سان أغوستين، فلوريدا, مايو (آي بي إس) – لقد حوّل إقتراح السلام لعام 2014 -الذي طرحه الزعيم البوذي الياباني ورئيس منظمة سوكا غاكاي الدولية، دايساكو ايكيدا- إنتباهي وتركيزي علي الأخبار اليومية، ليتوجه نحو الإهتمام بتحقيق غاية التوصل إلي مجتمعات بشرية أكثر سلاما وإنصافا وإستدامة.
هذا الإهتمام يشاطره الملايين من البشر الذين تجاوزوا أهدافهم الشخصية البحتة، المحلية والقومية، وأصبحوا مواطنون عالميون.
فيسبب خلل المؤسسات الحالية الآن، أزمات يومية ويدفعنا إلي اختراقات جديدة حيث يسعى البشر لإيجاد حلول جديدة. فقد كان التوتر دائما بمثابة أداة للتطور -كما حدث بالفعل طيلة 3.8 مليار سنة من أشكال الحياة على كوكبنا.
ولا شك في أن أزمات اليوم هي عواقب الابتكارات التكنولوجية والاجتماعية قصيرة النظر، ومعالجة المشاكل على المدى القصير بدون استباق آثارها على نطاق التداعيات طويلة الأجل.
وهذا هو باعث علي القلق حول كيف يحرق البشر الوقود الأحفوري ويحفر في الأرض للحصول على الطاقة.
وهذا أيضا هو ما دفعني للانضمام إلى “جمعية المستقبل العالمية” في الستينات.كنت آنذاك أقود جهود تنظيف الهواء الملوث في مدينة نيويورك، وكنت أقيم بالقرب من محطة طاقة حرق الفحم التي تضخ ضخمة من الدخان والسخام في حديقة اللعب حيث كنت أحمل أنا والأمهات الأخريات أطفالنا الرضع.
الوقت مر بسرعة والآن نحن في عام 2014، لكنني ما زلت أحمل بطاقة المستقبل في لجنة التخطيط التابعة لمشروع الألفية الذي يقيس 15 تحديا عالميا للأسرة البشرية برمتها.
يشير أحدث تقرير لنا عن “حالة المستقبل 2014 ” إلي المسارات التي نتقدم عليها وإلى أين نحن مقصرون في التصدي لهذه التحديات: التنمية المستدامة وتغير المناخ؛ المياه؛ السكان والموارد؛ الديمقراطية؛ صنع السياسات على المدى الطويل؛ عولمة تكنولوجيا المعلومات؛ الفجوة بين الأغنياء والفقراء؛ الصحة؛ قدرات صنع القرار؛ حل النزاعات؛ تحسين وضع المرأة؛ الجريمة المنظمة عبر الوطنية؛ الطاقة؛ العلوم والتكنولوجيا، والأخلاقيات العالمية.
يشارك في مشروع الألفية هذه ممثلون عن الأوساط الأكاديمية والحكومة والمجتمع المدني والشركات في 50 دولة.
وفي نفس الوقت، حدد دايساكو ايكيدا -رئيس منظمة سوكا غاكاي الدولية التي تضم 12 مليون عضوا- معالم اقتراح السلام السنوي لعام 2014 كما سبق وأن فعل منذ عام 1983. ايكيدا، الذي ولد في عام 1928، هو أحد المواطنين العالميين الأكثر تميزا في العالم.
يشاطر اقتراح السلام 2014 هذا “إنشاء القيم من أجل التغيير العالمي: بناء مجتمعات تتسم بالمرونة والإستدامة” قضايا الأمم المتحدة: أي تجاوز الأهداف الإنمائية لألفية عام 2000، إلي جدول أعمال 191 دولة في ريو+20 في البرازيل في عام 2012، بإعتبارها أهداف التنمية المستدامة.
هذه الأهداف تتبنى الآن الانتقال من الوقود الأحفوري والطاقة النووية إلى الإقتصادات الخضراء الأكثر لامركزية ونظافة اخضرارا.
لقد وصلت إلى استنتاجات مماثلة في “رسم خريطة التحول العالمي إلى عصر الطاقة الشمسية (2014)”. أي أن سحب استخدامات الوقود الأحفوري، واليورانيوم، ومحطات الطاقة النووية والأسلحة النووية، أصبح ممكنا الآن بفضل التكنولوجيات الحالية وعلى النحو المبين في العديد من التقارير التي تم تغطيتها في 2014 Green Transition Scoreboard®.
الإرادة السياسية في العديد من الدول لا تزال رهينة لمصالح خاصة وجماعات الضغط “اللوبي” والمال من هذه القطاعات وإعاناتها الضارة. والحركات المدنية في جميع أنحاء العالم تضغط على صناديق المعاشات والجامعات لسحب استثماراتها من القطاعات المتحجرة والتحول إلى إستثمارات أنظف وأكثر اخضرارا وأكثر استدامة.
وينضم خبراء ماليون مخضرمون -بما في ذلك جيرمي غرانثام وروبرت مونكس- الآن إلي هذا التوجه. والآن ويجري الاستغناء محطات الطاقة النووية في الولايات المتحدة وأوروبا بفضل طاقة الرياح الأرخص، وبدائل الطاقة الشمسية العالية الكفاءة، يخطط الكثيرون في آسيا لها، وحتى في الصين التي أصبحت الآن تقود العالم في مجال الطاقة الشمسية.
هناك حاجة إلى اختراقات مفاهيمية ضخمة لتحويل النماذج القديمة التي يسببها قصر النظر بل والعمى، وواحدة منها هو اقتراح “ايران تتشمس” (“Iran Goes Solar”) الذي ينمو بسرعة، من قبل “مؤسسة بلانك ( Planck Foundation) من أجل إيران”، لانهاء النقاش السياسي بأكمله بشأن حقها في تطوير الطاقة النووية المدنية.
هذا يمكنه أن يتجاوز كل العقوبات، و؛ذلك مخاوف إسرائيل حول دولة أخرى تحوز أسلحة نووية في الشرق الأوسط، وأيضا “كهربة” مؤتمر الامم المتحدة المقبل بشأن معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
بينما يدعو ايكيدا، بحق، للتوصل إلى اتفاق “عدم استخدام” تحت ستار معاهدة حظر الانتشار النووي، فإن خطة “مؤسسة بلانك” هي بمثابة مغّير للنموذج.
إيران يمكنها تسريع انتقالها من الوقود الأحفوري والنووي على حد سواء، وذلك من خلال الحصول على الفور علي شريحة من أسهم شركات الطاقة الشمسية في الصين، ومن ثم شراء أكبر عدد ممكن من الألواح الشمسية.
هذا هو بالفعل بديل أرخص بكثير لبناء المفاعلات النووية أو محطات توليد الطاقة من الوقود الأحفوري. وهكذا سوف تبقي إحتياطيات إيران الوفيرة من النفط البقاء تحت الأرض كمواد أولية قيمة للإستخدامات الصناعية بدلا من حرقها، وهي خطة اقترحتها خلال برنامج علي شبكة NBC-TV في عام 1965!.
وتدعو تفاصيل خطة بلانك “ايران تتشمس” أيضا لتوسيع خدمات السكك الحديدية على “طريق الحرير” إلى الصين، وتخضير الأراضي الصحراوية بالنباتات الممتصة اللملح كما هو الحال في خطة DesertCorp وذلك من أجل توسيع الزراعة القائمة على مياه البحر في العديد من المناطق الصحراوية.
خلل اليوم ينتج بالفعل الخطط النظامية جديدة والاختراقات المقترحة منذ فترة طويلة من قبل المواطنين المستقبليين والعالميين.كل هذه الخطط لمستقبلنا المشترك والاقتصادات الخضراء تغطيها “وسائل إعلام الأسواق الأخلاقية” (الولايات المتحدة والبرازيل) في حين تتجاهلها كبري وسائل الإعلام.
ــــــــــــــــــــ
*هازل هندرسون رئيسة وسائل إعلام الأسواق الأخلاقية Ethical Markets Media (الولايات المتحدة والبرازيل) ومؤسسة Green Transition Scoreboard®.(آي بي إس / 2014)