ليلة القبض على بلخادم!

كان من المنطقي جدا أن يتخلص بوتفليقة من بلخادم عند أول منعرج حاسم بعد الرئاسيات، لكنّ “غير المنطقي” أو عنصر المفاجأة الوحيد إلى حدّ ما، يتمثل في الطريقة التي اختارها لإبعاده عن كل “هياكل الدولة والحزب العتيد”، وكذا أسلوب “الإهانة” الذي نفذه الرئيس (أو حاشيته) لذبح الرجل.. أسلوب يشبه تماما سكب دلو من الماء البارد أو الثلج على رأسه مثلما يفعل الناس عبر مختلف بقاع العالم هذه الأيام!
لم ينزعج بوتفليقة من بلخادم”الديمقراطي” الذي جلس برفقة علي بن فليس وحمروش وبن بيتور في قاعة واحدة للحديث عن “العملية الانتقالية” وشروطها، ولم ينزعج من جلوسه مع رئيس حمس عبد الرزاق مقري أو”تخابره” مع حركة المقاومة الإسلامية في غزة، فالأمر يبدو أبعد بكثير من تلك “القصص” التي كان بلخادم يدرك تماما أنها لن تُغضب الرئيس منه، لكنه انزعج “لطموحه السياسي المنجرف”، والذي لم يعد ابن مدينة آفلو يستطيع مسكه ولا التحكم فيه، بل تركه في بعض الحوارات ينفلت منه بشكل كبير و”مقصود” !
انزعج بوتفليقة أكثر حين قال بلخادم في تصريح تلفزيوني إن مشاركة جنودٍ من الجيش الوطني في احتفالات عيد الاستقلال الفرنسي تعد عارا، ليس لجبهة التحرير وحسب وإنما للجزائر برمتها.. هذه الكلمات كانت قوية، ونافذة ومباشرة!
وطبعا، لن ينتظر سعداني المدعوم من شقيق الرئيس ومستشاره الخاص، أو سلال الذي قال عنه بلخادم إنه بلا “كاريزما سياسية” فرصة أفضل من هذه للانقضاض على الأمين العام السابق للأفلان.. تحديدا، عندما يخرج هذا الأخير “مدّعيا” أنه تشاور مع بوتفليقة، بحضور كبار المسؤولين في الدولة، وتلقى توجيهات منه للتخلص من سعداني والخروج بالأفلان من أزمته، أمر ظهر بأن بلخادم يبالغ فيه جدا، أو لا أساس له من الصحة أصلا!
يدرك بلخادم أنه مرشح لخلافة بوتفليقة، وأن هذا الأخير سيرحل إن آجلا أو عاجلا من قصر المرادية، بأيّة طريقة؟ لا أحد يعرف، لكن الواضح تماما أن”الإشاعة القوية” أو لنقل “نصف الحقيقة” المنشورة قبل فترة، والمتعلقة بخبر استخراج بلخادم استمارات الترشح للرئاسيات، أغضبت بوتفليقة كثيرا.. ففكر حينها في طريقة من أجل التخلص منه.. طريقة يعد بوتفليقة لاعبا محترفا في تنفيذها منذ وقت طويل.. تتمثل في “قرّب الفريسة من عرينك ثم اصطيادها بأقل الخسائر الممكنة ومن دون أيّ فرصة لها للنجاة أو حتى التخبط”..
فعلا.. سقط بلخادم بعد برقية وكالة الأنباء الجزائرية من عليائه دون أن يتخبط، بل تم ذبحه “سياسيا” من الوريد للوريد بشكل جعله أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الانضمام لنادي رؤساء الحكومات الغاضبين (حمروش، غزالي، وبن بيتور) أو العودة لبيته متحملا مرارة الإهانة، ومرغما على الاستراحة “حتى إشعار آخر”، حيث يبدو الخيار الثاني أقرب للواقع، بسبب مرض الرئيس أولا وضعف بلخادم بالأساس… أو بالأحرى، ضعف الحلف الذي راهن عليه بلخادم داخل النظام المليء بالعصب المتطاحنة!
قد يكون عمار سعداني هو الرابح الأكبر لكن جماعة بلعياط لن تملّ من مواصلة إزعاجه قبل المؤتمر المقرر مع بداية العام المقبل، ولعله الوقت المناسب ليلعب هؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم “لجنة الوفاء” آخر أوراقهم في محافظات الأفلان عبر الولايات الداخلية، أو ربما قد “يشطحون” بالمعارضة الصريحة، وقد فعلها أحدهم حقا بعد إقالة بلخادم حين قال إن الرئيس تعسّف في استعمال صلاحياته كرئيس “شرفي للأفلان”!
“الشروق” الجزائرية  

اقرأ أيضا

الملك يبعث برقية تعزية إلى بايدن إثر وفاة الرئيس الأسبق جيمي كارتر

بعث الملك محمد السادس برقية تعزية ومواساة إلى الرئيس الأمريكي، جوزيف بايدن، على إثر وفاة …

وزارة التضامن تكشف حصيلة 2024 ومقاربات دعم الأشخاص في وضعية إعاقة

كشفت وزارة التضامن والأسرة، حصيلتها لسنة 2024 على المستوى الاجتماعي. وأبرزت وزارة التضامن أن حصيلة …

روبوت “إنسان” لتحضير القهوة يحصل على وظيفة مدفوعة الأجر

بدأت شركة Figure للروبوتات المدعومة من OpenAI في شحن روبوتها البشري الثاني Figure 02 إلى العملاء التجاريين، حيث حصل روبوت على …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *