ما أقدم عليه بعض المواطنين بولاية ميلة، عندما قطعوا الماء عن بعض المشاتي البعيدة عن قريتهم، لأجل أن يُجبروا السلطات المحلية، على إصلاح طرقات قريتهم، وتوفير النقل لأبنائهم التلاميذ، هو تطور “إلى الخلف طبعا” في قطار الاحتجاجات المجنون الذي انطلق ذات ربيع ورفض أن يتوقف، وواضح أن هذه الحلقة ستجرنا إلى مسلسلات أخرى ستطول قطع الكهرباء والهاتف وربما الدواء، لأجل تحقيق طلبات اجتماعية ضمن المعادلة “المازوشية المعقدة” التي صار يلجأ فيها المواطن لضرب المواطن، من أجل أن يحقق هو مطالبه، ونخشى أن يتحول العقاب إلى مشادات لن تختلف عن الحروب القبلية التي يطحن فيها الشعب بعضه البعض، أو ما يسمى بالحرب الأهلية الباردة.
ولا نفهم لحد الآن لماذا تشتري الدولة عندنا سلمها “الاجتماعي الظاهري”، بهذه الفاتورة الضخمة التي تسببت في تواجد الجزائر اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا في وضعية لا تختلف عن وضعية اليابان بعد قصفها بالقنبلة الذرية.
ولا نفهم لماذا تركت السلطة لبعض الشعب وغالبيته _ للأسف _ من الغوغاء الذي صار يدير الحكم في الكثير من المواقع كيفما شاء وحيثما شاء، كأن يتظاهر قبالة المحاكم من أجل إطلاق سراح تاجر مخدرات ثبت تورطه في تسميم الناس، أو يقاوم الشرطة لمنعها من القبض على المجرمين.
ولا نفهم لماذا “استقال” كل الفاعلين في البلاد من أئمة وجمعيات ورجال فكر عن القيام بدورهم، وراحوا يخوضون في أمور هامشية بينما الإنسان الجزائري يبنى على أسس خاطئة، ويسير إلى الهاوية بعيدا عن الدنيا والدين، جاهلا حقوقه وواجباتها، وأكثر من ذلك لا يعرف لحريته حدودا عندما يمارس احتجاجه على “جثث” الآخرين.
قد يكون النظام منشغلا بما بعد تاريخ السابع عشرة من أفريل، وهو فعلا منشغل إلى درجة أنه ما عاد يرى أو يسمع غير هذا التاريخ، وقد يكون غير مهتم أصلا بهذا المرض الاجتماعي الذي تحوّل إلى طاعون، ولكن أن تبقى المعارضة في الداخل والخارج، تراه مؤشرا صحيا لشعب رافض للنظام، فتلك المصيبة الكبرى، لأن المواطن الذي يصعد إلى قمّة العمارة حاملا قارورة بنزين رفقة أبنائه أو زوجته، أو العائلات التي تدخل في إضراب عن الطعام، أو الشباب الذي قطع الطريق أو الماء عن المواطنين من أجل حاجياته لا يريد برامج عمل ولا ديموقراطية، ولا تداول على السلطة، وإنما يريد أن يكون هو الحاكم .. وبعده الطوفان.
قد نصلح بسهولة دولة حادت عن جادة الصواب، كما صلحت رومانيا وبولونيا والمجر وغيرها من الدول التي عاث حكامها فسادا، فقوّمها الشعب وقوّمها الزمن، لكن أن نصلح شعبا دلّل نفسه بالاحتجاجات، ونوّع فيها وصار يبتكر منها طرقا غريبة تنتشر مثل النار في الهشيم، فذاك ما لا يستطيع فعله لا النظام الحالي، ولا “الافتراضي” الذي اقترح نفسه بديلا.
“الشروق” الجزائرية
اقرأ أيضا
للسنة الثانية على التوالي.. الخطوط الملكية المغربية تتوج كأفضل شركة طيران بإفريقيا
أعلنت الخطوط الملكية المغربية، اليوم الجمعة، عن اختيار الخطوط الملكية المغربية كأفضل شركة طيران بإفريقيا، خلال النسخة الواحدة والعشرين من استطلاع "GT Tested Reader Survey" الذي أجرته مجلة US Global Traveler الشهيرة.
بطلة صغيرة.. طفلة تُطعن حتى الموت لإنقاذ والدتها من هجوم قاتل
تم القبض على رجل بعد طعن فتاة تبلغ من العمر 8 سنوات حتى الموت في …
بوريطة: ملف الصحراء شهد تطورات مهمة سنة 2024
أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، اليوم الجمعة بالعيون، أن سنة 2024 “سنة مهمة في ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية بفضل الزخم القوي الذي أضفاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس على هذا الملف ومتابعته اليومية له”.