحد الوزراء، من الذين سبق لهم وأن وعدوا بتسليم مشروع القرن أكثر من عشرين مرة، دون تجسيده، وعد الجزائريين بأن مشروعا قيد التفكير فيه، وهو تسليم مفاتيح السكن لكل جزائري، تسلم شهادته الجامعية، ووعد المنافس الأول للمترشح الرئيس، بإصلاح العدالة التي حمل حقيبتها عدة أشهر، دون أن يغيّر ما أتى به الذين سبقوه، ونخشى أن يكون النازلون بقوة إلى الشارع، من أجل التواصل مع الناس، قد فشلوا في تشفير الرسائل التي تهاطلت عليهم في السنوات الأخيرة، بالرغم من أنها كانت صريحة ومكتوبة بخط عريض، ولا نظنهم يجهلون الكتابة أيضا، أما الذين رفضوا تسمية الأرانب، فقد باشروا حملتهم بسير سلحفاتي، وغالبيتهم لم يفصحوا عن برنامج، وإنما انتقدوا ميلان أجهزة الدولة إلى المترشح الرئيس، حتى كاد الشعب يقتنع بأن فاقد الشيء من برامج وحلول، لا يعطيه.
لقد تعوّدت الجزائر منذ قرابة عقدين، على اختيار شهر أفريل لأجل تنظيم الانتخابات الرئاسية، وهو ما جعل المواطنين، وهم يسمعون لمختلف الوعود على مشارف الفاتح من أفريل، يصفونها بمزح الشهر الرابع، التي يتداولها الناس في أوربا ويسمونها بالكذبة البيضاء، فقد عاش الجزائريون نهار أمس، بين مناظر للرئيس يعدّ دون كلل ولا ملل، ما يسمى بالإنجازات التي تحققت على مدار خمس عشرة سنة، واستنزفت سبعمائة مليار دولار، وبين من راح يعدّ الفضائح التي عاشتها الجزائر من الخليفة إلى شكيب خليل، ويشكّك في الإنجازات من طريق سيّار غير سيّار وجامع كبير لم تظهر له لا منارة ولا صومعة، وبين هاته الأرقام والتشخيص الذي لا يحتاج إلى عبقرية سياسية، ويمكن لأي شخص أن يقوم به، غرقت الحملة الانتخابية في أول أيامها في نفس البرك الآسن ماؤها، التي ارتضت العوم فيها بلغة خشب، ولم ترتق إلى حد الآن إلى المطلوب، ولحسن الحظ أننا في الزفرات الأولى لوهج هاته الحملة وإلا لانتهى العرس قبل بدايته.
كل المترشحين من دون استثناء، لاحظوا عزوف الناس، عن الحملة الانتخابية، وأولهم السيد عبد العزيز بلخادم، الذي وصل إلى قسنطينة في حدود الرابعة من عصر أمس، فوجد كراسي القاعة الرياضية شاغرة، صمّاء بكماء، تتفرج على طلعته، وفي المقابل كان ملعب الكرة مكتظا بقرابة ستين ألف مشجع، لمتابعة مقابلة ضمن التصفيات الإفريقية، ولا نظن رسالة أقوى من هذه، وصلت إلى السيد بلخادم وإلى غيره من الشخصيات، التي باشرت حملتها للرئاسيات.
الأمل مازال موجودا، أما أن يبقى الأداء بنفس الأساليب، فإن سمكة أفريل هذه المرة لن تضحك أحدا، ونخشى أن تتحوّل إلى سمكة أرنب سامة، كالتي ظهرت في شواطئنا…
“الشروق” الجزائرية
اقرأ أيضا
المفتي العام للقدس يشيد بالدعم الذي يقدمه المغرب بقيادة الملك لدعم صمود الشعب الفلسطيني
أشاد المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ محمد حسين، اليوم الأحد …
المنتدى المغربي الموريتاني يرسم مستقبل تطور العلاقات بين البلدين
أشاد المنتدى المغربي الموريتاني، باللقاء التاريخي بين الملك محمد السادس والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ …
مكسيكو.. مشاركة مغربية في مؤتمر دولي حول حماية البيئة
شارك الأمين العام لحزب الخضر المغربي ورئيس أحزاب الخضر الأفارقة، محمد فارس، مؤخرا بمكسيكو، في مؤتمر دولي حول حماية البيئة.