توفي، صباح اليوم الخميس، الملحن الكبير محمد بن عبد السلام، عن عمر يناهز الـ94 عاما، بعد مسيرة فنية حافلة بالإنجازات التي تركت بصمة في تاريخ الموسيقى والغناء المغربي.
وولد محمد بن عبد السلام، المعروف بلقب “سيد الأغنية المغربية الزجلية”، في مدينة سلا عام 1930، واسمه الحقيقي محمد التواشي، ونشأ في بيئة فنية ساهمت في صقل موهبته المبكرة.
وبدأت رحلة محمد بن عبد السلام الفنية عام 1952 مع أولى أغانيه “في الدرب”، التي غناها ولحنها بنفسه، تبعتها أغنية “يا لخاطف عقلي” من كلمات الفنان محمد حسن الجندي.
وقد التحق في نفس العام بجوق “راديو ماروك” بالرباط، مما أتاح له فرصة التميز والتألق في الساحة الفنية. وفي عام 1953، كان أحد مؤسسي “الجوق العصري” للإذاعة، الذي مثل نقطة تحول كبيرة في مسيرته الموسيقية.
وأسس بن عبد السلام، في بداية مسيرته، جوق “الاتحاد السلاوي”، الذي نظم حفلات في مختلف المدن المغربية، وساهم بشكل بارز في إدماج المطربين في الأوبريتات الغنائية، من أبرز أعماله في هذا المجال أوبريت “مشروع بورقراق” ومحاورات غنائية مثل “التيلفون” و”أنت هاني”.
ومنذ خمسينيات القرن الماضي، برز محمد بن عبد السلام كأحد أعمدة الفن المغربي، حيث وقع على حوالي 250 عملا موسيقيا حملت توقيعه، غنتها أصوات خالدة مثل إسماعيل أحمد، وعبد الوهاب الدكالي، ونعيمة سميح، ومحمد الإدريسي، بالإضافة إلى أسماء عربية بارزة كالفنانة التونسية علية، التي لحن لها أغنية “أنا من أنا” للشاعر اللبناني إليا أبو ماضي، كما لحن أيضا أعمالا أخرى وطنية وعربية قومية، أبرزها “المجد العربي” بمناسبة الانتصار في حرب أكتوبر عام 1973، وهو العمل الذي سجل في مصر بمشاركة كبار الفنانين، مثل هاني شاكر، ومحمد رشدي، وغيثة بن عبد السلام.
وساهم الراحل في نجاح العديد من الفنانين المغاربة، بفضل تلحينه لعدد من الروائع والأغاني الخالدة، منها أغنية “سولت عليك العود والناي” للفنان إسماعيل أحمد، وأغنية “البحارة” لنعيمة سميح، و”الظروف” لعبد الهادي بلخياط.
ويشار إلى أن محمد بن عبد السلام كان قد قرر اعتزال الفن في عام 1992، بعد تعرضه لحادث سير، أبعده عن الميدان، ورغم انسحابه ظل تأثيره حاضرا عبر ألحانه وبرامجه.