بعيدا عن منطق اللوبيات والتكتيك السياسي النظيف منه والقذر، فإن نتائج انتخابات الدور الأول للرئاسية تضع المسؤولية بوضوح بين أيدي المواطنين التونسيين المسجلين في السجلات الانتخابية.
الآن لم يعد هناك مكان للمناورة السياسية ولا لتكتيك الأشخاص والأحزاب، لأن خيوط اللعب الآن بين أيدي الخمس ملايين ونيف من الناخبين.
هم بالتحديد نصف الشعب التونسي من بيدهم توجيه تونس وتحديد ملامح مستقبلها.
الناخبون المذكورون آنفا، هم الآن في منطلق سفح الجبل يحملون صخرة سيزيف نحو القمة… فإن هم انكسرت ظهورهم لقلة عددهم أو لعدم ترافقهم جميعا ودون استثناء نحو التصويت فإن الانتكاسة ستكون لتونس كلها…
سيكون الانكسار ـ لا قدّر ا& ـ مدويا، لأن حجم الصخرة ثقيل وسفح الجبل شاق…
وإن التونسيين اذا تنادوْا اليوم وتحمّلوا مسؤولياتهم التاريخية في صنع تونس التي تتجه نحو منطق التاريخ فإن الوزر سوف يمّحي وسوف يقف التونسيون على مصيرهم ومصير البلاد بكل اقتناع وشجاعة…
إن الفترة الفاصلة بين هذا اليوم ويوم الاقتراع للدور الثاني هي فترة الناخبين التونسيين بامتياز.. هي فترة الفعل الجماهيري والشعبي من أجل الادلاء بدلوهم حتى تقف تونس وتستعيد عافيتها…
التونسيون هم الذين سيختارون الآن ولم يعد هناك سبيل للمناورة والمنازلة غير المتكافئة.
الصندوق أبى الا ان يضع الخيار والاختيار بين أيدي التونسيين في هذه الرئاسية الحرة الأولى… والتونسي يعرف كيف يقرأ الواقع لأنه هو من يعيشه ولا يحياه غيره بالنيابة عنه…
اليوم وبقطع النظر عن حسابات الأحزاب والتيارات السياسية فإن الناخب التونسي مدعوّ الى تأكيد خياراته حتى لا يستمرئ الوقوف على الربوة أو العزوف عن المشاركة في الحياة العامة، وفق تعلات واهية… هي في الحقيقة تنقص من شأنه كمواطن كامل الحقوق والواجبات لتعيده الى خانة الرعية…
المواطن التونسي اليوم ليس رقما للمعاملات بل هو رقم صعب في معادلة أصعب…
معادلة تتجاوز الحدود الوطنية لتمس الشأن الاقليمي والمناخ الدولي…
التونسي اليوم لا يتقدم نحو صندوق الاقتراع من أجل تثبيت صورة تكرّس سياسة الواجهة التي مللنا منها وليس من أجل أن يقع التغنّي به وعلى حسابه لدى الدوائر الأجنبية الامبريالية والرجعية منها بل من أجل تكريس صورة جديدة يكون فيها المواطن فاعلا وليس رقما…
* باحثة في الإعلام والاتّصال والعلوم السّياسيّة/”الشروق” التونسية