توماس فريدمان يكتب عن أربع كلمات ستختفي من القاموس

كلما قرأت الأخبار كلما بدا لي أن أربع كلمات أضحت قديمة وأن مصيرها هو أن تسقط من قاموسنا. هذه الكلمات هي “خصوصية” و”محلي” و”متوسط” و”لاحقا”. بهذه العبارة افتتح الكاتب الصحفي الأمريكي الشهير توماس فريدمان إحدى مقالات عموده بجريدة “نيو يورك تايمز”.
الكاتب حاول التطرق لمجموعة من التغيرات على الواقع المعيشي في عالمنا الحالي، والتي تستدعي إعادة النظر في الكلمات سالفة الذكر. فريدمان ضرب مثالا على واقعة مالك نادي “لوس أنجلوس كليبرز” لكرة السلة، دونالد ستيرلينغ، الذي تناقلت وسائل الإعلام الأمريكية تصريحات العنصرية في حق السود والتي قالها في تسجيل عبر الهاتف قامت بها صديقته، قبل أن يجد طريقه إلى الصحف والقنوات التلفزيونية، للحديث عن نهاية ما نسميه “خصوصية”.
“في عالم يتحول فيه كل من يملك هاتفا محمولا إلى بابراتزي، و يتحول فيه كل من لديه حساب في تويتر ومسجل صوت في هاتفه إلى صحفي، و يصبح كل من يستطيع تحميل فيديو على يوتوب مخرجا، ويتحول أي شخص آخر إلى شخصية عمومية”، يقول فريدمان.
القضية أثارت سخرية العديد من المعلقين على الأحداث السياسية في أمريكا، وجعلت البعض يتحدث بنوع من الدعابة التي لا تخلو من عمق، بضرورة أن يكف المرء عن التفوه بالأمور التي يخشى أن تصل إلى الرأي العام. “حتى في المنزل”. أجل، قد يبدو الأمر كذلك، بحيث يتعين عليك، حتى في بيتك، “أن تتحدث مثل الناطق باسم البيت الأبيض”.
في نفس الإطار تبدو كلمة “محلي” متجاوزة. وضرب فريدمان كمثال على ذلك خبرا تناقله موقع غوغل عن سيدة أمريكية بسانتا في بولاية كاليفورنيا تمت متابعتها بتهمة الهجوم على طفل كان يضايق ابنتها. حدث محلي عابر تحول إلى خبر دولي بفضل محرك غوغل. وبالتالي “أي شخص يقول لك إن ما يحدث في لاس فيغاس يظل في لاس فيغاس فهو يسخر منك”.
خبر آخر نقله فريدمان يثبت أن لا مكان لكلمة “متوسط” في القاموس، وهي لمزارع أمريكي يستخدم الروبوت لحلب أبقاره. هذا المزارع، يقول فريدمان، اضطر إلى عدم الاكتفاء بما يعرفه عن حلب الأبقار بطريقة يدوية وتعلم كيف يشغل الروبوت. كذلك الشأن بالنسبة لأي شخص يسعى إلى العمل اليوم، لا يجب عليه أن يكتفي بأن يعرف ما يعرفه غيره، بل يتعين على كل فرد أن ”يبحث عن قيمته المضافة” وعن ما يميزه إن أراد “إعادة إنتاج نفسه” والتقدم في عمله.
وأخيرا، تبدو كلمة “لاحقا” التي كان لها معنى خاص عندما كنا صغار، حيث كانت تتأجل عدد من الأحلام، تبدو بلا معنى اليوم. الكاتب أشار إلى خبر يتعلق بذوبان المزيد من جليد القارة القطبية الجنوبية “أنتاركتيكا” وأن المنطقة وصلت مرحلة اللاعودة.
“لاحقا كانت تعني أنه بإمكاننا أن نرسم نفس المنظر الطبيعي وأن نشاهد نفس الحيوان ونتسلق نفس الشجرة ونصطاد في نفس النهر ونزور نفس منطقة أنتاركتيكا وأن ننقذ نفس الكائنات المهددة بالانقراض”، لكن الأمر لم يعد كذلك اليوم.
لذلك، “إذا كنت تخطط لإنقاذ شيء فرجاء أنقذه الآن. لإنه “لاحقا” سيكون قد رحل. لاحقا سيكون الوقت قد فات”، يقول فريدمان.

اقرأ أيضا

المنتدى المغربي الموريتاني يرسم مستقبل تطور العلاقات بين البلدين

أشاد المنتدى المغربي الموريتاني، باللقاء التاريخي بين الملك محمد السادس والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ …

مكسيكو.. مشاركة مغربية في مؤتمر دولي حول حماية البيئة

شارك الأمين العام لحزب الخضر المغربي ورئيس أحزاب الخضر الأفارقة، محمد فارس، مؤخرا بمكسيكو، في مؤتمر دولي حول حماية البيئة.

الجزائر

أليس لجنرالات حكم الجزائر من يُصحِّيهم

إنه إعصارٌ اندلع هُبوبًا على الرُّقعة العربية من هذا العالم، له جذورٌ في “اتفاقيات سايكس بيكو”، ولكنه اشتدَّ مع بداية عشرينات هذا القرن وازداد حدة في غزة، ضد القضية الفلسطينية بتاريخها وجغرافيتها، إلى أن حلَّت عيْنُ الإعصار على سوريا، لتدمير كل مُقوِّمات كيانها. وهو ما تُمارسُه إسرائيل علانية وبكثافة، وسبْق إصرار، نسْفًا للأدوات السيادية العسكرية السورية.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *