ما من شك في أنّ كلنا نرغب في أن يتمّ إصلاح التعليم والقضاء والأمن والاقتصاد والجباية ومجالات نشاط المجتمع ككل. لكن ما لا يعرفه كل الناس هو أنّ الرصيد البشري السياسي الذي هو بصدد دفعِنا بتأنٍّ وبوثوق نحو شكل معيّن من أشكال الحكم، وهو شكل لا يخلو من فحوى إيديولوجي معيّن، أنّه هو بدوره يقع تحت طائلة صنفٍ من الانخرام يستدعي الإصلاح.
إنّ الحكومة التي تشكلت مؤخرا وتمّت المصادقة عليها في يوم 5 فبراير هي فقط واحد من مكونات ذلك الرصيد البشري السياسي أي من مكونات الطبقة السياسية الحاكمة الجديدة. لذا فلن يكون الفرع مختلفا عن الأصل بخصوص المميزات الأساسية، التي أبوّبها على النحو التالي:
أ.طبقة سياسية ليست مجددة وبالتالي فهي متقوقعة في المدونات التقليدية، دينية كانت أم ثقافية أم سياسية.
ب. كنتيجة لذلك فهي لا تملك تفكيرا نقديا.
ج. لا تملك لا أدوات التغيير الاجتماعي ولا القدرة على اتخاذ القرار ولا نظرية لتطبيق القرارات. والدليل أنها استغرقت وقتا أسطوريا للتوصل إلى التوافق حول تشكيلة الحكومة.
بالمحصلة، إنّ الطبقة السياسية الحاكمة الجديدة لا تملك أن تؤثر إيجابيا في الحياة العمومية للمجتمع التونسي، ناهيك أن تمهد لتونس الطريق إلى التأثير في الفكر الكوني ومن ثَمّ الإسهام في تغيير النظام الإنساني العالمي نحو الأفضل.
حين يتمّ إصلاح المجتمع السياسي، بطبقيته الاثنتين الحاكمة وغير الحاكمة، حينئذ يمكن الحديث عن الإصلاح. وهذا مما يعني أنّ الإصلاح يكون شاملا أو لا يكون.
*كاتب تونسي/” ميدل ايست أونلاين”