اليوم العاشر من ديسمبر 2015 يحصل الرباعي التونسي الراعي للحوار على جائزة نوبل السلام من خلال احتفال ينتظم بالأكاديمية السويدية، تزامنا مع ذكرى وفاة ألفريد نوبل في العام 1896، ومع إحياء اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي تم إقراره منذ تبني الأمم المتحدة ميثاق حقوق الإنسان في العام 1948.
التونسيون في جزء كبير منهم سعداء بالإنجاز بينما يعتبره آخرون مجاملة لطيفة من الغرب الذي يستثمر في كل شيء بما في ذلك الجوائز والنياشين لخدمة مشاريعه، وأشدّ الناس تفاؤلا يقول إن تونس قدمت درسا في إدارة الحوار لتجاوز ارتدادات عاصفة يناير 2011، لذلك استحقت التتويج النوبلي، كما أن الرئيس التونسي لم يقصّر، فهو الذي وجه في يناير الماضي رسالة إلى المشرفين على الجائزة، دعاهم فيها إلى تتويج الرباعي الذي يتكون من اتحاد النقابات العمالية واتحاد رجال الأعمال والمستثمرين وعمادة المحامين ورابطة حقوق الإنسان، وقال لهم في رسالته تلك، إن التتويج سيدعم ثقافة الحوار في المنطقة، وسيساعد التونسيين على تجاوز وضعهم المتأزم.
إقرأ أيضا: فوز اللجنة الرباعية للحوار الوطني في تونس بجائزة نوبل للسلام
الغرب ذاته، يريد أن يقول إن عاصفة الخريف العربي التي كان نافخا أصيلا فيها، لم تفشل لأن المشروع مختل من الأساس أو لأن الخطة مصابة بفقر الدم السياسي والحضاري، وإنما لأن الشعوب غير راغبة في الديمقراطية، وبالتالي فإن الشعب التونسي المتعطش للديمقراطية نجح في إدارة مساره الانتقالي، واستحق التتويج عن جدارة، وهذا القول قد يصلح لتخدير شعوب الغرب، ولكنه لا يفيد مع التونسيين ومع العرب الذين اكتشفوا حقيقة اللعبة، وأدركوا أن لا ثورات ولا هم يحزنون، وكل ما في الأمر كان طبخة، بهارها الأساسي إخواني على قاعدي فداعشي بمذاق طائفي ومذهبي وجهوي وقبلي، ويتم الطبخ على نار الإشاعات والأكاذيب والمؤامرات التي لم تعد خافية عن كل ذي عقل، في حين تقوم بتحريك القدر لوبيات وعصابات وأمراء حرب وزعماء ميليشيات ودعاة متشددون ومحللون انتهازيون وعملاء بعضهم ثابت في مهنته، والبعض الآخر موسمي.
ربما يبقى هناك ما يستحق الاعتزاز من قبل “التوانسة” وهو أن الجائزة حصلت عليها منظمات من المجتمع المدني لها تاريخ طويل في النضال السياسي والاجتماعي. وهذه المنظمات كان لها دور مهم في التصدي لمحاولات “خونجة” البلاد واختراق أجهزتها وتدمير بنيتها الثقافية والمجتمعية لفائدة مشروع الإسلام السياسي الذي كان يقاد من الخارج بـ”الريمونت كونترول” في إطار مشروع يتجاوز تونس وأخواتها إلى ما هو أبعد وأوسع ولكن الله سلّم.
*كاتب وصحفي تونسي/”العرب”