خصم عاقل أفضل من صديق أحمق

لم نعد نطلب من جيراننا في الجزائر أن يفتحوا الحدود، وأن ينزعوا يدهم من ملف الصحراء، وأن يوقفوا الفيتو على المغرب العربي. لم نعد نطلب من حكام الجزائر أن يوفروا علينا وعليهم ضياع نقطة أو نقطتين من معدل النمو كل سنة… صرنا نطالبهم، إذا أصروا على أن يكونوا أعداء لنا، أن يفعلوا ذلك بتعقل لا بحمق. هل هذا كثير؟!
كان المنتظر أن تعتذر الجزائر عن طرد اللاجئين السوريين من أراضيها بطرق غير إنسانية، ودفعهم كالدواب عبر الحدود الشرقية إلى المغرب الأسبوع الماضي، بعد أن اتضح أنهم دخلوا الأراضي الجزائرية عبر مطار هواري بومدين.. لكن العكس هو الذي حصل. وزارة الخارجية الجزائرية استدعت السفير المغربي لديها، وأبلغته احتجاجها على استدعاء سفيرها في الرباط، ثم تحركت الآلة الإعلامية الجزائرية المتخلفة، وصارت تقدم معلومات خاطئة، وتحليلات متهافتة عن أزمة النظام المخزني الذي يريد أن يصدر مشاكله إلى الجزائر، وعن الملك محمد السادس الذي يكره كل ما يتصل بالجزائر، ثم جرى الرجوع إلى حادثة إنزال العلم الجزائري من فوق القنصلية الجزائرية بالدار البيضاء، وتصوير هذه الحادثة على أنها أكبر إهانة للأمة الجزائرية، وأنها من الأعمال العدائية للمغرب تجاه السلم الدولي…
الصادق بوغطاية، واحد من الأصوات الدعائية المتخصصة في صب الزيت على النار بين المغرب والجزائر عند كل أزمة، قال، للرد على طرد 100 سوري من الجزائر إلى المغرب: «كلما زار المبعوث الأممي روس الرباط نلحظ كيف أن النظام المحتل للصحراء يحاول أن يصدر أزمته الاقتصادية والاجتماعية إلينا».
كل الأسلحة مشروعة في الجزائر إذا كانت تلحق الضرر بالمغرب، حتى إن كان أحد هذه الأسلحة هو معاناة شعب ينزف دما منذ 3 سنوات، وتشتت أبناؤه في أصقاع الأرض، وعوض أن تتعاون الجزائر مع المغرب لمد يد المساعدة الإنسانية لهؤلاء اللاجئين السوريين، فكر عقل أمني ودبلوماسي مريض في الجزائر، واهتدى إلى حيلة طردهم عبر الحدود الشرقية للمغرب لخلق ما يتصور أنه أزمات لجاره…
عندما استدعى وزير الخارجية المغربي سفراء الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة إلى مكتبه ليطلعهم على دليل هذه الجريمة، شعرت أنا بالإهانة، كيف نشكو إخواننا إلى الغريب، ونشكو جيراننا إلى الأوربيين؟ لكن ما باليد حيلة، لم يترك جيراننا مكانا ليمر منه الماء منسابا دون تدخل الغرباء.
إذا كانت هناك من أزمة في المغرب العربي، فإنها في الجزائر التي لم تهتد إلى اليوم إلى حل للرجل المريض في قصر المرادية، والواقع أنه ليس بوتفليقة هو المريض، بل إن النظام في جارتنا هو المريض الأكبر في المغرب العربي. بلاد غنية ولديها احتياطي كبير من العملات الصعبة بالمليارات، وينقطع فيها الكهرباء كل أسبوع عن مناطق واسعة في العاصمة الجزائر، بلاد لها كل الإمكانيات لتقود المنطقة ولكنها تتحول على يد الجيش وجيل فاشل إلى عصا في عجلة المنطقة…
لا نشمت في جيراننا أبدا، ولسنا ممن يهوون صب الزيت على النار، وكتبنا أكثر من مرة ندعو إلى المصالحة والتوافق والتطبيع بين البلدين، وعدم التصعيد مع الجارة الشرقية حتى عندما تخطئ في حقنا، لكن للصبر حدودا. لا نطلب أكثر من خصم عاقل. هل هذا كثير؟
“أخبار اليوم” المغربية

اقرأ أيضا

البنك الإفريقي يمول المغرب بـ120 مليون يورو لمواجهة تغير المناخ

وافق مجلس إدارة مجموعة البنك الإفريقي للتنمية، اليوم الجمعة، على تمويل قدره 120 مليون يورو لصالح المغرب.

تتصل بالطوارئ 400 مرة لتسجيل أعلى رقم لركوب الإسعاف

أقرت الأمريكية كيشا كينيدي 34 عاماً من ولاية أوهايو، بالذنب لأنها اتصلت برقم الطوارئ 400 …

بسبب مواد بيولوجية بحرية سامة.. حظر جمع الصدفيات وتسويقها في بحيرة الوليدية

أعلن قطاع الصيد البحري، أمس الخميس، عن حظر جمع وتسويق الصدفيات من منطقة تربية الصدفيات المصنفة بحيرة الوليدية التابع لإقليم الجديدة، إلى حين تنقية المجال بشكل كلي.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *