معركة طرابلس

غزلان جنان
وجهات نظر
غزلان جنان16 يوليو 2014آخر تحديث : منذ 10 سنوات
معركة طرابلس
معركة طرابلس
500ea36c9a57dd2a3f6b431393e1621c - مشاهد 24

لم تبخل الأيام القليلة الماضية بمؤشرات تصعيد خطير تشهده ليبيا، فكل الأحداث والمواقف والتحركات كانت ممهدة لما تعيشه طرابلس من تجييش وتحشيد متبادل بين الأطراف المتصارعة، وإذا كان المتوقع قد حصل، يبدو التكهن بما بعده هو الأمر المؤرق والباعث على الانزعاج والتخوف .
عكس ما يحصل في بنغازي، حيث تقوم قوات اللواء خليفة حفتر بمقاتلة الجماعات المتطرفة التي عاثت في المدينة قتلاً واغتيالاً، سارعت ميليشيات ما يسمى “غرفة ثوار ليبيا” الإسلامية إلى الهجوم على مطار طرابلس لانتزاعه من كتائب الزنتان الداعمة ل “معركة الكرامة”، وأدى الهجوم إلى حصيلة ثقيلة من القتلى والجرحى تجاوزت الخمسين ولم تشهدها طرابلس منذ أشهر، ولكن الدموية التي اتسمت بها المعركة كانت توحي بأن معركة طرابلس التي جرى التحذير منها مراراً قد أزفت، لتقطع بذلك الطريق على أي مساع لحقن الدم في ظل غياب أي حوار جاد يمكن أن يجنب المدينة أياماً عصيبة . وحتى انتخابات الأزمة التي جرت مؤخراً وتعطل صدور نتائجها، يبدو أنها لن تكون خطاً سياسياً فاصلاً بين المتصارعين، فأحد عوامل التوتر المتصاعد، لا سيما في طرابلس، هو التخوف من النتائج التي سترسم مشهداً جديداً على الأرجح .
بلغة أوضح، جاء الهجوم على مطار طرابلس رداً على الضربات التي تتلقاها الميليشيات الإسلامية المتطرفة في بنغازي، كما أنه يأتي استباقاً لخطط تحضر في أكثر من عاصمة لوضع حد للفوضى المستمرة في ليبيا والتي باتت خطراً وتهديداً على المنطقة والعالم أكثر من خطرها على الليبيين أنفسهم . فميليشيات “درع ليبيا” وعلى رأسها مجموعات مسلحة من مصراتة متهمة بارتكاب جرائم تطهير في تاورغاء وسرت وبني وليد، تريد أن تكسب ميداناً قوياً يمكنها من مجابهة أية ضغوط قد تواجهها في الفترة المقبلة . وبالمقابل، فإن المجموعات المسلحة المناوئة والمشكّلة أساساً من كتائب الزنتان ليست بذلك الضعف الذي يمكن من إنهاء نفوذها، فهي فضلاً عن قوتها الذاتية، تمتلك حلفاء أقوياء في مختلف مناطق ليبيا، وإذا احتدمت المعركة، فإن نفير كتائب كثيرة إلى طرابلس أمر وارد بشدة، وهذا الاحتمال التقطته أكثر من جهة وحذرت من تداعياته .
قبل معركة المطار، سارعت الأمم المتحدة بإجلاء جميع موظفيها وإغلاق مكاتبها في طرابلس، وحذرت عواصم غربية عديدة من تدهور وشيك . وبالتزامن مع المعركة اجتمعت دول جوار ليبيا في مدينة الحمامات التونسية في مسعى لإنقاذ ليبيا من حرب وشيكة بدأت آمال تجنبها تضعف من يوم إلى آخر . وفي جانب آخر تستعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى التحرك وإصدار لائحة تتضمن قائمة بأسماء ميليشيات وشخصيات ليبية مسؤولة مباشرة عن تعطيل المسار السياسي وتحويل البلاد إلى عامل لعدم الاستقرار . وأغلب الظن أن لائحة الاتهام الدولية وقائمة العقوبات بشأنها لن تتأخر كثيراً في ظل هذا الوضع الحرج . ومن خلال ما يرشح من تحركات، فإن المجتمع الدولي يستعد لمخاطبة الوضع الليبي بلغة جديدة لن تخلو من التهديد، وربما التدخل المباشر، خصوصاً إذا صدرت نتائج الانتخابات متطابقة مع الرهانات المتوقعة منها .
“الخليج” الإماراتية

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق