يزعم كثير من الناس أن دور الأتراك في إفريقية الشمالية والمغرب قد بدأ بعهد العثمانيين. هذا ليس بصحيح، بل لهم دور وعهد طويل فيها قبل ذلك، تصل بدايته إلى أوائل عهد العباسيين. وقد عيّن الخلفاء العباسيون على مصر ولاة من الأتراك. منهم أشناس التركي وإيناق التركي والفتح بن خاقان. ثم وَلّى الخليفة العباسي المستعين بالله أُورْخُز التركي والياً على مصر سنة 254 هـ/ 868 م. ولم يذهب إليها بَل ولّى أحمد بن طولون زوج ابنته نائباً عنه. هكذا بدأ عهد الطولونيين بمصر والشام. ثم تبعه عهد الإخشيديين، ثم جاء السلاجقة في أواسط القرن الحادي عشر الميلادي واستولوا على بلاد الإسلام إلى الرملة والعريش. وفي عهد الزنكيين من شُعَب السلاجقة وصل الأتراك إلى مصر تحت قيادة أسد الدين شِيركُوه وابن أخيه صلاح الدين الأيوبي في سنة 1169 م. وحكموا مصر وما حولها من البلاد إلى سنة 1517 م، وهي السنة التي استولى العثمانيون على الشام ومصر وغيرهما من بلاد العرب.
أول من وصل من الترك إلى بلاد البرقة وطرابلس الغرب هو العباس بن أحمد بن طولون لما فر من أبيه الذي خرج عليه بمصر حينما كان نائباً عن أبيه، ووصل مع طائفة من الجند إلى طرابلس الغرب في حدود سنة 890 وحكم فيها مدرة قصيرة. ثم رجع إلى مصر بعدما عفا عنه أبوه([1]).
ويذكر ابن أبي زرع (المتوفى سنة 1326) أن طائفة من الغز جاؤوا إلى المغرب في أواسط القرن الحادي عشر، واستخدمهم السلطان يوسف بن تاشفين في جيشه([2])، ثم تبعه أحد أولاد الملوك من السلاجقة يسمى شاهْ ملك في النصف الثاني من القرن المذكور. وجاء مع حاشيته إلى مصر ودخل في خدمة الفاطميين، ثم وقع بينه وبين صاحب مصر تنافر، وتوجه نحو المغرب مع أصحابه، واستولى على طرابلس الغرب. فلما سمع به تميم بن معز بن باديس حاكم تونس وطرابلس أرسل جيشاً عليه واسترد منه طرابلس وما والاها. واستخدمه مع أصحابه في جيشه، ثم وقع بينهما اختلاف، ففر شاهْ ملك أولاً إلى سفاقس ثم إلى قابس. ثم صار من أبناء البلاد وانقطع الخبر عنه([3]).
ثم وصل إلى المغرب في أواخر القرن الثاني عشر شرف الدين قراقوش وأصحابه من قواد صلاح الدين الأيوبي. وانتهت غزواتهم بدخول الغز في جيش الموحدين. ونجد في غزواته وغزوات أصحابه إلى المغرب معلومات كثيرة في المصادر الأيوبية والموحدية، منها مؤلفات عماد الدين الأصفهاني والقاضي الفاضل وابن الأثير والتجاني وابن خلدون والمقريزي. وفي مضمار الحقائق للملك المنصور الأيوبي صاحب حماة نجد معلومات كثيرة في هذا الموضوع. وكان شرف الدين قراقوش وصاحباه إبراهيم السلاحدار وزين الدين بُوزْآبه من مماليك تقي الدين عمر بن شاهنشاه الأيوبي صاحب حماة وأبي الملك المنصور من الغزّ المنسوبين للجيش الأيوبي. مع هذا نجد في مؤلفات التجاني وابن خلدون قيوداً تفيد أنهم من الأرمن، لا شك هذا ليس بصحيح.
وينقل المقريزي عن القاضي الفاضل أنه حدث في مصر سنة 567 هـ/ 1171 م قحط وغلاء. ولهذا قرّر صلاح الدين وأصحابه في مجلس مشورة في الإسكندرية أن تغزو طائفة من العساكر المغرب تحت قيادة تقي الدين عمر. ولكن حدث مانع ورجع تقي الدين عن قراره بل اكتفى بتحصين قلعة أَزْبَرِي في برقة مصر([4]). ثم زال القحط. مع هذا غزا شرف الدين قراقوش من مماليك تقي الدين مع طائفة من الجند الغرب ووصل أولاً إلى قلعة أزبري. ثم استمر سيره حتى وصل إلى برقة ليبيا واستولى عليها. ويذكر نور الدين محمود بن زنكي في رسالة كتبها إلى الخليفة العباسي المستضيء بالله في سنة 568 هـ/ 1173 م أن طائفة من عساكره فتحوا بلاد النوبة والبرقة حتى بلغوا حدود المغرب([5]).
ربما لم يلبث قراقوش في البرقة كثيراً، بل رجع بعد مدة قصيرة إلى مصر، ثم سافر في أواخر سنة 569 هـ وأواسل سنة 570 هـ/ 1174-1175 م إلى الغرب مرة أخرى. ووصل إلى مدينة سنترية (سِيوَة)، ثم جاوز إلى أَوْجِلة وزالة في الجنوب – الغربي من أجدابية. ثم تقدم إلى فزان، ودخلت تحت حكمه قبيلة بني الخطاب الهواريين التي كانت عاصمتها زَوِيلة. ويذكر التجاني أنه قتل في هذه المرة أميرَ بني الخطاب محمد بن الخطاب بن يَسْلِيطِين ليصادر أمواله([6]).
ثم توجه قراقوش إلى جبال نفوسة الواقعة في جنوبي طرابلس الغرب واتفق مع أمير الرياحين محمود بن زمام بن البلاط الذي كان يدافع عن بلاده تجاه الموحدين، فاجتمعت حولهما قبائل ذباب وذئب وغيرهما من العرب للغارة والحصول على الغنيمة، واستولوا على جبال نفوسة ووضعوا ضريبة سنوية على ابن مطروح صاحب طرابلس. وكتب السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب في سنة 571 هـ/ 1176 م إلى الخليفة المستضيء بالله وذكر فيها أن عساكره الذين غزوا الغرب استولوا على برقة وقفصة وقسطيلية وتَوْزر وطرابلس الغرب من بلاد الموحدين([7]). ويذكر أيضاً في رسالة أرسلها إلى المستضيء بالله أن قراقوش فتح في هذه السنة مدينة طرابلس([8]). ربما هذا الخبر ليس بصحيح؛ بل فرض قراقوش عليها ضريبة في هذه المرة كما ذكرنا. ولعله استولى في هذه السنة على الجانب الغربي من طرابلس المسمى اليوم بِقِرْقَرْس وسكن في القصر الموجود هناك. ولو استولى على طرابلس لجعلها عاصمة بلاده كما فعل لما استولى على مدينة قابس سنة 581 هـ/ 1185 م. ويظهر من الحوادث الجارية في سنتي 577 – 578 هـ أن طرابلس بقيت في يد ابن مطروح.
وربما رجع قراقوش بعد ذلك لمدة قصيرة إلى مصر، لأننا نراه بتاريخ 11 محرم 571 هـ، يغزو من مصر الغرب مرة أخرى ويصل إلى أوجلة فيطلب أميرُ المدينة منه حراسة زراعة المدينة من العرب مقابل ثلثها، فيقبل أيضاً قراقوش حراسة زراعة مدينة الأزرقية بالشرط السابق.
بناء على ذلك ترك قراقوش أحد أصحابه المسمى صباح في أوجلة على طائفة من عسكره وانتقل إلى الأزرقية. واتفق موت صاحب أوجلة فجأة في هذه الأيام وثار أهلها على نائب قراقوش وقتلوه، فرجع قراقوش إلى أوجلة وفتحها عنوة وقتل من أهلها سبع مائة رجل ليكونوا عبرة لغيرهم، ثم أخذ ثلث دخل أوجلة والأزرقية. ورجع إلى مصر بعد أن عيّن نائباً في أوجلة([9])، وزار أيضاً قراقوش مدينة أوجلة في سنة 572 هـ/ 1176 م، ولم يبق هناك كثيراً ورجع إلى مصر. ولما وصل إلى الفيوم قبضه والي المدينة خُطْلُبا بن موسى بأمر الملك العادل نائب صلاح الدين بمصر وحبسه في القاهرة. ولم يلبث قراقوش في الحبس كثيراً، بل عُفِي عنه بعد مدة قصيرة بشفاعة فَرُّخْشاه الذي وصل من الشام إلى مصر مع صلاح الدين وخُلي سبيله، وسافر إلى الغرب واستولى على فزّان وأنهى إمارة بني الخطاب الهواريين بزَويلة([10]).
وفي سنة 573 هـ/ 1177 م غزا إبراهيم بن قَراتَكين السلاحدار أيضاً من مماليك قراقوش من مصر الغرب والتحق بقراقوش وأصحابه، وساروا جميعاً إلى مدينة رَوْحَان (غريان) وحاصروها أربعين يوماً حتى فتحوها عنوة وقتلوا من أهلها كثيراً وفرضوا عليها ضريبة سنوية تبلغ 12000 دينار. ثم فتح إبراهيم بلاداً في جبال نفوسة. وأما قراقوش فقد رجع إلى مصر بعد أن أرسل طائفة من عسكره إلى سودان (فزان) واستولوا عليها([11]).
لا نعرف من أعمال قراقوش في سنة 574 هـ/ 1178 م شيئاً، ولكن نتابع أعماله من سنة 575 هـ/ 1179 م بدون انقطاع من القسم الموجود من كتاب مضمار الحقائق للملك المنصور صاحب حماة الذي نشره حسن حبش سنة 1968 بالقاهرة.
وغزا قراقوش الغرب في أول سنة 575 هـ في يونيو 1179 م مع 400 فارس من الغُزّ ووصل في 4 صفر/ 12 يوليو إلى السويقة (سويقة ابن مقتود) التي استقبله فهيا أمراء قبلة ذباب في رئاسة حميد بن جارية، ومكث فيها نحو عشرة أيام وأخذ ميثاقاً من عشائر ذباب في الصداقة، ثم توجه معهم نحو زليطين ثم إلى طابية. وأقام في طابية يومين، ثم انتقل إلى لَبْدَة وأقام فيها ثلاثة أيام، ثم توجه إلى مسلاَتة في جبال نفوسة، وبقي هناك أياماً، ثم توجه إلى الشمال ونزل في قصر قِرْقَرْش غربي طرابلس، وجاءت إليه قبيلة ذباب من الأطراف واجتمع عنده نحو 5000 فارس.
لما رأى إبراهيم السلاحدار كثرة عساكر قراقوش خاف منه وترك جبال نفوسة وسار إلى مدينة مَاعَرْمَس. أما قراقوش فإنه أقام في طرابلس أربعة عشر يوماً، ثم سار نحو وادي محسن الذي تطلّ عليه قلعة أم العزّ واستراح هناك يومين، ثم ذهب مع حميد بن جارية إلى جبال نفوسة. وكان حميد يخاف من اتفاقه مع قبيلة ذئب التي كانت من حلفاء إبراهيم السلاحدار، ويحرّض قراقوش في الهجوم عليه قبل أن تفوت الفرصة، وقراقوش يماطله ويريد استمالة طائفة من عساكر إبراهيم ولا يعتمد الذباب ويخاف أن يلتزموا جانبه بأدنى سبب. مع هذا لم يصبر كثيراً وتوجه بإصرار حميد نحو إبراهيم الذي نزل تجاهه مع أصحابه في وادي أرُقطين.
وكان عدد عساكر إبراهيم أقل. لهذا التجأ إلى حيلة واستمال المبارز وعساكره من قواد قراقوش، فتركوه والتحقوا بقوات إبراهيم. كما نهب الذئب والذباب أثقال قراقوش وتفرق أصحابه، فبقي في نحو 140 فارساً وتوجه إلى وادي محسن ثم إلى طرابلس ونزل بقِرْقرس مع 40 فارساً، وجاء إليه من خَلّى سبيله إبراهيم السلاحدار من عساكره. ولما تم اجتماعهم ذهب إلى تاجوراء الواقعة في شرقي طرابلس واستولى عليها وأخذ منها غنائم كثيرة.
وإما إبراهيم السلاحدار فإن عساكره كانوا لا يثقون به كثيراً، لهذا تركوه بعد مدة قصيرة والتحقوا بقوات قراقوش. بناء على ذلك أوصاه الذباب بالمصالحة مع قراقوش. وتردد الرسل بين الجانبين وتصالحا على أن يكون مُقْرة وغريان وقلعة أم العز ويَفْرين وجميع المنطقة الشرقية من جبال نفوسة إلى سماح بيد قراقوش، وسماح والمنطقة الغربية من جبال نفوسة بيد إبراهيم. هكذا صارت قلعة تيركب بيد إبراهيم. أما قراقوش فترك أثقاله وأسرته في قلعة أم العز، وتوجه إلى قلاع دوّارة وزُواغة ولماية وسيرة في منطقة السهل واستولى عليها. وقضى الباقي من السنة في جوار طرابلس. وأما الذباب فإنهم لما تخلصوا من ضغط إبراهيم والذئب صاروا عدواً لقراقوش وبدؤوا قتل الأتراك التابعين له أين ما وجدوهم فُرَادى ونهبوا أموالهم. بناء على ذلك قرّر قراقوش أن يتركهم ويذهب إلى جهة الغرب، وكانت قبيلة ذئب تحث إبراهيم أن يتوجه معهم نحو الغرب ليستولي على بلاد جديدة وتقول له: «إن قراقوش لا ينقض العهد لما رأى من بلاء ذباب وهو يحتاج صداقتك». مع هذا لم يذهب إبراهيم إلى الغرب. بناء على ذلك تركه الذئب والتحقوا إلى جانب قراقوش([12]).
وفي أوائل سنة 576 هـ/ 1180 م توجه قراقوش نحو دمّور ومَطْماطة وزُرَيق وقابس إلى جهة الغرب بعد ما أخذ من إبراهيم ميثاقاً في أنه لا ينقض الصلح وبعد ما وعده أنه إن استولى على بلاد جديدة في الغرب سيترك جميع بلاد نفوسة له. كما ترك أسرته في قلعة أم العز تحت حراسة أحد قواده يسمى آلْبْقُش. ولما وصل إلى منطقة دَمّور اتفق معه أمير يسمى فرّخا، فلما سمع صاحب دَمّور أمير عثمان اتفاقه مع قراقوش ذهب إلى البربر وطلب منهم نجدة. وأما قراقوش فإنه حاصر قلعة دَمّور إلى أن قبل الأمير عثمان إطاعته. وأخذ قراقوش منه ومن أصحابه عهداً للصداقة وتركه نائباً في القلعة وأقطع البلاد لأصحابه. وكان أهل جبال نفوسة ومطماطة وزريق وملاّقة ومقرة وغريان في ذلك الوقت كلهم إباضيين من الخوارج.
ثم توجه قراقوش إلى قلعة العطش واستولى عليها بعد حصار شديد استمر شهراً كاملاً، وأخذ ميثاقاً من صاحبها في الصداقة، ثم زحف على قلعة حَسَن ورأى أنها قلعة حصينة يصعب الاستيلاء عليها، فتركها وتوجه إلى مطماطة التي تقع بين قابس وبين قفصة([13]).
ونجد قراقوش في أول سنة 577 هـ/ 1181 م في منطقة مطماطة وإبراهيم السلاحدار في جبال نفوسة. ويذكر المقريزي عن القاضي الفاضل أن إبراهيم أرسل رسالة إلى صلاح الدين في أول هذه السنة وذكر فيها أنه خطب له وضرب باسمه سكة في جميع بلاد هَوّارة وزَوَاوَة ولَوَاتة وجبال نفوسة وغدامس، وهي بلاد طولها وعرضها مسيرة خمسة وعشرين في خمسة وعشرين يوماً([14]).
ثم توجه قراقوش من مطماطة إلى جهة الغرب ووصل مدينة أُرْبُس الواقعة في غربي القيروان وحاصرها واستعمل منجنيقاً. واجتمع عنده عدد كثير من قبيلة مِرْداس، ولما طال الحصار ترك قلعة أرْبس وتوجه إلى منطقة مدينة سُبُورية ونهب ما حولها وأخذ منها غنائم كثيرة ومكث فيها إلى نهاية فصل الربيع. وكانت بينه وبين أحد شيوخ مدينة قفصة مراسلات خفية فاستدعاه الشيخ ليسلم المدينة. وكانت مدينة قفصة في يد الموحدين أخذوها سنة 575 هـ/ 1179 م من بني الرند وتركوا فيها حامية. لهذا لم يوفق قراقوش في الاستيلاء عليها وانسحب نحو القيروان.
وأما إبراهيم السلاحدار فإنه كان يسكن في جبال نفوسة ولم يصل إليه أي خبر من قراقوش بعد توجهه إلى الغرب وظن أنه مات، فأراد أن يغتنم الفرصة وزحف على قلعة أم العز التي ترك فيها قراقوش أسرته تحت حماية آلْبْقُش، وفتحها بعد حصار وأخذ نساء قراقوش أسرى كما حَبَس حسام الدين آلبقش، ولم تكن عند قراقوش معرفة عن ذلك وهو يستمر في غزواته. وكان توجه من أم لأمة إلى جهة القيروان ووصل إلى مدينة سكة في الجريد، وكان عنده نحو 1000 من سُلَيْم الشريد، وكان في معيته حميد بن جارية في 200 فارس من قبيلته. وفي هذه الفترة وقع اختلاف بينه وبين عرب الشريد فتركوه. لهذا حاصر قراقوش مدينة السكة ثانياً، فوصل في أثناء المحاصرة مفاجأة جيش كبير للموحدين يتشكل من 1000 فارس و10.000 راجل تحت قيادة أبي موسى بن عبد المؤمن. فتأسّف قراقوش لترك الشريد إياه ودعاهم، فجاءت الشريد وهم يقولون «يا شرف الدين، يا سلطان، نحن تحت أمرك. إذا طردت نذهب وإذا دعوت نأتي». فأرسل قراقوش بعد مجيئهم مقدمة جيشه تحت قيادة شهاب الدين بن المقدم ليجرّب حرب الموحدين، فناوشهم شهاب الدين ورأى حربهم ضعيفاً ودعا قراقوش، واجتمع الشريد وأصحاب حميد وبعض من الذباب في نحو 1500 فارس وكان عند قراقوش 300 فارس. ولما تم اجتماعهم حملوا جميعاً على الموحدين وهزموهم وطردوهم إلى مدينة القيروان التي دخل إليها عساكر الموحدين وتحصنوا فيها.
أما قراقوش فإنه توجه إلى السكّة مع أسراء الموحدين والغنائم التي حصل عليها. وكان بين الأسرى ابن المثنى رئيس ديان إفريقية وابن ماسكة قاضي إفريقية. ولما تسلّم قراقوش مدينة السكة فرض على أهلها ضريبة سنوية مقدارها 20.000 دينار، كما تصالح مع ابن المثنى لسراح سبيله مقابل تأديته 65.000 دينار عيناً و40.000 دينار من معمولات سوسة والمهدية. ثم ذهب إلى جهة القيروان ونزل في موضع يقال له لوُدَر بين القيروان والمهدية وتسلم من ابن المثنى فديته وسرّح سبيله.
وكان في الغنائم المأخوذة من الموحدين طُمار قماش للكاتب السيد أبي موسى. لما فتحه قراقوش وجد بين أدراجه رسائل مكتوبة من الأطراف، كانت بينها رسالة مكتوبة إلى أبي موسى يذكر فيها أن إبراهيم السلاحدار استولى على قلعة أم العز وأخذ أسرة قراقوش أسرى. ولما اطلع عليها قراقوش قرّر الرجوع إلى قلعة أم العز، فصادف في الطريق في الموضع المعروف بالرديف بين قابس وجبل ومطماطة وقلعة حسن قبيلة ذئب وصالحهم وأخذ منهم ميثاقاً. وكان حميد أيضاً ذهب إلى هذه القبيلة بعد انفصاله من قراقوش. كانت الذئب وفيّةً تحب الترك، والذباب ليست بوفيّة، وكانت الذباب تُخْرج نحو 5000 فارس والذئب تخرج نحو 1200 فارس. ومع هذا كانت للذئب تجربة في المعركة، إذا اتفقت مع الغُزّ لا يقوم أمامهم أحد. بناء على هذا اتفق قراقوش مع الذئب وتوجه معهم إلى طرابلس الغرب.
ولما سمع إبراهيم السلاحدار توجه قراقوش إليه ضاق عليه الفضاء. ثم وصل قراقوش إلى جبال نفوسة وسار من عقبة مُكْردمين على جادو، فتقهقر إبراهيم إلى قلعة تُنْزِلَت وتحصّن فيها. وكانت قلعة حصينة في وسط واد متعذر فتحها بالسيف. بناء على ذلك استعمل قراقوش منجنيقاً في محاصرة القلعة، فأرسل إبراهيم حاجبه جمال الدين إلى قراقوش وطلب منه أماناً في الذهاب إلى طرابلس ثم الرجوع منها إلى مصر، فلم يقبل قراقوش طلبه ولم يعطه أماناً وأعلمه أنه سيأخذه أسيراً. ولكن الأتراك الذين عنده شفعوا في إعطاء الأمان له، فأعطاه أماناً باليمين على حياة الملك المظفر تقي الدين. فنزل إبراهيم من القلعة في 60 فارساً وذهب في الليلة إلى طرابلس، وكان صاحب طرابلس عبد المجيد بن مطروح تابعاً لسلطان الموحدين يوسف بن عبد المؤمن فأوصاه في الدخول إلى خدمة السلطان كما أعطاه سفينة توصله إلى والي تونس عبد الواحد بن عبد الله الهنتاني، فاستقبله الوالي بالترحاب وأرسله إلى مراكش، واستولى قراقوش على بلاده أيضاً.
وكان حميد بن جارية رئيس قبيلة ذباب ليس راضياً من اتفاق قراقوش مع قبيلة الذئب، ولم يمض كثير من الوقت حتى وقع اختلاف بينه وبين قراقوش. وبدأ الذبابيون قتل من وجدوا من أصحابه وحيداً كما نهبوا جمالهم وأثقالهم. بناء على هذا أرسل قراقوش إلى حميد رسولاً وقال له: «إن ترد الصلح معي فرُدّ ما أخذته قبيلتك من أصحابي أو اتركني بيني وبينهم». ولم يقبل حميد ما طلبه. وعرفت قبيلة الشريد الاختلاف بينهما فالتزمت طرف قراقوش. ثم اتفق أيضاً مع الذئب والعوف؛ وأما قبيلة سليم الساكنة بطرابلس فهي كانت من أعداء ذباب وحليفة أعدائهم، إذا وجدوا أعداء لهم يتفقون معهم([15]).
ثم استولى قراقوش في أوائل سنة 578 هـ/ في صيف 1183 م على مدينة زالُوت في غربي طرابلس، فأصبح يوماً ورأى أن جيشاً للموحدين من 5000 جندي يحاصر القلعة، وكان البوابون والساسة سكارى، فجمع قراقوش من عساكره من لم يكن سكراناً وفتح أبواب القلعة وهجم على المحاصرين وشتت شملهم. ثم استراح هناك فترة وقرّر الاستيلاء على طرابلس، فرجع وحاصرها، وكان صاحب المدينة ابن مطروح تابعاً للموحدين، فلما اشتد الحصار أوصاه أعيان المدينة بتسليمها إلى قراقوش. بناء على ذلك طلب ابن مطروح منه رجلاً لمذاكرة شروط التسليم، فأرسل قراقوش وزيره مع ثلاثة من أصحابه. ولما كان هؤلاء في المدينة للمذاكرة خرّبوا البيت الذي سكنوا فيه ووسّخوا صهريج المدينة. بناء على ذلك جمع ابن مطروح أعيان المدينة وقال لهم: «هؤلاء إذا عملوا هكذا كيف يعمل أراذلهم إذا دخلوا المدينة!». بناء على هذا رجع أهل المدينة من قرار التسليم وأرسل ابن مطروح رسولاً إلى قراقوش وقال: «أهل المدينة كرهوا ما عمل أصحابك، لهذا لا يمكن استيلاؤك عليها، والأحسن أن نؤدّي إليك ضريبة سنوية لترفع الحصار»، فرضي برفع الحصار وتأدية الضريبة وعاقب الذين اشتكى منهم أهل المدينة.
ثم وصل في هذه الأيام فرسان من مصر. فاجتمع عند قراقوش 800 فارس من الأتراك والأكراد، فذهب معهم من قِرْقَرْش إلى جبال نفوسة وقرّر هناك في أوائل 579 هـ/ صيف 1183 م الاستيلاء على مدينة قابس بشكل تبييت، وسار يومين سريعاً ولكنه فاتته فرصة التبييت. فرجع إلى قصر الروم الذي يأتي إليه تجار الإفرنج، فأقام فيه ثمانية أيام لاشتراء ما يحتاج إليه لوصول أثقاله التي تركها في جبال نفوسة. ولما وصلت أثقاله في اليوم الثامن سار إلى قلعة حَسَن التي كانت بيد البربر. وفتحها بعد حصار شديد وأخذ منها غنائم كثيرة. وكانت في منطقة جبال نفوسة قحط فاستغنى بما استحوذه من الغنائم.
ثم توجه نحو قلعة أمّ أوْدَت المنيعة وحاصرها مدة طويلة. فاستأمن أهلها بعد ما نفد الماء عندهم، فتسلم القلعة وعيّن عليها نائباً. بناء على سقوط أم أودت أرسل سيّدُ الناس صاحب قلعَتَيْ طرة وبَيَامن إليه رسولاً، وأخبره أنه يريد تسليم القلعتين بشرط أن يعيّنه نائباً عنه. فقبل قراقوش شرطه ورجع إلى طرابلس (قرقوش)([16]).
وصل في هذه الأيام فُرسان من مصر تحت قيادة شجاع الدين ابن شَكَل. فسُرَّ قراقوش بوصولهم ووصل عدد الفرسان من الأتراك والأكراد إلى 800. وأقْطَع ابنَ شَكَل القصور الموجودة بين كندة والسُّوَيْقة وأربعين قرية في جوارهما. وكانت تصل مواردها السنوية إلى أربعين ألف دينار مؤمني، وأعطاه أيضاً 50 جملاً و10 أحصنة و8000 دينار، ووعده إذا فتح بلدة يعطيها له. ويُرْوى أن ابن شكل أخذ من إقطاعاته ضريبة أكثر من المفروض، فشكى أهلها منه عند قراقوش، فأجاب: «أني ما أكدّر ما أعطيته إياه إن أراد خرّبها وإن أراد عمّرها»([17]).
وفي أوائل سنة 580 هـ/ في أواخر 1184 توجه قراقوش مرة أخرى نحو إفريقية وحاصر قلعة الحمام مدة أربعين يوماً فلم يوفق بفتحها. بناء على ذلك قال جماعة من الأكراد لابن شَكَل: «إن تفارق قراقوش وتذهب إلى رئيس قبيلة عوف جناح بن عقيل نحن نلتحقك». بناء على ذلك فارق ابن شكل مع عشرين فارساً قراقوش والتحق بقبيلة عوف. ولم يبال قراقوش بفراره، لأنه جاء سيد الناس وأخوه المنصور إليه عند قلعة الحمام وأيّدا اعتمادهما إليه، فأعطاهما عطايا، واعترف أيضاً أهل مدينة بشترا بتبعيته، فعيّن قراقوش عليهم أحداً من مماليكه المسمى بخراج، وصار حاكم جميع بلاد نفزاوة.
ثم ذهب قراقوش من الحمام إلى جزيرة باشرا من أعمال تونس. هذه الجزيرة كانت معمورة، وأقام فيها نحو ثلاثة أشهر، وخرّب أصحابه والعرب التابعون له هذه الجزيرة. وسمع في هذه الأيام أن ابن شكل وقبيلة عوف جاؤوا إلى مدينة سردانية قرب القيروان. بناء على ذلك جعل قراقوش 200 رجل من أصحابه مع 500 رجل من الذئب مقدمة لجيشه وأرسلهم على ابن شكل فهزموه. ثم سار إلى قصر أبي نصر وحاصره وفتحه.
ثم سار قراقوش مرة أخرى إلى الحامة وحاصره، وجاءه حين المحاصرة شيوخ بني عوف وشفعوا في ابن شكل، فعفا عنه. ثم رجا شيوخ بني عوف العفو في حميد بن جارية وذباب وطلبوا منه أن يستخدمهم وإعادة بلادهم إليهم، فقبل كل ذلك. وجاء حميد بن جارية في ذلك اليوم إلى قراقوش، فأصلح قراقوش بين ذئب وعوف. هكذا اجتمع عنده كثير من العرب، فطلبوا منه أن يتوغّلوا في إفريقية لطلب الغنائم، وأغاروا على البلاد.
ثم ذهب قراقوش إلى جهة مدينة تونس. فلما قرب منها تركه ابن شكل والتجأ إليها. أما قراقوش فتوجه إلى قصر النعامة ونزل به ولم يقم به بل توجه في ذلك اليوم إلى الحامة ووصل إليها بعد ستة أيام وفتحها في اليوم السابع، وترك أهلها منازلهم وتحصنوا في القلعة. وكانت القلعة في أيدي ثلاثة إخوة من بني شمال يسمون علي وحسين ومفرح، ففروا إلى المهدية، وأدركهم قراقوش في الطريق وقبضهم، فاستأمن أيضاً محافظ القلعة وسلّمها بالأمان، ثم سرّح قراقوش سبيل أصحاب قلعة الحامة علي وحسين ومفرّح بشفاعة سيد الناس وعمّر القلعة، فخاف أهل قابس بسقوط الحامة واتهموا ابن نذار الفقيه([18]) بمراسلة قراقوش وقتلوه كما فرّ علي بن عيسى بن شكاب من مخالفي الموحدين والمتهمين بمراسلة قراقوش من المدينة وجاء إليه([19]).
وفي أوائل سنة 581 هـ/ 1185 م جاء أبو الحسن علي بن إسحاق ابن غانية صاحب مايورقة إلى الجزائر واستولى على مدينة بجاية وأخرج منها أبا علي بن عبد المؤمن والي المدينة، ثم توجه منها إلى مدينة قسنطينة وحاصرها. ولما سمع السلطان يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن خبر ابن غانية أرسل إلى بجاية جيشاً في قيادة أبي زيد عمر بن عبد المؤمن ليستردها. فلما قرب أبو زيد من بجاية فرّ نائب ابن غانية أخوه أبو ذكرى عنها إلى قسنطينة، فتبعه أبو زيد إلى قسنطينة، فتقهقر ابنا غانية منها إلى قلعة بني حمّاد ثم إلى قلاع بَلْوَة ونفطة وكدكين من أعمال قسطيلة وأبو زيد يطالبهما. فلما صارا إلى قلعة كدكين أرسلا إلى قراقوش وقالا له: «نحن من أنصار العباسيين نخطب لهم ونضرب السكة باسمهم فلنتفق على الموحدين». بناء على ذلك أرسل قراقوش أحداً من أصحابه يسمى بهاء الدين ساروج في ستين فارساً إليهما، فوصل بهاء الدين إليهما وهما يحاصران حامة البهاليل، كما حاصرا قبل ذلك قلاع توزر ونفطة وكدكين بدون نجاح. فلما التحق الأتراك بقواتهم فتحوا حامة البهاليل ثم خرّبوها، ثم وقع الاتفاق بين قراقوش وابن غانية في فتح البلاد وقسمتها بينهما. فيكون فزان لقراقوش والبلاد الواقعة في غربيها لعلي بن غانية، والبلاد التي سيفتحانها تكون بينهما متساوية نصفَ نصفَ. ثم فتحا بلاداً جديدة، رجال قراقوش يزيدون ورجال ابن غانية يتقللون، لأن المايورقيين ما يأخذون إمداداً، ولرجال قراقوش إقطاعات في جبال نفوسة ومطماطة ونفزاوة وغيرها يستمدون منها على الاستمرار([20]).
ولما رأت قبائل جشم ورياح وأثبج من عرب بني هلال من مخالفي الموحدين ازديادَ قوات قراقوش وابن غانية اجتمعوا حولهما للغارة ولطلب الغنيمة. فأرسل الحلفاء تحت رياسة كاتب علي بن غانية عبد المؤمن وفداً إلى الخليفة العباسي الناصر لدين الله وطلبوا منه خلعاً وألوية ومنشوراً. بناء على ذلك كتب الديوان العزيز إلى السلطان صلاح الدين ليرسل إليهم ما طلبوا من الخلع والألوية والمنشور، فأرسلت كلها إليهم. ربما هذا ليس بصحيح لأننا نعرف مما كتبه العماد الأصفهاني ومن مراسلات صلاح الدين إلى الموحدين أنه لم يؤيّد غزوات قراقوش إلى المغرب ومنع ابن أخيه تقي الدين عمر بن شاهنشاه سنة 582 هـ/ 1186 م من السفر إلى المغرب.
ثم فتح الحلفاء مدينة قابس ومدينتي قَفْصَة وتَوْزَر. وترك قراقوش أسرته وخزانته في قابس كما وضع في كل واحدة من هذه المدن حاميات من العساكر ([21]). فبقيت مدن تونس والمهدية والقيروان فقط في أيدي الموحدين في هذه المنطقة.
بناء على هذه التطورات قرّر تقي الدين عمر بن شاهنشاه نائب صلاح الدين بمصر السفر إلى المغرب في سنة 582 هـ/ 1186 م. فلما سمع صلاح الدين قراره كتب إليه رسائل ليرجع عن قراره، ودعاه إلى الشام وأعطى إياه إقطاعات جديدة في الجزيرة وديار بكر. ويقول العماد الكاتب في هذا:
ولما سمع تقي الدين في مصر هذا الخبر [أي تعيين الملك العادل مقامه] فعبر الجزيرة مظهراً أنه يمضي إلى بلاد المغرب ليملكها، وكتب إلى السلطان أن لا يمنعه من سلوك مسلكها، وسمت همته إلى مملكة جديدة وأقاليم ذات ظلال مديدة. وقد كان أحد مماليكه المعروف بقراقوش قد جمع من قبل الجيوش وسار إلى بلاد برقة فملكها، وهدته الأمنية إلى النفائس من بلاد نفوسة، فأدركها وتجاوز إلى إفريقية وهو يكتب إلى تقي الدين مالكه يرغبه في تلك المملكة ويقول: إن البلاد سائبة وعرائسها لكفوها منك خاطبة. فلما تجدد منه ما تجدد عبر تقي الدين بعسكره وجنده ومالت إليه عساكر مصر لبذوله ومخالفة عدوله. وقدّم مملوكه بُوزَبَة ليكون في المقدمة. ولما انتهى إلى السلطان خبر عزمه غلق بتغرّبه وعلق بتقربه. وقال: لعمري إن فتح المغرب مهمّ، ولكن فتح البيت المقدس أهم والفائدة فيه أتم، وإذا توجه تقي الدين واستصحب معه رجالنا المعروفة وأبطالنا الموصوفة ذهب العمر في اقتناء الرجال، وإذا فتحنا القدس والساحل طوينا إلى تلك الممالك المراحل ([22]).
نستنبط من هذا النص أن السلطان صلاح الدين كان يرى فتح القدس والساحل أهم من كل شيء. لهذا لم يرض عن سفر تقي الدين إلى المغرب، ولو سافر تقي الدين إليها والتحق بقراقوش وأصحابه لصار قائداً على جمعهم وفتح غائلة كبيرة على الموحدين. مع هذا لم يرجع بُوزَبَة إلى مصر وسار مع عساكره إلى المغرب والتحق بقراقوش وأصحابه، فازدادت قوتهم([23]).
بناء على هذه التطورات طلب قائد الموحدين بتونس أبو زيد وواليها عبد الواحد بن عبد الله الهنتاني نجدةً من السلطان يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن رغم جفاف السنة، فاختار السلطان عشرين ألف فارس من عساكره وتوجه إلى الشرق في صفر سنة 583 هـ/ مايو 1187 م، فلما وصل إلى تونس أر سل ابن أخيه أبا زيد في ستة آلاف فارس إلى قفصة، فالتقى الطرفان في شهر ربيع الأول/ يونيو قرب قفصة. ورأى عساكر الغز المستخدمون في جيش الموحدين الأتراك الغزّ تجاههم عند قراقوش، فتركوا صفوفهم والتحقوا بهم. بناء على ذلك انهزم جيش الموحدين([24]).
فلما بلغ هذا الخبر إلى السلطان يعقوب بن عبد المؤمن توجه بجيشه إلى قراقوش وأصحابه في أواسط شهر رجب/ أوائل أكتوبر، والتقى الطرفان في حامة مطماطة قرب قابس وانتهت المعركة بهزيمة قراقوش والملثَّمين، وفرّ علي بن غانية إلى صحراء توزر وقراقوش إلى قصر العروسيين وامتنع فيه بضعة أيام، ثم سلمه إلى السلطان بعد ما أخذ منه الأمان، ولم يعاقبه السلطان يعقوب بل أثنى على شجاعة الغز، وأرسله مع أصحابه إلى مراكش وفتح قلعة توزر، ثم توجه السلطان إلى قلعة قفصة التي تحصن فيها بُوزَبة وأصحابه وحاصرهم ثلاثة أشهر وقطع أشجار المدينة وخرّب زرعها. ولما طال الحصار أرسل بوزبة وأهل المدينة رسولاً إلى السلطان وطلبوا منه أماناً، فأعطاهم الأمان وتسلّم المدينة ولم يعاقب أهلها. واستخدم بوزبة وأصحابه في جيشه في أوائل سنة 584 هـ/ 1188 م وأرسلهم إلى مراكش، ثم أمَّرَ عليهم زين الدين بوزبة وأرسلهم إلى ثغر الإفرنج في الأندلس([25]).
ويذكر المراكشي أن قراقوش دخل بعد هذه المعركة في خدمة الموحدين وذهب إلى مراكش كما ذكرنا([26]). أما المصادر الأخرى فتذكر أنه فر إلى الصحراء ثم التحق بابن غانية بعد رجوع السلطان إلى المغرب. واستمروا في نهب البلاد والغارة، ثم جُرح علي بن غانية في إحدى المعارك بمنطقة نفزاوة ومات منه بعد أيام، فقام مقامه أخوه يحيى وبقي متفقاً لقراقوش([27]).
وفي سنة 585 هـ/ 1187 م بدأت الحملة الصليبية الثالثة وطلب السلطان صلاح الدين نجدة أسطول من الموحدين وأرسل إليهم رسائل.
ثم ظهر تنافس بين قراقوش وبين يحيى بن غانية. لهذا تركه قراقوش وتوجه إلى تونس في أوائل سنة 586 هـ/ 1190 م، وأقام مدة قصيرة عند والي تونس أبي زيد. رلما لم ير منه قبولاً كما يريد تركه وتوجه نحو قابس واستولى عليها بحيلة، ثم رتّب في قصر العروسيين ضيافة كبيرة دعا إليها أعيان العرب وقتل منهم سبعين رجلاً بغدر، كان فيهم محمود بن طوق جد المحامد، وحميد بن جارية جد الجواري وشيوخ ذباب وكعوب. ثم توجه ابن غانية مع الذئب إلى منطقة الجريد واستولى عليها وعلى طرابلس([28]).
ولا شك أن قتل شيوخ ذباب وكعوب بغدر صار بداية انحطاط قدرة قراقوش في شمالي إفريقية، لأنهم أيدوه منذ قدومه إلى منطقة طرابلس في غزواته وصاروا معه. أما بعد وقعة قصر العروسيين فزالت الثقة بينهم أبداً، والتحقوا جميعاً إلى جانب يحيى بن غانية وزحفوا من الجريد على طرابلس، وسار أيضاً قراقوش من طرابلس إليهم بعد ما عين افتخارَ الدين ياقوت نائباً في المدينة، والتقى الطرفان في وادي محسن على بعد نحو 40 كلم في الجنوب الغربي من طرابلس. وانجلت المعركة بهزيمة قراقوش وهربه إلى جبال نفوسة. أما يحيى بن غانية فإنه تعقب قراقوش أياماً ثم رجع وحاصر ياقوت في مدينة طرابلس. وطال الحصار فطلب يحيى من أخيه عبد الله القائم بمايورقة سفينة، فأرسل إليه سفينتين، فاستولى يحيى بعد مجيئهما على مدينة طرابلس في أوائل سنة 587 هـ/ 1191 م، ولم يعاقب أهل المدينة بل عفا عنهم وأخذ افتخار الدين ياقوت أسيراً ثم أرسله إلى مايورقة التي حُبِس فيها إلى أن استولى عليها الموحدون سنة
599 هـ/ 1203 م، وخلّوا سبيله، فذهب إلى مراكش وأقام فيها إلى وفاته([29]).
ثم عيّن يحيى بن غانية ابن عمه تاشفين بن غازي نائباً على طرابلس وتوجه إلى البلاد التابعة لقراقوش في منطقة الجريد. فثار أهل طرابلس على تاشفين ونادوا شعار الموحدين وصاروا من أتباعهم.
ولا نعرف من حياة قراقوش بعد ذلك إلا شيئاً يسيراً جداً، لعله جرت بينه وبين ابن غانية والذبابيين وقائع. ولا شك أن فتحه طرابلس ثانية ومعركة وادي محسن كانا في سنة 586 هـ/ 1189 م. ويقول القاضي الفاضل في يوميات سنة 586 هـ: «إن أبا يحيى بن مطروح وصل من طرابلس إلى الإسكندرية في رجب هذه السنة بطريق البحر وكان شيخاً ما يتحرك إلا بالصعوبة»([30]). ويقول القاضي الفاضل في موضع آخر من كتابه إن يحيى المايورقي حاصر في هذه السنة ياقوت نائب قراقوش في طرة وأخذها منه، واستخدم الغزَّ الذين كانوا في خدمة قراقوش وأطاعه العرب واستولى على الجريد([31]).
لا شك أن استيلاء يحيى بن غانية على مدينة طرابلس وقع في سنة
586 هـ/ 1190 م، ثم سار منها إلى الجريد واستولى عليها ثم إلى مدينة قابس واستولى عليها أيضاً. وبقيت قابس في يده إلى سنة 601 هـ/ 1205 م التي استردها الموحدون فيها([32]).
ونعلم من حياة قراقوش بعد سنة 586 هـ/ 1190 م إلاّ حصار يحيى بن غانية والذبابيين إياه في واحة وَدّان في فزّان سنة 609 هـ/ 1212 م وقتلهم إياه مع ابنه. وتقول المصادر إنه في سنة 609 هـ/ 1212 م حاصر يحيى بن غانية والذبابيون إياه في واحة ودّان. وطال الحصار ونفد الماء والزاد عنده، ولما طال عليه الحصار ويَئِس من الإمداد ألقى سُلّماً إلى المحاصرين وسلم القلعة إليهم وطلب من الذبابيين أن يقتلوه قبل ابنه. بناء على طلبه قتلوه أولاً ثم ابنه، ثم صلبوا جثته في أحد أبواب ودّان. ويقال إن الذبابيين لما حملوه وابنه للقتل سأله ابنه وقال: «يا أبي إلى أين يحملوننا؟. فأجابه: إلى الموضع الذي حملنا إليه آباءَهم»([33]).
هكذا انتهت مغامرات قراقوش التي استمرت نحو أربعين عاماً. ويقال له التقَوِيّ لكونه مملوكَ تقي الدين عمر بن شاهنشاه الأيوبي. كما يقال له قراقوش الناصري لذكره اسم الملك الناصر صلاح الدين في الخطبة والسكة. وينقل التجاني وثيقة أعطاها قراقوش أحدَ الطرابلسيين لتوسيع ملكه سنة
579 هـ/ 1183 م، يذكر في توقيعه اسمه بشكل “قراقوش الناصري ولي أمير المؤمنين”. وكانت طرته بعبارة “وثقتُ بالله وحده”([34]).
ثم تميّز أحد أبناء قراقوش في السنين التالية بشخصيته وجماله وشجاعته، فعينه سلطان الموحدين المستنصر قائداً على الغُزّ في جيشه. ولكنه لم يكتف بهذا؛ بل طلب أكثر وفرّ إلى ودّان وأعلن فيها استقلاله، ثم حاصره سلطان كانم سنة 656 هـ/ 1258 م في ودّان وقتله وحمل رأسه إلى كانم وعرض على أهلها([35]).
ونخلص من هذا إلى أن غزوات قراقوش وأصحابه لم تكن من أساس سياسة صلاح الدين بل هي من السياسة الجانبية للدولة، وغرضها كان حفظ طريق إفريقية الشمالية وإيجاد ساحة حركة لبعض العساكر المتراكمة بمصر. ثم إن حركاتهم تشبه غزوات الغارات والغنائم، ليست فيها غاية استيطان البلاد، خلافاً لغيرها من غزوات الأيوبيين. ويدعي (A. Ehrenkreutz) أن الغرض منها كان جلب الأخشاب للأسطول المصري من هذه المنطقة وتشويق التجارة بهذه البلاد([36]).
نحن نعرف أيضاً أن هذه الغزوات صارت سبباً لتوتر العلاقات بين الطرفين ولشكاية الموحدين من قراقوش وأصحابه. ولما أرسل صلاح الدين سنة 586 هـ/ 1190 م شمس الدولة أبا الحارث عبد الرحمن بن منقذ رسولاً إلى سلطان الموحدين يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن لطلب الأسطول بَيَّنَ اعتذاراً من غزوات قراقوش وبُوزبة وقال إنها وقعت بدون رضاء([37]). وعلى الرغم من إصرار صلاح الدين في طلب الأسطول لم يتمكن الموحدون إرسال أيّ نجدة إليه، لأنهم كانوا مهتمين بالفرنج في الأندلس وفي غربي البحر المتوسط.
وكان أهم نتائج غزوات قراقوش وأصحابه ظهور مجموعة من الغُزّ في جيش الموحدين، وصارت عنصراً ذا أهمية بعد هذا التاريخ في جيش الموحدين. وكان السلطان المنصور أبو يوسف يعقوب بن عبد المؤمن يقدّر مزاياهم العسكرية. لهذا شكَّل منهم كتائب الرماة ورتب لهم جامَكيات وأعطاهم إقطاعات إلى درجة صارت سبباً لنقد المؤرخين المعاصرين مثل المراكشي.
ويقول المراكشي في هذا الموضوع:
وذلك أن الموحدين يأخذون الجامَكية ثلاث مرات في كل سنة، في كل أربعة أشهر مرة. وجامكية الغز مستمرة في كل شهر لا تختلّ. وقال المنصور: الفرق بين هؤلاء وبين الموحدين أن هؤلاء غرباء لا شيء لهم في البلاد يرجعون إليه سوى هذه الجامكية، والموحدون لهم إقطاعات والأموال المتأصلة. هذا مع أنه لأعيانهم إقطاعات كإقطاع الموحدين أو أوسع. وأعطى أحمد بن الحاجب من إربل إقطاعاً لم يعطِ مثله أحداً، وأعطى شعبانَ المذكور قرى كثيرة في الأندلس تصل مواردها في السنة إلى 9000 دينار. ولهم غير ذلك جامكيات لا يأخذ مثلها أحد ([38]).
ويقول المراكشي في دخول الغُزّ جَيْشُ الموحدين ووصولهم إلى المغرب:
في آخر أيام أبي يعقوب يوسف ورد علينا أول من وردها من الغزّ، وذلك في آخر سنة 574 هـ/ 1178 م، وما زالوا يكثرون عندنا إلى آخر أيام أبي يوسف المنصور ([39]).
ثم يقول في موضع آخر من كتابه: «إنهم وصلوا أول مرة إلى المغرب في عهد المنصور يوسف بن يعقوب في سنتي 582-583 هـ/ 1186-1187 م»([40]). هذا التاريخ الأخير يوافق تاريخ دخول بُوزبة وأصحابه في خدمة الموحدين كما ذكرنا.
ربما كانت سنة 582 هـ/ 1186 م السنة الأخيرة التي غزا الغزّ آخر مرة المغرب في عهد صلاح الدين، لأنه بعد سنة وقعت معركة حطين وفتح القدس. ثم بدأت الحملة الصليبية الثالثة التي شغلت الأيوبيين إلى آخر عهد صلاح الدين سنة 589 هـ/ 1193 م.
مع هذا استمر وجود العنصر التركي في جيش الموحدين بعد صلاح الدين. لما صار يَغْمُور أَسَن التركي الزياتي سلطاناً سنة 633 هـ/ 1235 م ورث كتيبة من الغز في جيش الموحدين([41]). وقرّر السلطان بيبرس (المتوفى سنة
676 هـ/ 1277 م) مع الموحدين أن يرسل جيشاً على عرب بني عوف وذباب وبالوط الساكنين في منطقة طرابلس الغرب بعد ما عاقب شيوخ بني كعب الخارجين في منطقة برقة. ثم رجع عن هذا القرار بسبب الحوادث الطارئة في شرقي بلاده وبكلفة السفر، ثم أمر السلطان قلاوون (المتوفى سنة 698 هـ/ 1290 م) رئيس قبيلة ذباب الأمير مرغان بن صابر بالاستيلاء على منطقة طرابلس الغرب كما اشترط بوضع مادة في المصالحة بينه وبين ملكة آراغون «إن حدود مملكة السلطان وابنه الملك الأشرف وما جاء بعدهما تمتد إلى طرابلس الغرب وتونس وإفريقية ومراسيها». واشترط أيضاً في المصالحة التي عقدها مع الجنويين في هذه الأيام بوضع بند في هذا المعنى([42]).
***********************************************
الموقف السعدي من مسألة الخلافة العثمانية
ظهرت الدولة السعدية في جنوب المغرب الأقصى مع مطلع القرن 10هـ/ 16م. وقدر لها أن تتغلب على جميع منافسيها في البلاد وأن توحد المغرب وبالتالي يتطلع حكامها إلى منافسة جيرانهم العثمانيين في الجزائر التي أصبحت ولاية عثمانية منذ عام 1518م. فكان للسلاطين السعديين موقف من مسألة الاعتراف بأحقية سلاطين بني عثمان بحمل لقب خليفة المسلمين. وقد ظهر هذا الموقف جليًا خاصة في فترة حكم كل من: محمد الشيخ السعدي (946هـ/ 1539م- 964هـ/1557م) والذي اغتاله الأتراك بسبب تحديه لهم وعدم الاعتراف بالتبعية للباب العالي. وكذلك في عهد المنصور السعدي (986هـ/ 1578م- 1012هـ/ 1603م) الذي حاول إحياء الخلافة الهاشمية على حساب الخلافة العثمانية.
إن مسألة الخلافة قد نظر لها السلاطين السعديون من خلال نسبهم الشريف وأن الخلافة في قريش وغيرهم متغلب، ومن هذا المنطلق اعتبروا بأن سلاطين بني عثمان أعاجم لا تصح الخلافة فيهم وبالتالي لا يجب الاعتراف بنفوذهم، حتى ولو أدى ذلك إلى خوض حرب ضدهم. فها هو الزياني المتأخر عن عهد الدولة السعدية يقول: “ومن الفرض في علم النسب أن يعلم المرأ أن الخلافة لا تجوز ولا تصح إلا في ولد فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، ولو وسع جهل هذا لأمكن إدعاء الخلافة لمن لا تحل له، وهذا لا يصح أصلاً.” ([1]).
الخاتمة:
شغلت مسألة الخلافة ومن هو الأحق بها، بال السلاطين السعديين، فانشغلوا بها عن صد أخطار أعداءهم. انشغلوا عن مدافعة الخطر الأيبيري على بلادهم، بل دفعهم انشغالهم بمسألة الخلافة وأحقيتهم بها من العثمانيين، إلى مسالمة الأسبان والبرتغاليين بعدما كانت بشائر النصر قد لاحت لهم بوارقها إثر معركة وادي المخازن الشهيرة 986هـ/1578م. وإذا كنا نلوم السعديين في هذا التوجه، فإن العثمانيين لا يعفون منه كذلك.
إن مسألة الخلاف كان يمكن تجاوزها بتغليب العقل ومصلحة المسلمين على الأهواء والمطامع الشخصية. فالسعديون كانوا لا يمانعون في إقامة تعاون مشترك مع العثمانيين لطرد المحتلين من المغرب والجزائر، مع احتفاظهم بكامل سيادتهم على بلادهم. في حين لم يستجب العثمانيون لذلك طالما أنه لم يحصل اعتراف بالتبعية وإقرار بالخلافة لهم من الجانب السعدي. فأي فرصة فوتها الطرفان على المتضررين من الاحتلال الأجنبي، بل وعلى المطرودين من مسلمي الأندلس الذين كانوا ينتظرون مثل ذلك الاتفاق لينضموا إليه.
لقد دفع محمد الشيخ السعدي حياته نتيجة لهذا الاختلاف فقرب خلفاؤه أعداء العثمانيين، بل وتنازلوا لهم عن بعض أجزاء من التراب الوطني المغربي. في حين تميز عهد المنصور بالمهادنة المبطنة بشيء من عدم الثقة، حيث ظهرت فيه مسألة الرغبة في إحياء الخلافة الهاشمية قوية لديه وخاصة في خارج بلاد المغرب.
الملخص:
ظهرت دولة الأشراف السعديين مع مطلع القرن 10هـ/16م في بلاد المغرب في الوقت الذي وصل النفوذ العثماني فيه إلى الجزائر، فأبدى العثمانيون رغبة في ضم المغرب إليهم. ولكن السعديين تصدوا لهم غير معترفين بشرعية خلافتهم، مدعين بأن الخلافة فيهم نظراً لكونهم من قريش. وقد أدى هذا التباين في وجهة النظر حول مسألة شرعية الخلافة إلى استمرار الخلاف والنزاع بين الطرفين غير مكترثين بالنتائج الخطيرة التي ترتبت على ذلك.
The ashraf Saadi attitude of Morocco towwards the ottomans Califhate
Fahad Mohammad Al-Suwaiket
Associate professor,History Dept.College of Arts.K.S.U
Abstract. The Sharifi Saadi stste in the Maghrib emerged at the beginning of the 10th century Hejri/ 16th century A.C. which coincided with the advent of Ottoman influence in Algeria, and hence the Ottoman showed a desire to annex the Maghrib. However, the Saadis resisted them and did not recognize their Khelafah, claiming at the same time that the Khelafah is theirs for they are from Quraish. This diverging opinion towards the legitimacy of the Khelafah resulted in a continuing disagreement and tension between the two sides without caring about the serious consequences which resulted because of that.
المراجع:
أولاً: العربية والمعربة:
1 – الإفراني، محمد، نزهة الحادي بأخبار ملوك القرن الحادي، نشر بعناية السيد هوداس، ط2، الرباط، د. ت.
2 – التر، عزيز سامح، الأتراك العثمانيون في أفريقيا الشمالية، ترجمة محمود عامر، دار النهضة العربية، بيروت، 1989م.
3- بنحادة، عبد الرحيم، المغرب والباب العالي: من منتصف القرن السادس عشر إلى نهاية القرن الثامن عشر، مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات، زغوان، 1998م.
4 – بنمنصور، عبدالوهاب، المغرب والإمبراطورية العثمانية، مجموعة بحوث، ندوة الأرشيف العثماني التي عقدتها دار ة الملك عبدالعزيز في الرياض، 1422هـ، منشورة تحت عنوان: الوثائق العثمانية في الأرشيفات العربية والتركية.
5 – التمكروتي، علي بن محمد، النفحة المسكية في السفارة التركية، تقديم وتحقيق عبداللطيف الشادلي، المطبعة الملكية، الرباط، د. ت.
6 – الجمل، شوقي، تنبكت وعلاقتها بالمغرب قبل حملة المنصور السعدي وتحت الحكم المغربي، منشور ضمن مجموع تحت عنوان: المغرب وأفريقيا جنوبي الصحراء في بدايات العصر الحديث، منشورات معهد الدراسات الأفريقية، الرباط، 1992م.
7 – الجمل، شوقي، المغرب العربي الكبير، المكتب المصري لتوزيع المطبوعات، القاهرة،1997م.
8 – حجي، محمد، جولات تاريخية، جزءان، الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، بيروت، 1995م.
9 – حركات، إبراهيم، “الأجهزة السياسية المركزية لدى المخزن السعدي”، مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، ع11، 1985م.
10 – حسن، إبراهيم شحاته، أطوار العلاقات المغربية العثمانية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1981م.
11 – حسن، إبراهيم شحاته، وقعة وادي المخازن في تاريخ المغرب، دار الثقافة، الدار البيضاء، 1979م.
12 – الحميد، عبداللطيف، موقف الدولة العثمانية تجاه مأساة المسلمين في الأندلس، د. ن، الرياض، 1993م.
13- دي طوريس، دييقو، تاريخ الشرفاء، ترجمة محمد حجي، ومحمد الأخضر، الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، الدار البيضاء، 1988م.
14- رزق، يونان، ومحمد مزين، تاريخ العلاقات المغربية المصرية، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1982م.
15- رزوق، محمد، دراسات في تاريخ المغرب، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 1991م.
16- الزياني، أبوالقاسم، جمهرة التيجان وفهرسة الياقوت واللؤلؤ والمرجان في ذكر الملوك وأشياخ السلطان المولى سليمان، محمد بيضون، بيروت، 2003م.
17- عبود، محمد، تاريخ المغرب، ج2، د. ن، تطوان، 1951م.
18- الغربي، محمد، بداية الحكم المغربي في السودان الغربي، وزارة الثقافة والإعلام في العراق، الكويت، 1982م.
19- الفشتالي، عبدالعزيز، مناهل الصفا في مآثر موالينا الشرفا، تحقيق عبدالكريم كريم، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب، الرباط، 1972م
20- ابن القاضي، أحمد، المنتقى المقصور على مآثر الخليفة المنصور، جزءان، دراسة وتحقيق محمد رزوق، مكتبة المعارف، الرباط، 1986م.
21- كربخال، مارمول، أفريقيا، ج1، ترجمة محمد حجي وآخرين، الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، الرباط، 1984م.
كريم، عبدالكريم، المغرب في عهد الدولة السعدية، شركة الطبع والنشر، الدار البيضاء، 1978م.
23- المقري، احمد، روضة الآس العاطرة الأنفاس في ذكر من لقيته من أعلام الحضرتين، مراكش فاس، المطبعة الملكية، الرباط، 1964م.
24- المقري، أحمد، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، تحقيق إحسان عباس، ج5، 6، دار صادر، بيروت، 1968م.
25- المودن، عبدالرحمن، تساؤلات حول موقف العثمانيين من الغزو السعدي للسودان، منشور ضمن مجموع تحت عنوان: المغرب وأفريقيا جنوبي الصحراء (سبق ذكره).
26- الناصري، أحمد، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، ج5،دار الكتاب، الدار البيضاء، 1955م.
27- النظام، زهراء، العثمانيون والصراع المسيحي الإسلامي في غرب المتوسط، سلسة من الأبحاث تحت عنوان: العثمانيون والعالم المتوسطي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، الدار البيضاء، 2003م.
ثانياً: الأجنبية:
1- Masson, Paul, Histoire des Etablissements et du Commerce Français Dans L’Aafrique Barbaresque (1560-1793), Hachette et Cie, Paris, 1903.
2- Willis, J. R., The Bayca in Islam, and some a spects of the Bayca in Morocco’s relations with the western Sudan,
منشور باللغة الإنجليزية ضمن أعمال مؤتمر المغرب وأفريقيا (سبق ذكره).
Yahya, Dahiro, The ideological framework of Sacdi foreign policy,
منشور باللغة الإنجليزية ضمن أعمال
([1]) الزياني، أبوالقاسم، جمهرة التيجان وفهرسة الياقوت واللؤلؤ والمرجان في ذكر الملوك وأشياخ السلطان المولى سليمان، محمد بيضون، بيروت، 2003م، ص45.
* مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية إستانبول