النساء والرئاسة في تونس

غزلان جنان
وجهات نظر
غزلان جنان10 أغسطس 2014آخر تحديث : منذ 10 سنوات
النساء والرئاسة في تونس
النساء والرئاسة في تونس
5dbd975dfe4e095d3ef5e938a582955b - مشاهد 24

ليلى الهمامي ثالث امرأة تعلن عن نيتها في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في تونس. هي جامعية وخبيرة في مجال التنمية البشرية. ليس وراءها حزب، لكونها مستقلة. كما أنها ستعتمد على نفسها في تغطية نفقات حملتها الانتخابية، وهي تعتقد بأنها ستحصل، في البداية، على تزكية عشرة آلاف مواطن، لضمان قبول ترشحها من الجانب القانوني، وفق ما ينص عليه الفصل 38 من الدستور التونسي الجديد، أو تزكية من عشرة نواب في المجلس الوطني التأسيسي حالياً، أو 40 من رؤساء البلديات.
كما أن لهذه السيدة ثقة في أن تحصل على دعم من أغلب التونسيين، لأنها ترى في أن السنوات الثلاث السابقة أكدت غياب سياسيين، يتمتعون بالصدق والقدرة، في حين أن المرأة هي الأقدر، حسب وجهة نظرها، على إدارة شؤون البلاد، وتوحيد التونسيين.
قبل إعلان ليلى الهمامي، سبق لرئيسة حزب الحركة الديمقراطية للإصلاح والبناء، وهو حزب صغير، آمنة منصور، أن قررت دخولها حلبة السباق الرئاسي، مؤكدة، هي أيضاً، على قدرتها على تحقيق الإضافة. بعد ذلك بفترة وجيزة، انخرطت، في السياق نفسه، القاضية المعروفة كلثوم كنو التي سبق لها أن تعرضت لقمع نظام زين العابدين بن علي في أيام الجمر، عندما كانت عضواً في المكتب الشرعي لجمعية القضاة التونسيين، وأصرت مع بقية زملائها على رفض الانقلاب على الجمعية، والمطالبة بضمان استقلال القضاء.
 كما ترشحت أيضاً رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية، بدرية قعلول، مؤكدة بذلك أن قصر قرطاج مفتوح للجميع بما في ذلك للنساء.
أربع مرشحات، والباب يبقى مفتوحاً لأخريات، قد يرين في أنفسهن الكفاءة في منافسة الرجال على الوصول إلى أعلى هرم السلطة. فهذه المرة الأولى التي تتمرد النساء فيها على احتكار الذكور هذا المنصب المشحون برمزية خاصة لدى التونسيين.
آمن الحبيب بورقيبة بقدرات النساء، ودافع عن حقوقهن المدنية والسياسية، وجعل من قضيتهن إحدى أولوياته الرئيسية، لكنه لم يقبل مطلقاً أن تنافسه امرأة في انتخابات نزيهة وحرة. والسبب بسيط، فبورقيبة لم يكن مؤمناً بالديمقراطية. وما رفضه بالنسبة للنساء كان أشد رفضاً له بالنسبة للرجال. كان مصراً على الاعتقاد بأن التعددية تفكيك لوحدة الأمة.
أما بشأن بن علي، فقد كان الموقف أكثر سوءاً، فهو لم يكن يرى في المرأة سوى جزء من ديكور للاستمرار في تسويق صورة حديثة لنظام أمني وفردي وفاسد. لم تكن المرأة تعني له شيئاً في المجال السياسي. ولهذا، لم يختر سيدة لتنافسه صورياً، كما فعل مع ذكورٍ، اختارهم ليوهم نفسه والعالم بأن تونس في عهده بلد ديمقراطي.
اختلف الوضع، اليوم، وتعالت نبرة انتقاد النساء أداء السياسيين من الرجال. وتعالت أصوات بعضهن ليجهرن بالقول إن منصب الرئاسة ليس حكراً على الذكور. حتى رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، اضطر للتصريح، خلافا لمواقف المرشد العام لحركة الإخوان المسلمين، وكذلك الشأن بالنسبة لعموم السلفيين، بأنه “لا مانع من تولي سيدة تونسية منصب رئاسة البلاد، إذا فازت في الانتخابات المقبلة”.
قد يبدو الأمر لبعضهم مجرد توابل لإضفاء نكهة خاصة على التجربة التونسية، غير أن تحليل ما يجري يؤكد أن المشهد السياسي والاجتماعي يخضع حالياً لتحولاتٍ عميقةٍ، سيكون لها تداعيات مباشرة على المستقبل. فاقتحام النساء الفضاء السياسي، بشكل تطوعي ومستقل، قد يفتح المجال في المستقبل أمام وعي جديد، يتطور عبر الممارسة والتراكم، بقطع النظر عن نتائج الانتخابات المقبلة التي يستبعد أن تنهي الهيمنة الذكورية على القصر الرئاسي.
“العربي الجديد”
  

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق