معارضو “النهضة” إلى الانقسام … مجدّداً

غزلان جنان
وجهات نظر
غزلان جنان24 يونيو 2014آخر تحديث : منذ 10 سنوات
معارضو “النهضة” إلى الانقسام … مجدّداً
معارضو “النهضة” إلى الانقسام … مجدّداً
67e479ad19e46688bd4d73fd351c92da - مشاهد 24

يبدو أن الأحزاب التونسية المناهضة لحركة النهضة مقدر لها أن تبقى غير موحدة، على الرغم من تعدد المسائل المشتركة بينها، على صعيدي المرجعية الثقافية والأهداف السياسية، وهي إذ تقرّ بأن تشتت صفوفها ألحق بها أضراراً كثيرة ولا يزال، إلا أن سلوكها الغالب ينحو، دائماً، نحو تكريس الانقسام، وتغليب الاعتبارات الحزبية الضيقة على مصالحها المشتركة.
هذه النزعة الانقسامية ازدادت وضوحاً وقوةً واتساعاً بعد الثورة، وجاءت انتخابات المجلس الوطني التأسيسي لتؤكد ذلك، فالمشهد، يومها، كان يشير، بوضوح، إلى تفوق تنظيمي لحركة النهضة التي تمكنت، بسرعة، من تضميد جراحها، واستعادة مخزونها البشري، وحسن استثمار المناخ السياسي الجديد. مع ذلك، أصرت جميع الأحزاب على خوض الانتخابات منفردة، واجتاحت قياداتها مشاعر الغرور والثقة المفرطة في النفس، فكانت النتيجة أن مني أغلبها بهزيمة قاسية، وبرزت حركة النهضة أكبر حزب في تونس.
حدثان أكدا أن وجود خلل فادح في صفوف الأحزاب التي تشكل ما يطلق عليها “العائلة الديموقراطية”. فاليوم والتونسيون يتهيأون لخوض الانتخابات البرلمانية، بعد أربعة أشهر، وتحديداً يوم 26 أكتوبر/تشرين أول، يلاحظ أن أوراق المعارضين لحركة النهضة لا تزال أوراقهم، مرة أخرى.
تمثل الحدث الأول في إعلان الحزب الجمهوري، بقيادة المحامي نجيب الشابي، عن فك ارتباط حزبه ببقية أحزاب المعارضة للترويكا، وتمسكه بالترشح للانتخابات الرئاسية بشكل منفرد. وجاء القرار بعد اختلافات وتباينات اكتسبت قدراً عالياً من الحدة مع بعض أطراف أحزاب اليسار الراديكالي.
بعد ذلك، جاء دور الباجي قائد السبسي الذي اندفعت معظم الأطراف الحزبية نحو دعمه على إثر إعلان النتائج، قبل أكثر من سنتين، عساه يقود البلاد نحو تعديلٍ في ميزان القوى السياسي، يقلص من حجم حركة النهضة، وهو ما ساعده على تأسيس حزب كبير في وقت قياسي، ها هو يفاجئ حلفاءه بالإعلان، قبل أيام، عن أن حزبه سيخوض الانتخابات المقبلة بقوائم تحت رايته الخاصة. وبذلك، يكون هذا السياسي المخضرم، والذي تعطيه استطلاعات الرأي المكانة الأولى في نوايا التصويت للانتخابات الرئاسية، قد أطاح برهان الذين كانوا ينوون تحويل الهيكل التنسيقي الذي أطلق عليه “الاتحاد من أجل تونس”، والذي ضم أبرز الأحزاب المتضررة من صعود حركة النهضة، من تكتل سياسي إلى تحالف انتخابي. وقد أربك هذا الإعلان معظم الأحزاب القريبة من “نداء تونس”، وبعثر أوراقها، وجعلها تتداعى من جديد، لتعيد حساباتها مرة أخرى، وتبحث عن صيغةٍ تقلل من حجم خسائرها المتوقعة.
السؤال المطروح اليوم على الساحة السياسية: هل المشهد الحزبي الذي أفرزته الانتخابات السابقة مرشح لأن يتم إعادة إنتاجه في ضوء هذه المؤشرات؟
لا شك في أن المشهد سيختلف بعض الشيء، بسبب دخول حزب نداء تونس، لأول مرة، في منافسة ندية ضد حركة النهضة التي خسرت أوساطاً سبق لها أن صوتت  لصالحها، كما أن توحد مجموعات أقصى اليسار مع القوميين ضمن ما يعرف بالجبهة الشعبية، والتي اكتسبت قدراً من الشعبية، خصوصاً بعد اغتيال رمزين من رموزها، ما قد يعدل النتائج ويقرب الفجوة بين النهضة ومنافسها، إلا أن ذلك لن يخفف كثيراً من الاختلال الواضح في ميزان القوى، كما أنه سيرسخ لدى الرأي العام صورة سلبية عن النخبة السياسية المناهضة للإسلاميين، والتي لا تزال مشتتة، وغير مستعدة لبناء قطب ليبرالي/ يساري، يمكنها من الخروج من النفق الضيق الذي وجدت نفسها فيه بعد الثورة، وخصوصاً خلال السنتين الماضيتين.
“العربي الجديد”  

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق