غالبا ما تشتعل نقاشات حامية بين جزائريين ومغاربة، تدور عادة حول القضايا الخلافية، وتنتهي عموما إلى تبادل السب والشتم، وفي حالات نادرة تغرق في المجاملات التي تغطي على الحرج ولا تعالجه.
وفي الحالتين معا، يكون الضحية هو الحوار الحقيقي البناء الذي يفترض أن يدفع الأمور إلى الأمام.
وبعد استقراء طويل لكثير من السجالات، وقبل الخوض في بعض مضامينها، لابد من تسجيل الملاحظات “الشكلية” التالية:
– إن أي حوار حتى يكون مجديا ومثمرا، لابد أن تحدد له غاية، وإلا فسيصبح مجرد عبث وإضاعة للوقت، كما ينبغي احترام آليات الحوار وأدواته المنهجية المتعارف عليها، حتى لا يتحول إلى ما يشبه جلسة في مقهى شعبي.
– لابد أيضا من تعامل المتحاورين مع بعضهم البعض على أساس انهم كائنات عاقلة مفكرة، واحترام ذكاء الآخر عبر اعتماد مقاربات وتحليلات منطقية، وليس عبر القفز في الهواء في حركات بهلوانية تلهي عن الخوض في صميم الموضوع.
– نحن نعيش في سنة 2014، وشعارات الستينيات والسبعينيات لم يعد لها مكان، كما أن الحرب الباردة انهارت بانهيار جدار برلين، وشباب الأنترنيت وثورة المعلوميات لا علاقة لهم بجيل الترانزيستور الذي كانت تلهبه الخطابات الجوفاء التي أدت إلى مزيد من التخلف والصراعات الدموية بين “الأشقاء”.
– مهمة النخب الحقيقية ان توفر أرضية مشتركة للتلاقي وليس نكأ الجراح.. استشراف المستقبل وليس الغوص في الماضي والإقامة فيه..
– مهمة النخبة أن ترقى بالحوار وأدبياته ومصطلحاته وأدواته، لا أن تنجرف مع “الرعاع″ إلى مستوى تبادل الشتائم على جدران الفيسبوك وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي.
***
*نخب قائدة أم منقادة؟
إذا كان الرئيس بوتفليقة قد رفع قبل سنوات شعار “المصارحة قبل المصالحة”، وسايرته النخب المحلية في هذا المطلب، فمرحبا بهذه المصارحة مهما كانت جارحة، لكن علينا أن لا ننسى أن هذا الشعار ولد على هامش ما عرف بقضية “بني ونيف” التي بعدما دار الزمان دورته أعلن الجنرال العماري براءة المغرب منها، رغم أن الرئيس بوتفليقة وإعلامه و”مجاهديه” حولوها إلى قميص عثمان..وطالبوا بالثارات القديمة.. وقد كانت تلك القضية المفتعلة -كما يعلم الجميع- مبررا لإلغاء لقاء قمة ثنائية لـ”المصارحة” بين قائدي البلدين..
والعجيب أكثر أنه حين “يصارح” المغاربة أشقاءهم الجزائريين بما يحسون به، وبلباقة وبخطاب رصين، يكون رد الفعل متشنجا من قبيل مقاطعة احتفال السفارة المغربية، مع أن السفير الاستاذ بلقزيز رجل على خلق ومسؤول سياسي مخضرم هادئ بطبيعته، وليس “جنرالا”.. ينفخ في نار تحت الرماد..
وبالمقابل لماذا لا يقاطع المسؤولون المغاربة احتفالات السفارة الجزائرية حتى وهم يعلمون أن الدولة الجارة تشتغل بكل مؤسساتها لزعزعة الأمن والاستقرار في المغرب؟
إن الوقوف عند هذه الملاحظات ضروري جدا إذا أردنا أن يكون الحوار “النخبوي” مثمرا، وألا يظل عبارة عن مجاملات تحوم حول الملفات الحارقة ولا تغوص في عمقها.
* هل من العيب أن تكون مغربيا؟
– حسب الإخوة في الجزائر، فإن كل من يؤمن بكون الصحراء مغربية، هو تلقائيا ضحية غسيل الدماغ الذي يمارسه الملك ونظامه، ومعنى هذا أن أصحاب هذا الرأي يعتبرون الشعب المغربي مجرد قطيع يساق، ولا حظ له في العقل أو في الوطنية…
فهذه الوطنية التي يصبح لها معنى غريب جدا حين يتعلق بالمغاربة تحديدا، لأنها تتطلب منهم التفريط في جزء من التراب الوطني.. كبادرة حسن نية..قبل أي كلام.. وإلا..
بينما الوطنية لدى الأشقاء في الجزائر تمنحهم الحق في إقفال جميع المواضيع المتعلقة مثلا بقضايا الحدود والأمن أو بتطلعات بعض المكونات الداخيلة للاستقلال أو للحكم الذاتي بغض النظر عن حجمها وتمثيليتها..
باختصار.. فإن كل مغربي يتمسك بوحدة بلده الترابية هو جزء من “قطيع صاحب الجلالة”.
– في أوج أزمة الملف النووي الإيراني، استضافت إحدى القنوات الفرنسية ندوة شاركت فيها سيدة قدمت على أنها من المعارضة الإيرانية الديموقراطية.
ويومها سجلت هذه السيدة ملاحظة في غاية الأهمية حين نبهت إلى أن الغرب لا يأخذ في الحسبان أن المسألة النووية تدخل ضمن العقيدة الدينية للشعب الإيراني.
فلا مقدم البرنامج ولا أحد من ضيوفه توقف عند هذه الملاحظة الدقيقة، وهو أمر ينطبق على الإخوة في الجزائر الذين يعتقدون جازمين أن قضية الصحراء هي قضية الملك والعسكر المغربي، وان الشعب لا شأن له بالموضوع، أو هو مجردة ضحية “بروباغندا” القصر وماكينته الإعلامية.. وهذه مغالطة لن أضيع الوقت في تفنيدها..
– هذه التقنية “الاستباقية” مستهلكة جدا حيث يعمد من لا حجة له إلى شغل الطرف المقابل في جبهات أخرى حتى لا يدخل في صلب الموضوع.
وفي هذا السياق يندرج القول بأن “المشكل مع ملك المغرب (المخزن)” وليس مع الشعب، حيث الهدف هو الانتقال إلى المرحلة التالية عبر اتهام المحاور المغربي الداعم للوحدة الترابية، تلقائيا بأنه يدافع عن “المخزن” وبأنه عميل له، وهذا كلام مثير للشفقة أكثر من السخرية.
إنها ربما عقدة”الدولة” التي لم تفارق الأشقاء في الجزائر.. فهذه الدولة لم تر النور إلا في يوليوز 1963، -وباستفتاء-فقد كانت عبر تاريخها الطويل مجرد مقاطعة تابعة في الغالب لممالك المغرب أو المشرق أو الشمال، بينما المغرب الأقصى يعتمد النظام الملكي منذ أكثر من 1200 سنة (رغم بعض البياضات القصيرة التي لا تؤثر في السياق العام)، والدولة العلوية الحالية تحكم منذ النصف الأول من القرن السابع عشر الميلادي، وهذا “الاستقلال” هو السبب في النظرة الاستعلائية التي يتعامل بها عرب المشرق عموما مع عرب المغرب، منذ زمن العباسيين..
بل إن الدولة العثمانية التي بسطت نفوذها على أجزاء من أوروبا وإفريقيا وآسيا -وكامل العالم العربي-، لم تستطع جيوشها تجاوز واد إسلي الشهير، بل إن المغرب في تلك الفترة انتصر في معركة وادي المخازن التي لا يصنفها المشارقة أصلا ضمن حملات أوروبا الصليبية..
إن التذكير بهذه المعطيات التاريخية ضروري، لفهم جزء من الجانب السيكولوجي الذي يحكم علاقة الأشقاء في الجزائر مع المغرب.
ولعل هذا ما جعلهم ينخرطون مباشرة بعد “الاستقلال” في محاولات “تصدير الثورة” غربا، وفي حروب عبد الناصر ضد الملكيات “الرجعية” التي نرى إلى أين قادت اليمن وسوريا وليبيا..
– نفس الشيء يقال عن دور الجيش في السياسة، فالإخوة في الجزائر حين يروجون لكون الجيش المغربي سببا في عدم حلحلة ملف الصحراء، يسقطون مفهومهم الخاص للمؤسسة العسكرية، مع أن الفرق شاسع جدا بين ما عندنا وما عندهم.
فالجيش في المغرب أداة تؤدي وظيفة، وليس قدرا نازلا من السماء ولا مقدسا يحرم الكلام عنه قبل الوضوء.. ومن قبل “المجاهدين” فقط.
لا يوجد في المغرب جنرالات بمفهوم “تاليران” (Talleyrand) يتحكمون في كل صغيرة وكبيرة ويصنعون الرؤساء، كما حدث في الجزائر منذ استقلالها، ويمكن لمن أراد التحقق أن يحصي مثلا عدد الجنرالات ومن دونهم، الذين تمت إحالتهم على التقاعد أو تم إعفاؤهم من مهامهم في السنوات الأخيرة، ليفهموا أن الجيش المغربي لا يصنع الساسة ولا السياسة.. ولا يصدر جرائد ولا يوجه وسائل إعلام، ولا يحتكر الاستيراد والتصدير..
ولقطع الطريق على المزايدات المحتملة، أعلن مبكرا بأن الجيش في المغرب يعاني أيضا من الفساد، وهذا ليس سرا أكشفه، بل يمكن الرجوع إلى ما تنشره الصحف المحلية حول هذا الموضوع، للتأكد من أن هذه المؤسسة ليست فوق النقد.. وليست مقدسة كما في الجزائر ومصر وغيرهما من دول العسكرتاريا التي يعرف الجميع حجم الجرائم التي ارتكبها عسكرها في حق الديموقراطية بها.. وفي حق البشر والحجر قبل ذلك..
– الشعوب الحية تتطلع إلى المستقبل..ولهذا تعتمد على الشباب بالدرجة الأولى..لقد قال الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان في حوار تلفزي إن السياسي المحترف يمكن أن يتطلع ليكون وزيرا وهو في عقده الثالث، ويمكن أن يقود حكومة وهو في عقده الرابع، ويمكن أن يرأس الدولة وهو في عقده الخامس…وتوقف هنا، لأن الأمم الناضجة لا يمكن ان تبحث عن قياداتها المستقبلية في الأرشيف وفي المتاحف ..
ما الذي قدمه “الشاب” حسنين هيكل لمصر سوى تبرير الهزيمة والقتل والانقلاب على الديموقراطية؟ وما الذي يمكن أن يقدمه “الشاب” باجي قايد السبسي لتونس الشابة اليافعة؟ أليس عيبا أن يقف اليوم على هرم السلطة في الجزائر “رئيس″ لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم ولا يدري ما يجري حوله؟هل من أجل هذا دفع الجزائريون رقما قياسيا من الشهداء؟
– أعترف (إن كان في الأمر جريمة) أنني أنا أول من كتب عن كون أحد أسباب الإصرار على إغلاق الحدود بين البلدين، هو خوف النظام الجزائري من مقارنات لن تكون في صالحه حتما..
ولهذا حين سجلت أعلاه ضرورة إعمال العقل واحترام ذكاء الآخر، فقد كنت أقصد هذه النقطة بالذات. فهل يستطيع أي أخ جزائري أن يذكر قطاعا واحدا تتفوق فيه الجزائر على المغرب؟
هل هناك مجال للمقارنة في قطاعات الفلاحة والصناعة والتجارة الخارجية والسياحة والصناعة التقليدية والصناعات الدوائية؟ هل هناك مجال للمقارنة بين النظم الضريبية وقوانين الأعمال؟ أو بين البنيات التحتية؟ هل تجوز المقارنة على مستوى الكفاءات الطبية والهندسية؟ أو على مستوى التجهيزات الرياضية؟ وما الذي تصدره الجزائر غير المحروقات، وما المجال الذي حققت فيه الاكتفاء الذاتي؟ وهل هناك وجه للمقارنة في قطاع الاتصالات مثلا الذي يعتبر أحد أبرز مظاهر مسايرة العصر في وقتنا الحالي؟
لماذا لا يتم استقصاء الحقيقة من الصحفيين والمسؤولين الجزائريين الذين زاروا المغرب لتغطية أو المشاركة في أنشطة من أي نوع؟
وقد نشرت جريدة “الخبر”مثلا قبل أكثر من سنتين خبرا تحت عنوان”13 طريقا سيارا في المغرب مقابل ”سيار” جزائري واحد”، ومضمون المقال يدخل تحت قول الشاعر “والفضل ما شهدت به الأعداء” (رابط الخبر :http://www.elkhabar.com/ar/watan/299129.html) ..
بم يمكن أن نقارن ميناء طنجة المتوسط الذي أصبح يحتل المرتبة 55 على الصعيد العالمي بعد ست سنوات فقط من تدشينه (حسب تصنيف المجلة البريطانية المختصة «كونتينيرز ماناجمينت» ويتوقع أن يعرف حجم مبادلات يناهز 90 مليار دولار السنة القادمة)؟ وبم يمكن أن نقارن القطب المالي للدار البيضاء الذي أصبح يحتل المرتبة الثانية إفريقيا والـ 51 عالميا رغم أنه يتلمس خطواته الأولى؟ وبم يمكن أن نقارن المهرجانات الفنية والثقافية الدولية والتظاهرات الرياضية العالمية التي يحتضنها المغرب؟
أعترف بكل شجاعة أن المغرب دولة متخلفة بكل المقاييس، وأبصم بالعشرة على كل ما قد يقال في هذا الباب، لكنه أنجز الشيء الكثير بلا بترول ولا غاز طبيعي.. وهو حاضر في السوق الدولية بمنتوجاته المتنوعة.. بل أكاد أجزم انه لو توقف المسؤولون عندنا عن السرقة سنة واحدة لتحققت طفرة عملاقة.. تنقل البلد من حال إلى حال..
ولكنني أقول هذا الكلام مضطرا، لأن بعض الإخوة في الجزائر -وحتى في المشرق- صدقوا فعلا أن المغرب مجرد ماخور كبير، وضيعة مفتوحة لزراعة المخدرات.. وأن رجاله سحرة، ونساؤه عاهرات، بينما التفسير المنطقي لهذه المغالطة، يكمن في أن من يروجون هذه الاتهامات لا يسمح لهم مستواهم الفكري والعقلي والنفسي والأخلاقي سوى بالتعرف على هذا الجانب فقط، وبمعاشرة هذه العينة فقط من البشر التي لا تخلو منها حتى أرقى المجتمعات..ولو كان مستواهم أعلى لتعرفوا على الوجه الآخر للمغرب الذي لا يعرفونه أو لا يريدون معرفته..
– من المغالطات الأخرى الفاضحة، ان يتم تقديم الجزائر على أنها بلد رائد في مجال حقوق الإنسان، بل ومدرسة في حرية التعبير.
وأظن أن المغرب، هو البلد العربي الوحيد الذي يفتح أبوابه لجميع الجمعيات الحقوقية الدولية ويسمح لها بالتحرك بحرية، ونادرا جدا ما يلجأ إلى أسلوب المنع (في إطار مناوشات الدولة العميقة طبعا)، بل إنه البلد الوحيد الذي يسمح بدخول جميع المنشورات والمطبوعات بما فيها تلك التي تشهر بمؤسساته.. وتصدر فيه حوالي 800 جريدة ورقية ما بين محلية وجهوية ووطنية، وأكثر من 500 إلكترونية.. يكتب فيها من شاء ما شاء..
ومرة أخرى، أؤكد أن المغرب ليس جنة حقوقية، لكنه ليس سجنا كبيرا كما يعتقد الأخوة في الجزائر..فعلى الأقل لا يحتاج المرء أن يكون “مجاهدا” ليسمح له بالتعبير عن رأيه (في أضيق الحدود طبعا)، بل -وهذه شهادة سأسأل عنها غدا يوم القيامة- لم يسبق لي شخصيا أن تعرضت لأية مضايقة رغم أنني كتبت مئات المقالات التي فيها انتقاد صريح لـ”النظام”، بل أصدرت كتابا حول حزب الاصالة والمعاصرة سنة 2009 أي في أوج اندفاعة مشروع “الحزب الأغلبي”، وقد تضمن الكتاب تقويما صريحا لعشر سنوات من عمر “العهد الجديد” (على حد علمي هناك نسخة من الكتاب في المكتبة المركزية لجامعة الأغواط لمن أراد الاطلاع).
– لا أدري كيف يعطي البعض نفسه الحق في “الغضب” من خطابات رسمية يعتبرها “متحرشة”، ولا يتوقف ليتساءل : ألا يفترض أن يثير تسليح الجزائر لجزء من المغاربة ودعمهم ديبلوماسيا ولوجيستيا وماديا وتدريبهم عسكريا لقتل مواطنين مغاربة، ردة فعل غاضبة، ولمعلى هذا البلد ألا يقول حتى “أف”؟ ألا يحق للمرء أن يتبرم حين يرى ما تنشره الصحافة الجزائرية يوميا من أراجيف حول المغرب، من آخرها رفض الأمين العام الأممي استقبال ملك المغرب؟ وتصوير حوالي 20 امرأة ويافعا وهم يتظاهرون في مكان ما على أنها انتفاضة في حي معطى الله بالعيون، مع أن هذا الحي تقطنه آلاف…فضلا عن الحديث عن وجود توقيع ملك المغرب على رزم المخدرات المضبوطة بمغنية مؤخرا..وقس على ذلك..
– لقد تمنيت لو أن النخب الجزائرية مثلا أدانت ما عرفه مخيم أكديم إيزيك من جرائم إرهابية، لكن الجميع حينها رفع عقيرته للحديث عن “انتفاضة الاستقلال”، ولا أدري اية انتفاضة هذه التي يتم فيها ذبح عناصر قوة عمومية غير مسلحين، بل ورجال الوقاية المدنية الذين يحظون بالحماية حتى خلال الحروب الكونية… لكن بما أن الضحايا مغاربة.. فإلى جهنم وبئس المصير..
أعلم مسبقا أن هذا الكلام لن يجد قبولا لدى الإخوة الجزائريين، لأنهم “برمجوا” على التعامل باستعلاء مع جارهم الغربي، وعلى الاعتقاد بأنهم وحدهم يملكون الحقيقة المطلقة..كما أعلم مسبقا أن كثيرين سيبادرون إلى اتهامي بـ”العمالة للمخزن”.. لكن هدفي هنا هو أن يفهم الجميع أن محاولة جر النقاش إلى ساحات هامشية، لن يؤدي إلى نتيجة، لأن التاريخ يتوقف عند الأحداث الكبرى، أما التفاصيل غير المهمة فينشغل بها الباحثون عن الإثارة..
إن السؤال الذي ينبغي أن يطرح هنا هو التالي : ما الذي تريده الجزائر من المغرب؟ أن يرحل إلى قارة أخرى؟ أن يقدم إقرارا بأنه مسؤول عن كل الشرور التي أصابتها؟ أن يتخلى عن جزء من ترابه الوطني؟
لقد تعمدت أن أثير المقارنات أعلاه لسبب بسيط يتمثل في أن كثيرا من الأمور قد تتغير في الجزائر إذا انهارت أسعار البترول، وهذا هو السيناريو “الأسود” الذي لا يفكر فيه الساسة في الجزائر، ويفضلون إلقاء الحجارة على أسطح الجيران..
وبدل إعداد الخطط الاستراتيجية لمواجهة “مجاعة” ستكون حتمية عاجلا أو آجلا، هناك انشغال يومي بإشعال الحرائق، ليس في المغرب فقط، بل في ليبيا وتونس ومالي.. والعيش على أوهام المجد والريادة..
لقد كان ضروريا وضع النقط على الحروف، قبل الحديث عن حوار ثقافي وفكري وفني وإبداعي يساهم في إذابة الجليد بين البلدين، ويضغط على صانع القرار السياسي في اتجاه “التطبيع″..
ويبدو هذا أملا بعيدا، ما لم يستحضر الأشقاء في الجزائر أننا في سنة 2014 لا في سنة 1964 أو 1974.. وأنه بدل التنظير للمواجهة لماذا لا ينخرط الجميع في التنمية..
وأذكر مرة أخرى بأن ما بين المغرب والجزائر من صدام -على فرض حصوله بالطريقة التي يتخيلها البعض- لا يمثل حتى 1 في المليار مما بين ألمانيا وفرنسا..
*صحفي مغربي