أعلن موقع وإذاعة “راديو إم” الجزائري الشهير بنبرته النقدية، توقفه عن النشر بعد حكم قضائي أصدرته محكمة الاستئناف قضى بحل الشركة المصدرة للموقع.
ويأتي هذا التطور، في وقت لا يزال الصحافي المؤسس للموقع، إحسان القاضي في السجن، بعد أن حكم عليه العام الماضي بـ7 سنوات سجنا.
وقال صحافيو الموقع في بيان لهم، إنهم “بقلوب مثقلة بالحزن، يعلنون عن توقف النشر في الموقع، بعد أن قاوموا قدر المستطاع ومروا بتيارات باردة وعواصف عنيفة يبدو أنها لن تهدأ”.
وذكر البيان أنه في 13 يونيو 2024، أكدت محكمة الاستئناف بالجزائر العاصمة الحكم الابتدائي بحل شركة “إنترفاس ميديا” الشركة الناشرة لموقع راديو إم، ومصادرة جميع أصولها المحجوزة مع غرامة قدرها عشرة ملايين دينار.
كما أمرت شركة “إنترفاس ميديا” بتعويض هيئة ضبط السمعي البصري بمبلغ مليون دينار.
وبالإضافة إلى هذا الحكم القاسي، وفق ما وصفه الصحافيون، “ستدخل ترسانة جديدة من القوانين المؤطرة للإعلام والمواقع الإخبارية حيز التنفيذ قريبا، مما يجعل مواصلة نشاطنا أمرًا مستحيلا”.
وتشكل هذه القوانين التي تقيد الحريات بشكل أكبر بالنسبة للمؤسسات الإعلامية الحالية والمستقبلية، حسبهم، تهديدا أكبر لعنوان اختار التعامل مع الأخبار الوطنية بكل موضوعية وترقية حرية الرأي والدفاع عن الحريات الديمقراطية.
ووفق البيان، فإنه منذ اعتقال مدير النشر، إحسان القاضي، في دجنبر 2022 ومصادرة جميع معدات الإذاعة وتشميع مقرها، ظل الموقع موجودا رغم المضايقات المستمرة لصحافييه من قبل السلطات والعقوبة المشددة لمديره بالسجن سبع سنوات منها خمس سنوات نافذة، والمتابعات القضائية ضد الشركة الناشرة”.
وأضاف الصحفيون أن استمرار أنشطة راديو أم، الذي أصبح غير متاح على شبكة الإنترنت في الجزائر (محظور على النطاق الجزائري) بداية عام 2023، كان في ظروف صعبة للغاية.
وقال المحامي والحقوقي، سعيد زاهي، إن تجربة “راديو إم” رائدة، مبدياً حسرة على “تحطم أحلام كثير من الصحافيين الجزائريين”.
وتعد مكونات “إنترفاس” الصحافية مزعجة للسلطات بسبب تعاطيها مع الأنشطة الحكومية والقرارات والإجراءات الرسمية، بلمسة نقدية حادة. كما اشتهر مديرها الستيني، إحسان القاضي، بحدة كتاباته ومنشوراته في مواقع الإعلام الاجتماعي.
وأدانت المحكمة الابتدائية إحسان، العام الماضي، بالسجن خمس سنوات منها ثلاثة موضع تنفيذ، بناء على تهمة: “تلقي أموال من الداخل والخارج، وجمع تبرعات دون رخصة للدعاية لمصالح خارجية، من خلال استغلال مقر شركة (إنترفاس ميديا)، لتسيير الموقع الإلكتروني غير المرخص راديو إم، الذي يعرض منشورات ونشرات للجمهور، من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية، وذلك عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي”.
وبعد استئناف الحكم من طرف المتهم، رفع القضاء سنوات السجن النافذ إلى خمس سنوات، وشكل ذلك صدمة كبيرة وسط العاملين في المنصتين الإخباريتين، الذين كانوا يتوقعون تبرئته من التهمة.
وخلال محاكمته، تمسك إحسان القاضي ببراءته، مشيرا إلى أنه طيلة ممارسته للصحافة لأكثر من 40 سنة تعرض لعدة متابعات قضائية، لكن بقي ثابتا على مبدئه ورافضا للتنازل عن حريته. كما نفى أن يكون قد تلقى تمويلا أجنبيا، مؤكدا أن المبلغ الذي على أساسه كيفت هذه التهمة هو مساعدة من ابنته للمؤسسة على اعتبار أنها أحد مساهميها. أما المحامون فيعتقدون أن القضية سياسية تتعلق بآراء ومواقف القاضي.
ويحظى إحسان القاضي منذ سجنه، بدعم عدد واسع من الصحفيين داخل وخارج الجزائر ومنظمات حقوقية ومدافعة عن حرية الصحافة.