لن نتوقف اليوم عند تلك الفئة التي احتفت على وقع دماء شهداء الوطن وأطلقت الشماريخ شماتة في البلاد والعباد فهم شأنهم شأن من سبقوهم الى هذه التصرفات الهجينة الموالية للارهاب والمعادية للوطن والبعيدة كل البعد عن أخلاق التونسيين وعاداتهم وسيظلون الاستثناء، والاستثناء في هذه الحالة لا يحفظ ولا يقاس عليه ومن يرقص على وقع دماء حماة الوطن الذين استهدفوا غدرا أثناء أداء الواجب الوطني المقدس لا يختلفون في شيء عن تلك الفئة الإرهابية التي تخرج في كل مرة من جحورها متسترة بالظلام لتيتم الأطفال وترمل النساء وتشتت العائلات وتدمي قلوب الامهات وتعصف بأبسط القيم الإنسانية.
خطأ هذه الجماعات الإرهابية التي ستظل ملعونة في عقلية التونسيين حتى وأن بدا لها أنها بصدد تحقيق بعض اهدافها الإرهابية، أنها لم تختبر معدن التونسي وصلابته وغيرته على الدم التونسي عندما يتعلق الامر بأرضه وموطنه وربما غاب عن تلك الجماعات المنصرفة الى الرقص على دماء الأبرياء ما نطقت به رسائل أمهات الشهداء وهن يتحدين رغم كل الالم والجروح همجية الإرهابيين.
طبعاً ما أقدم عليه هؤلاء في بولعابة لم يختلف عن المجازر السابقة التي اشتركوا في ارتكابها في مناطق أخرى من البلاد في الفترة الماضية، ومع ذلك فان هناك اجماعاً اليوم على أن ما اقترفوه ليس عنوان قوة وتماسك بقدر ما هو إشارة لترنح مفضوح يسبق السقوط النهائي الذي لن يتأخر طويلا لان تونس بكل حبة تراب فيها وبكل نفس سترفض الهمج ممن لا أمان ولا ولاء لهم وهم الذين يحلمون بعودة الخليفة السادس وزمن الجواري والعبيد.
لقد أثارعدم اعلان السلطات الرسمية الحداد على الجنود البواسل في جريمة بولعابة جدلاً مثيراً على مختلف المواقع الاجتماعية، وقد يكون لهذا الخيار مبرراته أيضاً في كسر ثقافة الموت والسواد ومعاداة الحياة التي يريدون لتونس أن تغرق فيها. ولكن الأكيد أنه ليس فيه أدنى استهانة بقيمة ومكانة ورفعة شهداء الوطن الذين سيذكرلهم التاريخ تضحياتهم الجسام ويسجل دورهم في ضمان تحصين البلاد من التطرف والإرهاب الزاحف عبرعبث واستهتار الظلاميين.
ولا شك أيضا أنه وبرغم عدم اعلان الحداد الرسمي فان قلوب التونسيين وأفئدتهم تشترك اليوم في حزنها وألمها على الدماء التي تهدر وهم الذين طالما حرصوا أيضا وعلى عكس إرادة الإرهابيين منبتاً للوحدة المقدسة بين كل التونسيين في مرحلة نحن أحوج ما تكون البلاد فيها الى رسالة واضحة للمتربصين بأمن البلاد والعباد.
جدير بنا اليوم سواء تعلق الامر بالسلطات الرسمية أو الشعبية الاستفادة من الدروس القاسية للمرحلة الماضية والسعي لسد الثغرات وتفادي تكرار الأخطاء الهالكة، حكومة لا تتوقف مهمتها على اعلان الحداد وتأببين الشهداء ولكن وهذا الأهم تكون قادرة على توفير كل ما يعزز ويحفظ أمنها ورجالها حيثما كانوا.
*إعلامية تونسية/” ميدل ايست أونلاين”