ما فعله رئيس الجمهورية مع ممثله الشخصي وزير الدولة السيد عبد العزيز بلخادم يبقى سابقة فريدة من نوعها في تاريخ الجزائر ليس لأنه عينه في ظروف غامضة وأقاله لأسباب مبهمة ولكن لأنه أراد إهانته وحرض عليه الانتهازيين والمنبطحين في مؤسسات الدولة وهياكل الحزب وأراد إقصائه مدى الحياة من كل المناصب في قرار فريد من نوعه لم يصدر عن بيان صريح لرئاسة الجمهورية بل جاء في برقية لوكالة الأنباء الجزائرية تتحدث عن “مصادر مقربة من الرئاسة” ولا تتحدث صراحة عن بيان لرئاسة الجمهورية كما جرت العادة، ما يعني أن القرار صادر فعلا عن مصادر مقربة من الرئيس، مصادر تقرر مصير البلاد والعباد في الجزائر وتتحكم في كل شيئ !!
مهما اختلفنا أو اتفقنا مع توجهات ومواقف بلخادم فإن الكيفية التي أقيل بها الرجل فيها الكثير من الإساءة للدولة والجمهورية وللقواعد والأعراف السياسية التي تحفظ للرئيس حقه في التعيين والإقالة بحكم الدستور، ولكنها لا تمنحه حق التحكم في رقاب الناس وإهانتهم وإقصاءهم وتخوينهم والتحرش بهم عن طريق التحريض ضدهم لدرجة تدفع المعني إلى الانتحار خاصة وأن الرجل سيجد نفسه معزولا لن يهتف له أحد ولن يرد على اتصالاته أحد وقد لا يجد حتى من يمشي في جنازته إلى درجة قد يصاب معها بالجنون مثلما حدث لسابقيه ممن أصبتهم لعنة غضب الرئيس أو محيطه ..
الأمر غاية في الخطورة على رجال الدولة ومؤسسات الجمهورية لأنه يزيد من الغموض في دواليب السلطة ويؤسس لثقافة الحقد والانتقام ويدفع إلى المزيد من الاحتقان والخوف لدى مسؤولين آخرين من التعرض لنفس المصير إذا قادتهم جرأتهم إلى إبداء أي طموح سياسي أو التعبير عن مواقفهم في جزائر بوتفليقة، والأمر فيه رائحة كريهة لممارسات تدخل الشك والخوف في نفوس الكثير ممن يسمون رجال الرئيس الذين سيأتي دورهم لا محالة لأن كل شيء في السياسة عندنا مبني على الخداع والنفاق وعلى قواعد خاطئة !!
كان بإمكان الرئيس أن يكتفي ببيان لرئاسة الجمهورية يعلن فيه قراره بإقالة بلخادم من منصبه دون الحاجة إلى استعمال تلك الصيغة التي جاءت في برقية وكالة الأنباء الجزائرية ودون الحاجة إلى إهانته والتحريض عليه بالشكل الذي حدث لأن الرجل كان وزيرا أولا و وزيرا للخارجية ووزيرا ممثلا شخصيا للرئيس، والرجل كان مساندا ومؤيدا له في كل المناسبات، وكان يمكنه أن يكون مرشحا لرئاسة الجزائر وخلافة بوتفليقة!!
لست بصدد الدفاع عن عبد العزيز بلخادم لأنه يملك القدرة والحنكة والكفاءة لفعل ذلك، ولست بصدد تبرئته وتبرير مواقفه وتصرفاته، وكذلك لن أتشفى في الرجل مثلما يفعل اليوم أقرب المقربين منه ولكنني لن أتردد في الدفاع عن مبدأ عدم إطلاق النار على سيارة الاسعاف وعلى عدم الدوس على الرجال عندما يسقطون لأن الجزائر الهشة لا تزال في حاجة للتأسيس لثقافة الدولة التي يحترم فيها الرئيس والمرؤوس والقوي والضعيف والغني والفقير، والجزائر في حاجة إلى أن يحترم رجالها بعضهم البعض مهما اختلفوا فيما بينهم..
قبل بلخادم تعرض الكثير من الرجال للإهانة وبعد بلخادم سيأتي الدور على آخرين لا محالة لأن الرئيس تعوّد على إهانة رجاله ومؤيديه وكل من يقدمون له الولاء الأعمى. سيأتي الدور على آخرين بتواطؤ من أطراف بلا أخلاق ولا مبادئ يفضحها الرئيس كل مرة من خلال إركاعها واخضاعها والتحكم فيها كما يشاء ويرتكز عليها في كل المهمات القذرة التي تستهدف إهانة الرجال الذين يفكرون في استنشاق الهواء دون إذن من الرئيس .. نحن في بلد يُرَاد لنا أن نشعر فيه بأننا أملاك لصاحب الجلالة يفعل فيها ما يشاء .. لكن هذا لن يتحقق لأن هذا البلد اسمه: الجزائر، وشعبه هو شعب حر وسيد لن يرضى بالاستعباد ..
“الحدث” الجزائري
اقرأ أيضا
توقيع اتفاقية شراكة لحماية المنشآت الإدارية لبنك المغرب وتأمين نقل الأموال
وقعت المديرية العامة للأمن الوطني وبنك المغرب على اتفاقيتين، الأولى عبارة عن بروتوكول بشأن تخويل …
صحيفة: غواصة نووية فرنسية تشارك لأول مرة في مناورات بحرية مع المغرب
قالت صحيفة “mer et marine” الفرنسية المتخصصة، إنه بمناسبة النسخة الثلاثين من مناورة “شيبيك”، وهي …
تخطط لجنازتها بعد زيارة قصيرة للطبيب
بعد زيارة اعتقدت أنها بسيطة للطبيب بعد إصابة في كتفها، أصبحت أم لطلفين، تخطط لإقامة …