تعالوا بنا إلى المدرسة

غزلان جنان
وجهات نظر
غزلان جنان16 سبتمبر 2014آخر تحديث : منذ 10 سنوات
تعالوا بنا إلى المدرسة
تعالوا بنا إلى المدرسة
8c1e31b24cd68f93e746d072f1231338 - مشاهد 24

يتحدث عالم اليوم عن المدرسة الفاعلة، المربون وعلماء التربية وعلم النفس والفلسفة وعلماء الحضارة، يتحدثون في الأكاديميات العلمية بصوت مرتفع عن هذه المدرسة، باعتبارها مدرسة عصر الحداثة والعولمة والتقنولوجيا المتصاعدة.
والمدرسة الفاعلة في خطاباتهم العلمية، لم تعد هي المدرسة التي تحارب الأمية، أو التي تقضي على الجهل والجهالة، وليست هي التي تعلم الأجيال نظام الجلوس والقعود في فصول الدراسة، بل هي المؤسسة التي تعد الأجيال الدائمي التعلم والاكتشاف والإنتاج والإبداع، بهدف اكتساب المعرفة / اكتساب المهارات الأساسية والعصرية والعقلية / بهدف الانخراط في العالم الحديث بقوة وجدارة ونجاح، لتحقيق الذات والعيش مع الآخرين في جو تسوده روح المواطنة والإنسانية.
المدرسة الفاعلة بهذا المعنى لا تعلم القراءة والكتابة فقط، لا تعلم دروس المحادثة فقط، لا تعلم المحفوظات والأناشيد الدينية والوطنية فقط، ولكنها أبعد من ذلك تعلم وتدرس التفكير، تعطي للإبداعات العقلانية والفنية والتقنولوجية الخلاقة فرصتها للظهور والاستمرار والنجاح.
المدرسة الفاعلة هي مؤسسة قوية لبناء أجيال متعلمة، قادرة على الاستمرار والتحدي، قادرة على المشاركة،/ مؤمنة بهويتها / مؤمنة برسالتها المستقبلية / مؤمنة بقدراتها الذاتية.
ومع أن المدرسة في الفكر الإنساني الحديث، تأخذ هذا الحجم الكبير والواسع من القيم والمسؤوليات في إعداد الأجيال الصاعدة لتكون فاعلة، فإنها لا شك ستظل في نظر علماء النفس وعلماء التربية، وعلماء الحضارة، هي البيت الثاني للأجيال المتعلمة الناشئة بعد الأسرة.
بيت الأسرة وحده من يركز الاستقرار المعرفي والوجداني والتربوي في نفوس الأجيال، وبعده تأتي المدرسة الفاعلة، التي تعطي للمعرفة والقيم السليمة المتوافقة مع قيم البيت وأخلاقه الفاضلة، حضورها في حياة الأجيال المتعلمة، إنهما معا (البيت والمدرسة) مسؤولان عن تنمية الاتجاهات الايجابية في تكوين الأجيال الصاعدة في مختلف جوانب حياتها.
من هذه الزاوية بالذات، أصبح للمدرسة الفاعلة في الزمن العالمي الراهن، أدوارا عديدة ومختلفة، مفاهيمها عند العلماء المختصين، تختلف عن مفاهيمها عند المسؤولين عن السياسات التربوية والمدرسية، خاصة في العالم المتخلف، السائر في طريق النمو.
السؤال هنا، أين المغرب الذي مرت على إعلان استقلاله الوطني ستة عقود من مواصفات المدرسة الفاعلة ؟
من فكرمن مسؤولينا في هذا الأمر؟ من خطط، من برمج، من نظر لهذه المدرسة في حكومتنا المتعاقبة،  أو أحزابنا أو منظماتنا في هذا الأمر، من أوجد لنا صيغة موضوعية لهذه المدرسة في أوضاع المغرب الراهن…؟
إن مفهوم المدرسة الفاعلة في عالم اليوم، الذي نشاركه ويشاركنا الطموحات والصراعات والأهداف، يشمل إضافة إلى المناهج والبرامج والمخططات والسياسات، كل ما يحويه البناء المدرسي، من الهيئة الإدارية، إلى الموظفين والمعلمين، ومن المتعلمين إلى الإمكانات المادية الأخرى، كالفصول الدراسية والمختبرات العلمية، والمكتبة المدرسية، والمناهج المدرسية، والملاعب المدرسية، ومراكز مصادر التعلم، وغيرها من الإمكانات الأخرى، التي نسمع ونقرأ عنها هناك، في العالم الآخر، ولا نراها هنا ولا نعرفها إلا نادرا في عالمنا.
طبعا إن عدم توفر النظر البعيد المدى إلى المدرسة، كعدم توفر إمكاناتها المادية والعلمية، يؤثر بدرجة سلبية كبرى على مستوى أدائها، ويجعلها لا تقوم بالأدوار المتوقعة منها.
نعم، إنها إشكالية معقدة، ويبدو أننا ما زلنا بعيدين عن حلها وتفكيكها وإعادة تركيبها، وذلك ما يشكل عنوان أزماتنا المدرسية.  

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق