هل يجدد النظام الجزائري نفسه؟

يقول دعاة التغيير في الجزائر بأن النظام سيجدد نفسه من خلال تمسك بوتفليقة بالعهدة الرابعة ويطالبون بمقاطعة الرئاسيات، وتطالب شخصيات وطنية (سبق لبعضها أن ترشح في رئاسيات 1999م) الرئيس بوتفليقة بعدم الترشّح حتى يحدث تغيير في الجزائر بحجة أنه عاجز جسديا، بينما يقول دعاة العهدة الرابعة إن عقله يزن عقول بقية الجزائريين، والسؤال: كيف يحدث التغيير السلمي ومتى نلجأ إلى العنف للتغيير؟
الحكم هو صناديق الاقتراع
من يزعم أن التغيير يكون بمقاطعة الانتخابات لأن الرئيس سيترشح ومن يرهن ترشحه بعدم ترشح بوتفليقة أو يطالبه بالانسحاب، فهو لا يؤمن بالديمقراطية ولا يحترم إرادة الشعب في الاختيار، فدستور 2008 يسمح لبوتفليقة بالبقاء مدى الحياة في الحكم عبر الاقتراع، والمطالبة بمنعه من الترشح تعني عدم احترام هذا الدستور.
إن مثل هذه الأفكار في تقديري لا تستند إلى الإرادة الشعبية في التغيير فإذا لم يترشح بوتفليقة فإن النظام الذي جاء به سيجدد نفسه عبر بوتفليقة آخر ربما يكون أقل تحكما في اتخاذ القرار أو المشاركة فيه، أما تجديد العهدة للرئيس فهو استمرار هذا النظام بالمزيد من التناقضات التي قد تؤدي إلى انهياره.
أعتقد أن التغيير الحقيقي هو إسقاط مرشح النظام سواء كان بوتفليقة أو غيره عبر صناديق الاقتراع، فهي وحدها الحكم الفاصل لأنها تعبر عن إرادة الشعب، والدعوة إلى المقاطعة تعني تسهيل مهمة مرشح السلطة في الفوز من الدور الأول، ولو أن هؤلاء المقاطعين دعوا المنتخبين إلى التصويت السلبي وحصلوا على أغلبية الأصوات الملغاة قد تفقد الأصوات المعبر عنها مدلولها الانتخابي وتكون انتكاسة للنظام القائم.
يقول العارفون بالشأن الجزائري بأن النظام الجزائري جدد نفسه بانقلاب 19 جوان َ1965 واضطر بعد اغتيال بومدين إلى تجديد نفسه باختيار الشاذلي بن جديد رئيسا ثم دفعه إلى الاستقالة في 11 جانفيَ 1992 ليضحي بأحد زعماء الثورة ويواصل التضحية ليصل إلى الجنرال اليمين زروال فيقلص عهدته بعد أن تمكن النظام من إقناع بوتفليقة برئاسته، فهل يمكن لهذا النظام أن يتخلى عنه قبل أن يجد بديلا له؟
لا شك أن الكثير لا يشاطرني الرأي بالدعوة إلى التغيير السلمي عبر إسقاط مرشح السلطة ظنا منه أنه يصعب تحقيق ذلك ما لم تكن لأصحاب القرار “كلمة أو رأي”، والحقيقة هي أن بوتفليقة حين أدرك أن جبهة التحرير قد تفقد “آلتها الانتخابية” نبّه المنتخبين إلى الجهة التي ينتمي إليها فكانت الأغلبية لهذا الحزب في تشريعيات 2012، وهاهو اليوم في رسالة بمناسبة يوم الشهيد يدعو المواطنين إلى انتخاب رئيس من بين المترشحين معربا عن يقينه: “من نضج الشعب وتبصّره وقدرته على الاختيار السيّد” معتبرا ما جرى مؤخرا في الساحة الإعلامية من نقاشات حول دور المؤسسة العسكرية والأحزاب السياسية بمثابة: “حرب إعلامية ضد الجزائر ورئاسة الجمهورية والجيش ودائرة الاستعلام والأمن” من منطلق أن الحديث عن وجود “نزاعات” بين هياكل الجيش ناجم عن “عملية مدروسة ومبيتة غايتها ضرب الاستقرار”، مؤكدا على أن “دائرة الاستعلامات – وخلافا لما يرد في الصحافة من أراجيف ومضاربات تمس باستقرار الدولة والجيش – تبقى مجندة تمام التجنيد في سبيل الأداء الأمثل للمهام الموكلة إليها شأنها في ذلك شأن هياكل الجيش”.
يبدو أن بوتفليقة يريد طي “عهد التنابز والتلاسن” من أجل أن تبدأ العملية الانتخابية في ظلّ نظام ما يزال يخاطب رئيسه الآخرين عبر رسائل المناسبات في انتظار الإعلان الرسمي عن ترشحه لعهدة إذا أسقطها أي مرشّح لرئاسيات 2014 ستكون تغييرا جذريا يجنّب البلاد التغيير بالعنف.
“الشروق” الجزائرية

اقرأ أيضا

حموشي يشارك بالرياض في الأنشطة الأكاديمية لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية

يشارك عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، بصفته عضوا في المجلس الأعلى لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، في أشغال الدورة الخمسين للاجتماع السنوي للمجلس الأعلى للجامعة، وفي الحفل الرسمي لتخرج الدفعة 42 لطالبات وطلبة الدراسات العليا لهذه المؤسسة، والتي تحتضنها العاصمة السعودية الرياض خلال الفترة الممتدة ما بين 12 و14 نونبر 2024.

مقتل طفلة بريطانية على يد كلبها الأليف والشرطة تقرر إعدامه

لقيَت طفلة بريطانية مصرعها بطريقة مأساوية، بعد تعرضها لهجوم من كلبها الأليف في منزل عائلتها …

رقم قياسي جديد.. المغرب يستقبل 14.6 مليون سائح

بلغ عدد السياح المتوافدين على المغرب 14.6 مليون سائح حتى متم أكتوبر الماضي، متجاوزا في ظرف 10 أشهر فقط الرقم القياسي لسنة 2023 بأكملها.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *