أخيرا، انتبهت فرق الأغلبية في مجلس النواب إلى أن هناك مناطق باردة في المغرب، تشكو ” معضلة التدفئة”، فقرت تخصيص لقاء دراسي خاص بها، غدا الثلاثاء، بمشاركة مسؤولين حكوميين وبرلمانيين وخبراء ومهتمين، تحت شعار “نحو إستراتيجية وطنية توازن بين متطلبات التدفئة وضرورات المحافظة على البيئة”.
ويهدف اللقاء الدراسي، وفق منظميه “إلى فتح حوار علمي حول معضلة التدفئة بالمناطق الباردة، والبحث في أشكال الدعم الواجب تأمينها لسكان المناطق الباردة قصد ضمان حقهم المشروع في التدفئة، ولفت الانتباه إلى ضرورة العمل على تخفيض تكلفة التدفئة النقدية والبيئية، وتسليط الضوء على بعض التجارب الدولية الناجحة في مجال البحث عن مصادر بديلة للتدفئة بالحطب.”
وانطلاقا من أرضية اللقاء ، حسب بلاغ تلقى موقع ” مشاهد24″، نسخة منه، فإن التعاطي مع معضلة التدفئة بالمناطق الباردة، ظل مفتقدا للرؤية الشمولية المفترض أن تحكم تأمين حاجة الساكنة.
واستنادا لنفس الوثيقة، فإن الكلفة المالية والبيئية لاستعمال حطب التدفئة باهضة جدا، إذ يتعلق الأمر ، بمئات الهكتارات من المجال الغابوي التي يتم التضحية بأشجارها تلبية للطلب المتزايد على هذه الوسيلة التقليدية في مجال التدفئة، في مقابل محدودية النتائج المترتبة عن برامج الاستخلاف وإعادة التشجير.
واعتبرت أرضية اللقاء أن الحاجة إلى التدفئة في المناطق الباردة لا تبرر بأي حال استنزاف الثروات الغابوية، ولا تسوغ الإمعان في تلويث البيئة، في وقت أصبح بالإمكان تأمين هذه الحاجة بشكل كاف عبر استخدام الطاقات المتجددة وغيرها من المصادر الطاقية الصديقة للبيئة وبتكلفة جد محدودة، إلى جانب إمكانية اعتماد الهندسة المعمارية الملائمة لطبيعة الطقس الشديد البرودة، وفق ما جاء في المصدر نفسه.
مقابل ذلك، لابد من تذكير منظمي اللقاء الدراسي، أن سكان المناطق الباردة في المغرب العميق، تعوزهم الإمكانيات المادية، لتجهيز مساكنهم بآليات الطاقات المتجددة، التي تتطلب اعتمادات ومبالغ تفوق قدراتهم الشرائية، المتدهورة أصلا، ولذلك فإن الخيارات المطروحة أمامهم لجلب الدفء إلى مساكنهم المتواضعة، تبقى شبه منعدمة، ما يدفع البعض منهم إلى الاستعانة بحطب الغابة، في انتظار أن تتحرك الدولة نحوهم بتمكينهم من شروط التدفئة، خاصة في فصل الشتاء، وهذا لن يتم إلا من خلال دعم حقيقي وفعال يستجيب للحاجيات اليومية.
وكثيرا ما يكون الأطفال في الجبال هم ضحايا موجات البرد القارس، ومازالت مأساة صغار دوار أنفكو في جماعة أنمزي – تونفيت بخنيفرة في المغرب تسكن ذاكرة المواطنين، بعد أن أودت بحياة حوالي 27 منهم في شهر يناير سنة 2007.
في ظل هذا الواقع، وفي غياب التحرك الحكومي الكافي، شهد المغرب في السنوات الأخيرة، بعض المبادرات ذات الطابع التضامني ، من طرف بعض الجهات والجمعيات، في شكل مساعدات للمناطق الجبلية التي تخيم عليها أجواء مناخية قاسية في فصل الشتاء، تؤدي أحيانا إلى قطع الطرق عنها، ما يجعلها تعيش في عزلة شديدة تحت رحمة السماء.