من الطبيعي، أن يشعر الإنسان بالقلق، من حين إلى آخر، الشيء الذي قد يكون إيجابيا، كونه يحفز الشخص على التفوق وتقديم الأفضل في حياته العملية و الشخصية. إلا أن الإحساس بالقلق المتكرر وبصورة حادة، دون أي سبب حقيقي، قد يتحول إلى مرض من شأنه أن يعيق حياة الفرد اليومية .
يؤكد Joseph Bienvenu و هو أستاذ مساعد متخصص في الطب النفسي و علم السلوك بجامعة Johns Hopkins ببالتيمور بالولايات المتحدة ،على أن القلق (anxiété) هو شعور طبيعي يمر به المرء خلال حياته اليومية و الذي يظهر من خلال عدة أعراض كالإسهال وصداع الرأس والأرق وغيرها، إلا أن العديد من الاحكام و المعتقدات تضع هذا المرض النفسي داخل هالة من التساؤلات حول أعراضه،أسبابه و آثاره على الفرد .
في هذا الإطار نحدد بعض الأفكار المغلوطة حول القلق المرضي و من بينها :
الأشخاص الذين يتعرضون للقلق المرضي هم الأكثر ضعفا
يظن العديد من الناس على أن “الإصابة بالقلق المرضي هو دليل على الضعف”، يقول Joseph ، إلا أنه و حسب هذا الأخير فإن القلق المرضي ليس مرتبطا دائما بالخوف أو بالضعف ولا يمكن إعتماد هذين العنصرين كدليل على الإصابة بالقلق المرضي .
الإصابة بالقلق المرضي ليس بالأمر الخطير
حسب Allison Baker ، طبيبة نفسانية متخصصة في معالجة الأطفال و المراهقين ، فإن القلق المرضي ليس بالمرض الذي يمكن التغاضي عنه لأن نتائجه قد تكون وخيمة ، كونه قد يتسبب فيما بعد بأمراض أخرى كالاكتئاب و مشاكل الإدمان .
وتحذر الأخصائية النفسانية من قلة الاهتمام بإصابة الأطفال والمراهقين بالقلق المرضي ظنا أن الأمر عادي و غير خطير، خاصة و أن أعراض القلق المرضي عند هذه الفئة لا تظهر بصورة جلية و بالتالي يكون مصير هذه الأخير اللامبالاة.
القلق المرضي ليس بالمرض الشائع
مشاكل القلق تصيب ما يقارب %12 من البالغين الشباب الفرنسيين و %18 من الأمريكيين في وقت تغيب فيه الإحصائيات بخصوص الإصابة بالقلق في صفوف المغاربة، كما تضيف الأخصائية Allison Baker ، على أن الأطفال لا يسثتنون من إحتمال التعرض للإصابة بالقلق المرضي.
الطفولة الصعبة.. خلفية ممهدة للإصابة بالقلق المرضي
فكرة أخرى مغلوطة حول القلق المرضي ، مفادها أن لهذا الأخير جذورا متصلة بمشاكل مرتبطة بالماضي ، حيث يؤكد Joseph Bienvenu أن هذه الفكرة خاطئة ، بدليل أنه لا وجود لرابط متبث علميا بين الطفولة الصعبة و مرض القلق ، علاوة على ذلك فإن الطفولة الصعبة قد ترتبط بأمور أخرى و ليس فقط القلق المرضي ، كما أن هنالك بعض الأشخاص الذين أمضوا طفولة سعيدة لكنهم رغم ذلك أصيبوا فيما بعد بالقلق .
و حسب المنظمة الأمريكية للقلق والإكتئاب فإن أغلب الأخصائيين و المعالجين النفسانيين لا يرتكزون على ماضي المريض، بل يهتمون أكثر بالوضعية الحالية لهذا الأخير، كما أن الدراسات أبانت على أن طرق الإسترخاء في علاج القلق استنادا على تركيز المريض على اللحظة الآنية، قد أعطى نتائج فعالة في التخفيف من حدة القلق.
ضرورة تجنب المصاب بالقلق المرضي لمصادر الخوف
عوض الهروب و تجنب الخوف، يدعو الأخصائيون إلى العكس ، حيث أن “الهروب ليس بالإستراتيجية الجيدة ” حسب ما صرح به David Spiegel ، طبيب مساعد متخصص في الطب النفسي و علم السلوك بجامعة Stanford . و يضيف أنه كلما واجه المريض مصدر الخوف و القلق، كلما ساعده ذلك على الإحساس بشعور أفضل .
في مقال نشر بجريدة New York Times ، أفاد Joseph LeDoux ،أستاذ علم الأعصاب بجامعة نيويورك ، أنه رغم نجاعة الهروب و تجنب مصدر القلق أحيانا إلا أن هذه الإستراتيجية تبقى غير ناجعة و تزيد من حدة المرض حيث أن الأشخاص المصابين بالقلق غالبا ما يضطرون إلى تجنب العلاقات و التفاعلات الإجتماعية و التي تشكل عاملا جد مهم في الحياة اليومية سواء تعلق الأمر بالحياة المهنية أو الشخصية.
الألم يختفي من تلقاء نفسه
العديد من الأشخاص يظنون أن القلق ليس بحاجة إلى معالجة، إلا أنه و حسب الأخصائيين فإن العكس هو الصحيح ، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأطفال و المراهقين، حيث أن عدم معالجته قد يؤدي إلى الإصابة بالإكتئاب في كثير من الأحيان .
القلق …واجهة لصدمات نفسية
حسب Joseph Bienvenu من الخطأ التفكير في القلق على أنه نتيجة لتجربة مؤلمة أو لخوف عاشه المريض، حيث أكد على أنه و في حالات الرهاب فإن سبب المرض لا يكون بالأساس ناتجا هم تجربة عاشها الفرد في الماضي بل قد يكون الأمر عضويا.