عكس ما هو مطلوب، أدى بث ثوان معدودات من اللقاء الذي جمع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مع نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند إلى تأكيد الهواجس المتعلقة بعجز بوتفليقة عن تحريك أي عضو باستثناء يده اليمنى، كما باءت محاولة هولاند ووزير خارجيته فابيوس لمنح بوتفليقة “شهادة صلاحية” بالفشل، بل وعرضتهما لوابل من سخرية وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في فرنسا.
اللقاء “الفضيحة”، كان حلقة جديدة في مسلسل “تعذيب علني” لرجل هرم يدرك جميع مواطني الجزائر- باستثناء رجالات محيط بوتفليقة في قصر المرادية- أنه عاجز عن القيام بأي شيء باستثناء تحريك منديل أبيض لا يصلح سوى لمسح اللعاب وربما للقيام ب”تلويحة وداع” أخيرة عندما يؤذن له بها.
هذا الإصرار غير المفهوم على التمسك برجل يحكم المحيطون به باسمه منذ قرابة الخمس سنوات، دون التفكير بتجنيبه مهانة التهكم على أوضاعه الصحية وحركاته غير المتحكم بها بسبب السن أو المرض، يترك لدى الجزائريين ساسة ومواطنين عشرات علامات الاستفهام، حول “صحة النظام” نفسه، إذ كيف يعقل أن المتنفذين فيه من رجالات الجيش والأعمال لم يستطيعوا حتى الآن الاتفاق على خليفة أصغر سنا وأقل مرضا من الرئيس الحالي، لتقديمه للجزائريين “منقذا”، حتى دون الحاجة لتزكيته عبر انتخابات صورية.
ويتابع الجزائريون يوميا مسلسل “تعطل أعضاء الرئيس” عضوا تلو آخر، لدرجة لم يبق معها عضو يفتخر مسؤولوهم بأدائه، بالاستعانة بأصدقائهم الفرنسيين طبعا، سوى دماغه!!! بعد أن تعطلت قدماه وسمعه وبصره ومعظم حواسه وأعضائه الداخليه، وكأن منصب الرئاسة في الجزائر لا يحتاج سوى لدماغ يتدفق الدم في شرايينه فقط من أجل القيام بمهامه. المصيبة أن هناك من المسؤولين من لا يخجل من تكرار أن الرئيس ماض في تكملة عهدته حتى عام 2019، في استبلاد تام لشعب نصف سكانه تحت 20 سنة، ونسبة من هم دون سن التقاعد 95 بالمائة، وكان أولى أن يسمح له بالتقاعد قبل بداية العهدة الماضية، لا أن يهان بترشيحه لعهدة رابعة. فمتى يفسح المجال لتجديد دماء وآليات الحكم والسلطة في الجزائر، ويسمح للرجل باستخدام منديله النقي في التلويح “وداعا” لشعبه؟؟