ارفعوا أياديكم عن ليبيا

المتمعّن في البيان الختامي لاجتماع دول الجوار الليبي يتبيّن مسالك تضييع الفرص ومسلكيات فقدان زمام المبادرة في زمن «اغتيال العقل» عبر «فوضى «الثورات الخلاقة»…
فأن يدعو الجوار الليبي إلى الحوار والمصالحة داخل ليبيا وأن يرفض التدخل العسكري الأجنبي في البلاد،  لهو أمر ذو بال لو اتخذ في السياق الصحيح وفي المقام الأصح..
ذلك أنّ ليبيا التي كانت تمثل الحدّ الأدنى من السلطة والحدّ الأدنى من المؤسسات والحدّ الأدنى من الشرعية قبل تدخل الناتو لهي الأولى والأحق بدعوات المصالحة والمسامحة والمصارحة ولهي الأحق أيضا برفض العدوان ومنع استباحة الأوطان تحت أي عنوان من عناوين حماية حرمة الإنسان.
ولكن عندما تسقط المؤسسات وتتشظى الشرعيات وتتفتت الدولة على حجارة السلاح والميليشيات وعلى صخرة أمراء النفط والإرهاب المتحالفين مع الطغمة السياسية الفاسدة تصبح هذه الدعوات بمثابة «النفخ في الهواء»..
وبمنطق تحليل «الخطاب»، عندما يتخطى الزمان سياق الكلام يصبح الأخير بلا قيمة وجدوى.
نقول هذا الكلام، لأنه في خضم أحداث 17 فيفري 2011، كانت الدوائر السياسية في تونس – أحزابا وحكومة وشعبا مغلوبا على أمره- تطبّل لدخول الأطلسي وللعدوان على ليبيا ولضرب مقدرات الشعب الليبي ولدعم تمرد عسكري في الشرق متدثر بعناوين الديمقراطية والتعددية وكسر ربقة الفساد والاستبداد في البلاد.
وكانت ذات الدوائر ـ التي ترفض اليوم التدخل العسكري الأجنبي أو تدعو إلى مصالحة وطنية شاملة ـ تقف في ذات الصف مع الصهاينة الفرنسيين من أمثال هنري برنار ليفي ومع الصهاينة الأمريكيين من قبيل جون كيري وجوزيف ليبرمان…
ليبيا اليوم ـ وبعد أن تعرضت لشرخ أفقي اجتماعي وهوّة عمودية ما بين الدولة والمجتمع ـ لا تحتاج لمن يعدّل موقفه وموقعه من المشهد الليبي بزعم أن المشكل الليبي هو مشكل داخلي تونسي بالأساس بعد أن بان له هوان مقاربته القائمة على الانخراط في المعادلة السياسية الليبية لصالح طرف دون الآخر…
ليبيا اليوم في حاجة إلى دفع إقليمي لمبادرات تصحيحية تصالحية قائمة على التجميع بين شتات الوطن المفرّق بين مصر وتونس والمبنية أيضا على مشروع سياسي وطني يصالح ليبيا مع عصرها ومصرها ومع قيمها الدينية والاجتماعية الاصيلة.
ذلك أنّه من المعيب أن يصدر القلق والتخوّف على الليبيين من أفئدة سياسيين استمرؤوا وضع ليبيا تحت الفصل السابع واستطابوا قصف مدنها بالهاون وتلذذوا بدماء أبنائها المراقة على جدارية «إنسانية» الناتو..
ففي تونس الكل مذنب والكل مسؤول عن وضع ليبيا في المقصلة والمشرحة…
“الشروق” التونسية

اقرأ أيضا

وصف الجزائر بلا هوية وتستهدف وحدة المغرب.. النظام الجزائري يعتقل الكاتب بوعلام صنصال

يواصل النظام الجزائري سياسته القمعية لإخراس الأصوات التي تنتقد سياسته أو تلك التي تنطق بحقائق تثير حنق "الكابرانات".

الجنائية الدولية تصدر مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت والضيف

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، مساء اليوم الخميس، مذكرتي اعتقال بحق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق في مجلس الحرب يوآف غالانت، بالإضافة إلى مذكرة اعتقال في بيان آخر للقائد العام لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس "محمد الضيف" واسمه الكامل إبراهيم المصري، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

السجن 50 عاماً لامرأة أجبرت أطفالها العيش مع جثة متحللة

قضت محكمة، الثلاثاء، بسجن امرأة لمدة 50 عاماً لإجبار ثلاثة من أطفالها على العيش مع …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *