دبلوماسية المزاج!

أثار تحذير مديرية الشؤون القنصلية الأمريكية الرعايا الأمريكيين من زيارة الجزائر غضب الجزائر واستغرابها بحجة أن الأسباب التي أثارتها المذكرة غير مؤسسة ولا أساس لها من الصحة، ولا تعكس طبيعة العلاقات بين البلدين ومستواها.. ردة فعل الخارجية الجزائرية كانت مشحونة بالانفعال والحنق والعتاب أيضا. فلم تستسغ الخارجية الجزائرية لجوء “الخاوة” في أمريكا إلى إعادة الجزائر إلى تلك الخانة بعد مجاملات أثلجت صدور الجزائريين في قمة أمريكا – إفريقيا.
الإدارة الأمريكية تفرق جيدا بين المعاملة الديبلوماسية، والفعل الديبلوماسي، فلا تحتكم إلى المجاملة في وضع سياستها وتسيير شؤون بلادها وأمور رعاياها.. قد يحدث أن تعمد واشنطن إلى المجاملة والاهتمام بضيفها، خاصة إذا تعلق الأمر بضيف من الدول المتخلفة وخاصة العربية منها. هذا الاهتمام لا يعني أنه سينعكس على مواقفها أو توجهات سياستها الخارجية، التي لا تخضع إلا للتقارير والدراسات التي تعدها المراكز المتخصصة والديبلوماسيون المحنكون..    
وبالعكس من ذلك، عادة ما تركز الدول المتأخرة على الشكليات التي تتماهى والمزاج، وتستند إليها في تقييم الأشياء وتقدير المواقف.. الجزائر تكون قدرت الموقف من هذا الجانب، فقد حظي وفدها المشارك في قمة أمريكا – إفريقيا باهتمام وترحيب أمريكيين دفع الجزائريين إلى الاعتقاد بأنهم أصبحوا أصدقاء أمريكا إلى درجة أنها ستحسب لهم حسابا في سياستها الخارجية وبالتالي تحرص على ألا تخدش شعورهم أو تثير حفيظتهم، أو أنها ستجاملهم.. وهذا ما جعلهم يستغربون التحذير الأمريكي ويغضبون منه، ويعمدون إلى وصفه نكاية في واشنطن بـ:”اللاحدث”.. وهذا هو الفرق بين سياسة تصنعها المؤسسات وديبلوماسية يتحكم فيها المزاج..
“الشروق” الجزائرية

اقرأ أيضا

الصحراء المغربية

منزلقات تأويل موقف روسيا من المينورسو

أثار التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص التمديد لبعثة المينورسو جدلا كبيرا في مختلف …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *