أجرى محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، مساء أمس الأربعاء في باريس، مباحثات ثنائية مع نظيرته الفرنسية رشيدة داتي، همت بحث تعزيز التعاون الثنائي في المجال الثقافي بعد توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية بين البلدين.
وتناولت المباحثات، التي جرت بمقر وزارة الثقافة الفرنسية، بحضور سفيرة المغرب بباريس سميرة سيطايل، حصيلة المشاريع المشتركة وضرورة تسريعها في ظل الديناميكية الإيجابية التي تعرفها العلاقات المغربية الفرنسية بفضل الشراكة الإستراتيجية المتجددة التي أرساها الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وترأس الوزيران حفل استقبال على شرف الوفد المغربي المشارك في فعاليات مهرجان الكتاب بباريس، الذي يحتفي بالمغرب ضيف شرف.
وأمام نخبة من الشخصيات الفكرية والثقافية والإعلامية والسياسية الفرنسية والمغربية، أعرب بنسعيد عن ارتياحه لمبادرة مهرجان باريس للكتاب بتكريم المغرب، وهو حدث يحتفي بالكتاب والصداقة الفرنسية المغربية على حد سواء، ويجسد “الرابطة الوثيقة” القائمة على “وحدة اللغة، لكن أيضا على تقاسم الاختلافات وحوار الذاكرات”.
وفي هذا الصدد، أكد الوزير أنه “في عالم مضطرب فإن الصداقة الفرنسية المغربية هي أكثر من مجرد نموذج، بل هي تجسيد لمستقبل آخر ممكن بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، لنقول إن الذاكرة والماضي لا يجب أن يفرقا بل أن يجمعا، وبين أوروبا وإفريقيا، لنظهر أن التحديات الديموغرافية والهجرة يمكن تحويلها إلى فرص للاستثمار في أغلى ما نملك، الثقافة والشباب، وأيضا لبقية العالم لنبين كيف يمكن للاختلافات، في اللغة والمعتقدات والروايات التاريخية، أن تصبح فرصة للإبداع، بدلا من الصراع”.
واغتنم بنسعيد هذه الفرصة لإبراز جهود المغرب الذي، تحت قيادة الملك محمد السادس، اختار الثقافة “أساسا للنهضة”، وقال: “منذ خمسة وعشرين عاما انخرط بلدنا في مسار صعب، وهو مسار النمو المستدام، والتنمية الاقتصادية في ظل الإدماج الاجتماعي، والديمقراطية في إطار تعزيز المؤسسات وتوسيع المشاركة، على جميع المستويات، المحلية والإقليمية والوطنية”، مؤكدا أن “الثقافة هي مفتاح هذا النموذج المغربي للنهضة، عامل للإدماج الاجتماعي وتعزيز الروابط الجماعية، ومحرك للنمو الاقتصادي من خلال الصناعات الثقافية والإبداعية، ومركز حي للحوار العام والمشاركة المواطنة”.
وأشار المسؤول الحكومي ذاته إلى أن فرنسا تشارك هذه الرؤية من خلال رغبتها في كتابة “كتاب مشترك” مع المغرب، واختتم بأن “هذه الصداقة الفرنسية المغربية هي بالتالي رؤية مقترحة لقارتينا، إمكانية لرواية أخرى، وتكوين خيالي آخر، يكون شغوفا ولكنه هادئ، متجذرا في الماضي ولكن بدون ضغينة، وملتزما بشدة بمستقبل من الصداقة والثقافة”.