(1)
سرير “أسماء” كان سريري
وسريري كان سريرها
مثل عنزتين كنا نخرج إلى المدرسة
بضفيرتين والبذلة الورد
في المدينة “القصر الكبير”
كنا نشرد في الزقاق المظلم
أو في الدروب بحيّ “المرس”
ونعبر الدكاكين تبيع القطاني والسكر وحلوى العيد
ونعدو من غابة إلى غابة في ضاحية المدينة
أسماء تذكر ذلك الجَنين، عثرنا عليه طريا
ملقى به بين الأحراش
تخلت عنه امرأة جرجرتْ خطيئتها تسعة شهور عِجاف
صرختْ أسماء حينما رأيته
كاد يغمى عليها
كادت تهوي في الوجل والرهبة والبكاء
غير أني ضممتها بوجيب الحب، لأني الكبرى
وجعلتُني وصيةً على خوفها
ومع الرفاق
ذهبنا نخبر عن الجنين، وعن المرأة لم نرَها تبتعد بين الأشجار
بينما أسماء تهرول
وتحكي ما جرى.. وتقسم ألا تذرع الغابة من جديد
كنا نرمي الحقيبة المدرسية على السلم
ونعود إلى الغرفة
ندس بين الثياب دراهمنا وأسرارنا الأخرى
لم تكن للغرفة إلا نافذة
كنا نطل منها على المارة ونغني أحيانا أغنيات الأندلس
ونرشق منْ في التَّحْتِ بطائرات نصنعها من ورق
ونضحك.. نضحك
كلما مرَّ عصفور وغَمَزَ.
(2)
كان اسم دميتي “محجوبة”
وكنت قد وضعت لها في الركن بيتًا صغيرًا
وسريرًا
وغطاءً للسرير
وثيابًا قزحيةً خِطْتُها بما فضل من قماش والدتي
من قفاطينها ومناديلها
لكني لم أوفق في أن أصنع لها أختًا
كي تضحك وإياها
كلما مرَّ عصفور وغَمَزْ.
(3)
تلك غرفة للطفولة
تلك سمعت اللثغات الأولى
وأولى الضحكات
وفيها ربَّيْتُ أحلامًا تمشي معي اليوم
إلى حيثُ أقيمُ الآنَ
في الهباء.