ما هو سياق صفقة طائرات “رافال” بين مصر وفرنسا؟

خصصت مجلة “جون أفريك” الفرنكفونية المعروفة مقالا خصصته للسياق الذي جاء فيه إبرام مصر لصفقة شراء طائرات “رافال” الفرنسية.
المقال الذي عنونته الجريدة، “السيسي: “بوتين” العربي الذي يريد إرهاب الإرهابيين”، اعتبر أن الرئيس المصري يسعى إلى تحقيق أهداف عدة من خلال صفقة مشابهة، ومنها أن يظهر للحليف الأمريكي أن القاهرة قادرة على التحرر من الوصاية الأمريكية والتأكيد على الوعود التي قدمها للشارع المصري إبان انتخابه في يونيو 2014 بأنه سيعد لمصر مكانتها وقوتها.
المجلة لم يفتها التنويه كذلك بأن الصفقة مهمة جدا لصناعة الأسلحة الفرنسية بعد خيبات متكررة في عدد من الأسواق الدولية سواء في البرازيل أو الإمارات أو المغرب أو سويسرا فضلا عن تأخر التوقيع على الاتفاق مع الهند بخصوص شراء 126 طائرة.
المجلة اعتبرت أن قيمة الصفقة، 5.2 مليار أورو، والتي تم الاتفاق بشأنها في ظرف قياسي، وهو 5 أشهر، يثير الدهشة في ظل وجود 15 بالمئة من المواطنين المصريين ممن يعيشون البطالة وتضرر الاقتصاد منذ قيام الثورة ضد الرئيس حسني مبارك في يناير 2011.
صفقة بهذا الحجم ما كانت لتتم طبعا لولا الدعم الكبير الذي تقدمه ثلاثة من دول الخليج وهي الكويت والإمارات والسعودية والتي شاركت في تمويلها.
وفي محاولتها لوضع صفقة شراء طائرات “رافال” في سياقها، أكدت “جون أفريك” أن الضربات الجوية التي قامت بها ضد ما قيل إنها مواقع تنظيم “داعش” في ليبيا عقب إعدام 21 محتجزا قبطيا مصريا، ما هي ربما إلا مقدمة لانخراط عسكري أكبر من طرف الجانب المصري.
وشبهت المجلة الفرنكفونية الرئيس عبد الفتاح السيسي فلاديمير بوتين حيث قالت إنه فضلا عن ما يقتسمه معه من لغة الجسد العسكرية والحلم باستعادة القوة الضائعة، فإن السيسي يريد “إرهاب الإرهابيين”.
فمعلوم أن نظام السيسي يقدم دعمه لقوات خليفة حفتر المدعومة من قبل حكومة خليفة حفتر حيث تخشى القاهرة أن تقوم مجموعات متطرفة في ليبيا بالتنسيق مع “الجهاديين” المصريين في سيناء.
وترى المجلة أن التحليلات تختلف بخصوص سبب لجوء القاهرة إلى صناعة السلاح الفرنسية للتزود بما تحتاجه، بين من يرى في ذلك نتيجة للخلافات بينها وبين واشنطن بخصوص الدعم العسكري المقدم من قبل الولايات المتحدة ومن يعتقد بأنه محاولة لرد الاعتبار للمؤسسة العسكرية التي تعتبر نواة النظام السياسي منذ 1952.
روبرت سبرينغبورغ، وهو باحث بمعهد الدراسات السياسية بباريس، يعتبر أن هناك مبالغة في الحديث عن قدرات الجيش المصري وأن هذا الأخير يعاني في واقع الأمر من عدة مشاكل سواء في ما يتعلق بنقص العناصر البشرية أو العتاد أو الأطر العسكرية المؤهلة مثل الطيارين.
ويضيف سبرينغبورغ أن الجيش المصري، خصوصا بعد الانتقادات التي وجهت لها بسبب فشله في سيناء، بحاجة إلى مزيد من المروحيات المقاتلة على شكل “أباتشي” لأنه يمكن استخدامها بفعالية في استراتيجية لمواجهة تمرد مسلح.
وأكدت المجلة نقلا عن باحث فرنسي أن شراء الأسلحة، خصوصا عندما يكون بقيمة كبيرة مثل صفقة طائرات “رافال”، يجب أن يكون حسب الحاجيات ومعطيات الواقع ولا ينبغي أن يتم إرضاء لبعض النزوات أو مجاملة لبعض الأصدقاء، معتبرا أنها ربما تعبر في الحالة المصرية عن حاجة حقيقية خصوصا وأنها لا بد أن تتم بتشاور مع رئاسة أركان الجيش.
وأوضحت “جون أفريك” أن ما تمتاز به طائرات “رافال” من كونها تستخدم في الدفاع الجوي والاستطلاع لعبت في صالحها، كما أنها ستكون مزودة بأحدث التقنيات على خلاف طائرات إف16 الأمريكية المقدمة في إطار الدعم العسكري التي تخصصه واشنطن للجيش المصري، والمعدلة بحيث لا تهدد التفوق العسكري لإسرائيل حليف أمريكا القوي في الشرق الأوسط.
ومن جانبه يرى كريم بيطار، مدير الأبحاث بمعهد العلاقات الدولية والاستراتيجية بباريس، أن القاهرة تريد أن تظهر لواشنطن أنها قادرة على تنويع شركائها العسكريين من خلال إبرام اتفاقيات مع فرنسا وروسيا، ودفع الولايات المتحدة إلى التفكير جيدا قبل توجيه أي انتقادات لنظام السيسي والتعامل معه بتقدير أكبر في “الحرب ضد الإرهاب”.
هذا التوجه المصري ما كان ليتم طبعا لولا الدعم الخليجي حيث ضخت هذه الدول ما لا يقل عن 20 مليار دولار منذ يوليوز 2013.
فالسعودية والإمارات لا تنظر بعين الرضى إلى كثير من مواقف إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في السنوات الأخيرة، ومن بينها الدعم المقدم للإخوان المسلمين في مصر ما بين 2011 و 2012 والتراجع عن مبدأ إسقاط النظام السوري والتقارب الدبلوماسي مع إيران، وهو ما جعل دول الخليج ترى أن أوباما، رئيس ضعيف ويميل كثيرا إلى التوافق، ليس بالحليف الذي يمكن التعويل عليه.
بالمقابل فإن سياسة فرنسا على عهد الرئيس فرانسوا هولاند ووزير خارجيته لوران فابيوس تسير في اتجاه تقوية العلاقات مع الرياض واتخاذ موقف متشدد من طهران، في حين كان الرئيس السابق نيكولا ساركوزي قد نسج علاقات جيدة مع قطر.
كما أن فرنسا من بين الدول الغربية القليلة التي تستمر في المطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد المرفوض من قبل السعوديين بسبب علاقته بالنظام الإيراني.
بالإضافة إلى ذلك هناك توافق مصري فرنسي بخصوص الوضع في ليبيا، تضيف جون أفريك، حيث يدعم الطرفان الخيار العسكري، وهو ما تؤيده الإمارات التي تساند بقوة اللواء خليفة حفتر.
الصورة تبدو أكبر، تقول “جون أفريك”، حين نعرف أن الاتفاق العسكري الفرنسي المصري لشراء طائرات “رافال” تم وضع لمساته الأخيرة حينما التقى فرانسوا هولاند بعبد الفتاح السيسي على هامش جنازة العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله.
هذا الاتفاق يأتي في أعقاب اتفاق سعودي فرنسي لتسليح الجيش اللبناني، وهو ما ترى فيه المجلة الفرنكفونية دليلا على الغضب السعودي من الولايات المتحدة ولجوءها إلى فرنسا من أجل إبرام الصفقات العسكرية.

اقرأ أيضا

المهاجرون الأفارقة

تونس.. السلطات تزيل خيام مهاجرين وسط تنديدات حقوقية

قامت قوات الأمن التونسية، اليوم الثلاثاء، بتفكيك مخيمات مؤقتة لمهاجرين غير شرعيين يحلمون بالوصول إلى أوروبا بالعامرة وجبنيانة التابعتين لولاية صفاقس.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *