صورة العربي في الأعمال الإعلامية والسينمائية الأميركية

مع أن الصورة السلبية للعربي أصبحت من الصور المألوفة في الإعلام والسينما الأميركية منذ أوائل القرن العشرين، فإن هذه الصورة السلبية للشخصية العربية المقترنة بالإسلام تمتد جذورها إلى عدة قرون سابقة في العالم الغربي يمكن تتبعها إلى أيام الحروب الصليبية. وهي موثقة في العديد من المؤلفات والأعمال الأدبية الكلاسيكية الغربية القديمة مثل “الكوميديا الإلهية” لدانتي أليغييري (1265 – 1321 م) (1) الذي هاجم فيها الإسلام والنبي محمد عليه الصلاة والسلام والإمام علي كرم الله وجهه بأقسى العبارات (2). وقد سبقته إلى ذلك قصائد “أغنية رولاند” (3) أقدم مجموعة قصائد فرنسية (1140 – 1170 م) والتي تصف العرب المسلمين بأبشع العبارات.
ومن الأمثلة على ذلك في التاريخ الأميركي كتاب “حياة محمد: مؤسس الإسلام وإمبراطورية العرب المسلمين” الذي صدر في القرن التاسع عشر للقسيس جورج بوش (4)، وهو أحد أسلاف الرئيسين الأميركيين جورج بوش وجورج بوش الابن، والذي هاجم الرسول صلى الله عليه وسلم ووصف المسلمين بعبارة “الجراد”.
ومن الأمثلة الأخرى على ذلك الدور الذي لعبه بعض المستشرقين في تشويه صورة العرب والمسلمين والموثق في كتاب “الاستشراق” (5) للمفكر الأميركي العربي الأصل الدكتور إدوارد سعيد. ويرى الدكتور سعيد أن تاريخ الاستشراق أدى إلى التعصب الشائع في الغرب ضد العرب والمسلمين.
وقد ردّ الكاتب البريطاني ومحرر الملحق الأدبي لصحيفة التايمز اللندنية روبرت جراهام إروين في كتابه “شهوة للمعرفة: المستشرقون وأعداؤهم” (6) على كتاب الدكتور إدوارد سعيد بغضب، إلا إنه أقر مع ذلك بقيام عدد من المستشرقين بتشويه صورة العرب والمسلمين.
ودخلت الصورة السلبية للعربي في وسائل الإعلام الأميركية في مرحلة جديدة في أوائل القرن العشرين مع انطلاق السينما التي أحدثت ثورة كوسيلة ترفيهية وإعلامية وفي تقديم الصور المتحركة، بالإضافة إلى الدور المتزايد للصحافة المطبوعة في المجتمع الأميركي. وتصاعد دور الإعلام الأميركي في تشويه صورة العربي في أواسط القرن العشرين بعد الحرب العربية – الإسرائيلية في العام 1948 وظهور إسرائيل إلى حيز الوجود وبدء هيمنة اللوبي الصهيوني على السياسة الأميركية المتعلقة بالشرق الأوسط.
وتزامن ذلك مع ظهور وسيلة ترفيهية وإعلامية فعالة من نوع جديد هي التلفزيون الذي انتشر في المنازل والأماكن العامة الأميركية في أواخر أربعينيات القرن الماضي. وتضمنت أخبار التلفزيون وبرامجه ومسلسلاته منذ ذلك الوقت عددا لا يحصى من الأمثلة على التحيز ضد العرب في صالح إسرائيل وتقديم صورة سلبية للعربي والسخرية منه في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية.
ومن أهم الكتب التي توثق التحيز ضد العرب والتصوير السلبي للعربي والتأييد المطلق لإسرائيل في الإعلام الأميركي كتاب “الرؤية المزدوجة: صورة العرب في وسائل الإعلام الأميركية” (Split Vision: The Portrayal of Arabs in the American Media) (7) للكاتب الأميركي المتحدر من أصل عربي الدكتور إدمون غريب أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأميركية في العاصمة واشنطن. ويشتمل هذا الكتاب على عشرات المقالات لعدد من كبار المفكرين والباحثين الأميركيين الذين يضمون بعض الكتّاب الأميركيين المتحدرين من أصل عربي، والمقابلات مع عدد من كبار الشخصيات الإعلامية الأميركية.
ومن الأمثلة الموثقة الكثيرة على ما ورد في هذا الكتاب أن السناتور جيمس أبو رزق عضو مجلس الشيوخ الأميركي السابق عن ولاية ساوث داكوتا، وهو أول أميركي من أصل عربي ينتخب لعضوية مجلس الشيوخ الأميركي، يقول في تمهيد لهذا الكتاب “إن الحقيقة المؤسفة هي أن رؤية معظم الأميركيين للوضع في الشرق الأوسط مشوشة منذ العام 1948 بالعرض غير المتوازن لوسائل الإعلام الأميركية”.
كما يقول السناتور جيمس أبو رزق، وهو أحد مؤسسي اللجنة العربية – الأميركية لمكافحة التمييز في العام 1980، وهي أكبر المؤسسات العربية الأميركية، “قبل وجود إسرائيل بوقت طويل، فإن صورة العربي شكلت في قصص الصليبيين ضد ِ’الكفار السفاحين’، وفي سلطان قصص ألف ليلة وليلة، وفي أفلام رودولف فالنتينو”. ويضيف السناتور جيمس أبو رزق “لقد رأينا جميعا إعلانات في الصحف من قبل جماعات يهودية ذات طبيعة عنصرية متطرفة تسعى لتهييج وإثارة الجماهير الأميركية ضد العرب. والهدف الأساسي لهذه الحملة هو تصوير جميع العرب بأنهم جشعون أو مسرفون أو لصوص وسفاحون”.
وتشمل الصورة السلبية للعربي في وسائل الإعلام الأميركية الرسوم الكاريكاتورية، حيث قال السناتور جيمس أبو رزق إن المفكر والباحث المعروف نعوم تشومسكي لخص هذا الوضع جيدا حين قال إن “الصحافة الأميركية تمارس الخزي والعار بصورة منتظمة بنشر رسوم كاريكاتورية لشيوخ عرب مصممين على تدمير الحضارة الغربية عن طريق زيادة أسعار النفط. ولو نشرت رسوم كاريكاتورية مماثلة لليهود لتعرضت للإدانة لأنها ستشكل عودة إلى الأبواق الدعائية النازية”.
ويؤكد السناتور جيمس أبو رزق أن استمرار الدعم الأميركي لإسرائيل يعود إلى أن “الكونجرس يعتمد أساسا على التبرعات المالية للصهاينة المتطرفين”. ويقول السناتور أبو رزق في افتتاحية صدرت في نشرة “الانتفاضة الإلكترونية” (8) “إن صمت الكونجرس الأميركي جدير بالازدراء. فقد اشترى اللوبي الإسرائيلي أعضاءه، وهم يخشون انتقاده. ولو أن ذلك حدث في أي دولة أخرى لأي دولة أخرى لسمعنا خطبا في قاعة الكونجرس ولقدمت تشريعات لوقف تقديم المعونة وغيرها من المساعدات لأي جهة ترتكب هذه القسوة. ولكن بما أن أموال حملاتهم الانتخابية تأتي من اللوبي الإسرائيلي، فكل ما نسمعه هو الصمت الذي يصم الآذان”.
وتقول المعلقة الصحفية الأميركية المرموقة جورجي آن جاير في تقديم لكتاب “رؤية مزدوجة: صورة العرب في وسائل الإعلام الأميركية” (9) “لنكن صادقين مع أنفسنا رغم ما يسببه ذلك من ألم، فالعالم العربي تم تكوينه – ولو بطريقة لاشعورية على الأغلب وبالتأكيد – في أذهان الشعب الأميركي وحتى في الصحافة الأميركية كنوع من العالم المنبوذ. فالتوقع غير المتحدث عنه للمحررين والأصدقاء، والذي وقعت فيه أنا شخصيا، هو أن العرب شعب فاسد ومتخلف أهمله التاريخ، كما أنه مقيت في عاداته القديمة والغريبة في الماضي البعيد. ويعزى ذلك جزئيا إلى الالتزام العاطفي المهيمن والمثالي أصلا بإسرائيل. كما يعزى ذلك جزئيا إلى التخلف الزمني بين الشعوب والثقافات، وجزئيا إلى النفوذ والمعلومات المتعمدة التي تنشرها إسرائيل والمجتمع اليهودي – الأميركي المنظم”.
وتؤكد مارلين روبنسون مراسلة شبكة إن بي سي التلفزيونية الأميركية، ككثيرين غيرها من كبار الإعلاميين الأميركيين، في مقابلة أخرى أجراها معها الدكتور إدمون غريب في كتابه “رؤية مزدوجة: صورة العرب في وسائل الإعلام الأميركية” (10) نفوذ اللوبي الصهيوني، حيث تقول “إن التحيز المؤيد لإسرائيل موجود بسبب القوة الكبيرة التي يتمتع بها اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة. وهناك نفوذ يهودي على عدد كبير من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ. وكثيرون من الأشخاص المؤيدين لإسرائيل هم كذلك لأنهم يدركون أن الأموال اليهودية ستتوقف في الحملة الانتخابية المقبلة إذا لم يتخذوا موقفا مؤيدا لإسرائيل”.
ويلخص الدكتور إدمون غريب في كتابه “رؤية مزدوجة: صورة العرب في وسائل الإعلام الأميركية” (11) العوامل المؤدية لفشل وسائل الإعلام الأميركية في تغطية الشرق الأوسط بنزاهة وموضوعية بخمسة أسباب: “(1) التحيز الثقافي، (2) جو التفكير المتشابه ضمن وسائل الإعلام الأميركية المؤثرة، (3) الصراع العربي – الإسرائيلي، (4) جهل وسائل الإعلام الأميركية بأصول وتاريخ هذا الصراع، (5) اللوبي الإسرائيلي المصمم والمتطور”. ويضيف الدكتور إدمون غريب “أن كثيرين من الصحفيين الأميركيين ينقلون إلى عملهم اتجاها لاشعوريا باقتران إسرائيل بالفضيلة والعرب بالحقد وسوء النية، وكأن الصراع هو مجرد سيناريو لفيلم رعاة بقر بالغ البساطة يشتمل على ‘عناصر خير’ و’عناصر شر’ “.
وليس هناك كاتب ارتبطت أعماله بكشف الصورة السلبية للعرب في السينما والتلفزيون الأميركيين كالدكتور جاك شاهين (12)، الأميركي المتحدر من أصل عربي، وأستاذ الاتصال الجماهيري في جامعة جنوب إلينوي، والذي تشمل أعماله عددا من الكتب المتعلقة بهذا الموضوع (13)، ومنها “عربي التلفزيون” (The TV Arab) (14) الذي صدر في العام 1984، و”الصورة النمطية للعرب والمسلمين في الثقافة الأميركية” (Arab and Muslim Stereotyping in American Popular Culture) (1997) و”العرب الأشرار في السينما: كيف تشوّه هوليوود أمة” (Reel Bad Arab: How Hollywood Vilifies A People) (2001) (15).
ويصف الدكتور جاك شاهين في كتاب “عربي التلفزيون” ردود فعل طفليه على الصورة السلبية المشوهة للعرب في برامج التلفزيون الأميركي ومحاولة تغيير هذه الصورة لديهما بالتأكيد على دور فنانين أميركيين مرموقين متحدرين من أصل عربي مثل الممثل الكوميدي داني توماس والمغني والملحن والممثل بول أنكا. ولتوثيق الصور السلبية للعربي في التلفزيون الأميركي قام الدكتور جاك شاهين بدراسة أكثر من 100 مسلسل وبرنامج رسوم متحركة وأفلام وثائقية تلفزيونية تتعلق بالعرب وتشتمل على أكثر من 200 حلقة تلفزيونية عرضت على شبكات التلفزيون الأميركية، وتؤكد جميعها على الصورة النمطية السلبية للعرب.
أما في كتابه الشهير “العرب الأشرار في السينما… كيف تشوّه هوليوود أمة”، فقد استعرض الدكتور جاك شاهين أكثر من 900 فيلم أميركي ظهرت فيها شخصيات عربية. ووجد أن 12 فيلما منها فقط تقدم صورة إيجابية للعربي و50 فيلما تقدم صورة متوازنة، في حين أن البقية، وهي الأغلبية، تقدم صورة سلبية للعربي. ويؤكد الدكتور جاك شاهين في كتابه “أن العرب يظهرون كأشخاص مختلفين وخطرين عبر العدسات المشوهة لهوليوود”.
وقد تحوّل هذا الكتاب إلى فيلم وثائقي يحمل العنوان نفسه في العام 2006، وقام الدكتور جاك شاهين بدور الراوي في هذا الفيلم الذي أظهر فيه كيف أن الاستمرار في تقديم الصور السلبية في الأفلام السينمائية الأميركية أسهم مع مرور الوقت في تطبيع مواقف التعصب المجحف نحو العرب والثقافة العربية، ما أدى خلال ذلك إلى تعزيز نظرة ضيقة نحو العرب وتعزيز تأثير السياسات الأميركية المحلية والدولية المحددة على حياتهم”.
كما يتناول الدكتور جاك شاهين صورة العربي في السينما والتلفزيون في الولايات المتحدة في مقال بعنوان “صورة العربي في وسائل الإعلام الجماهيرية الأميركية” في كتاب “رؤية مزدوجة: صورة العرب في وسائل الإعلام الأميركية”. ويقول الدكتور جاك شاهين “إن الشخصية النمطية الواسعة الانتشار للعربي مزروعة في النفسية الأميركية”. ويستشهد بعدد من الأفلام الأميركية التي تعزز هذه الصورة النمطية، ويضيف “هذه الأفلام تكشف ثلاث أساطير أساسية منتشرة على الدوام حول العرب: (1) أنهم أثرياء بشكل خرافي، (2) أنهم همجيون ومتخلفون، (3) أنهم مهووسون جنسيا ومولعون بشكل خاص بالنساء الغربيات”.
ويضيف الدكتور جاك شاهين أن هذه الأساطير ليست مقتصرة على السينما، بل تظهر أيضا في الرسوم الكاريكاتورية والمسلسلات التلفزيونية والمسلسلات القصصية المصورة في الصحف والكتب المصورة والكتب الجامعية والمدرسية والروايات والمجلات والصحف والسلع والهدايا المسلية والطريفة.
ومن أهم الكتب الصادرة باللغة العربية والتي توثق الصورة السلبية للعربي في السينما الأميركية كتاب “هوليوود والعرب” (16) للناقد السينمائي اللبناني محمد رضا المقيم في مدينة لوس أنجيليس وعضو رابطة الصحفيين الأجانب في هوليوود. ويشتمل هذا الكتاب الذي يجمع بين الدراسة والشكل المرجعي على توثيق 500 فيلم يستعرضها المؤلف ويبحث الكيفية التي عالجت فيها هوليوود الموضوع العربي. (17) ويؤكد الناقد السينمائي محمد رضا، في عرضه لهذه الأفلام التي أنتجت على مدى القرن العشرين بأكمله، ابتداء بعصر السينما الصامتة التي شملت الثلاثين سنة الأولى من القرن، أن الصورة السلبية للعربي كانت جزءا ثابتا من الأفلام المتعلقة بالعرب، بما في ذلك معظم الأفلام المبنية على قصص ألف ليلة وليلة، حيث يقول “الصور المختارة في الأفلام هي صور أكثر إثارة وتمضي في محاولة وصف العالم العربي بأنه غريب وبالمقارنة مع العالم الغربي هو عالم غير متحضر لكنه مسلّ وطريف”.
وينتقل الناقد محمد رضا إلى فترة أخرى (18)، حيث يقول “خلال فترة الصراع العربي – الإسرائيلي لم يكن مهمّا طرح ذلك الصراع من وجهة النظر العربية، ولا من وجهة نظر البحث الواقعي – التاريخي والاجتماعي والسياسي، بل من وجهة نظر تبنتها السياسة الغربية لأن الناس هناك اتبعوا تلك السياسة بمجرد انتخابهم ممثليهم الذين تبنوها. وعلى هذا الأساس فإن تصوير إسرائيل بلدا يدافع عن كيانه والعرب قوم معتدون كان قانونا غير مكتوب لا يتغير”.
ويتحدث الناقد السينمائي محمد رضا عن الدور اليهودي في تشويه صورة العربي في السينما الأميركية فيقول “ولا يمكن تغييب العنصر اليهودي في الموضوع. خلال مراجعتنا للأفلام المذكورة هنا، لاحظنا سيلا من الأفلام التي كتبها يهود. معظم هذه الأفلام لم تكن للفرجة، بل احتوت على تصوير سلبي للشخصية العربية، لتاريخها أو لواقعها. وهذا كله تغذى من الصراع العربي – الإسرائيلي حيث الولاء بالطبع للكيان الإسرائيلي”.
من الأبحاث المكثفة التي تناولت الصورة السلبية للعربي في السينما الأميركية بحث بعنوان “صورة العرب والمسلمين في السينما الأميركية” (19) للدكتور عيسى برهومة، أستاذ الاجتماع في الجامعة الهاشمية بالأردن. ويستعرض الدكتور عيسى برهومة في هذا البحث أهمية الصورة ودورها الفعال في عملية التفكير، ويؤكد الدور المركزي للسينما الأميركية على الصعيد العالمي، ويقول “فهي لا تفتأ تقدم الفيلم تلو الفيلم الذي يقدّم صورة مشوهة للعرب والمسلمين، واستقر لدى المتابعين للحراك السينمائي الغربي عامة والأميركي خاصة أن هذه الصورة مباينة للحقيقة وتمتح من تصور ثاو في العقلية الغربية في رؤية الآخر وتناول موضوعه، وتغذت هذه الصورة – في كثير من الأحيان – من مخيال غربي يعود إلى قرون مضت، شاركت عوامل كثيرة في تأثيثه، كالاستشراق والرحالة الغربيين الذين تطرقوا لدراسة الشرق وعادات العرب والمسلمين في مخيالهم الجمعي، وساءت الصورة وغدت نمطية قارّة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول”. ويضيف الدكتور عيسى برهومة “فمنذ السينما الصامتة من عشرينيات القرن تشكلت صورة العربي في هذه الأفلام، صورة نمطية مشوهة، إذ يبرز العربي على أنه مارق، يتاجر بالرق، عدواني، دموي، قاس وجلف، وكما أنه شرير، إن كان بدور بطولي أو بدور ثانوي” (20).
وأخيرا لا بد من الإشارة إلى الدور الإيجابي المهم الذي تلعبه المنظمات العربية والإسلامية الأميركية في محاولة تغيير الصورة السلبية والنمطية للعرب والمسلمين في السينما والتلفزيون والإعلام الأميركي بشكل عام. وفي مقدمة هذه المنظمات: “اللجنة العربية – الأميركية لمكافحة التمييز”، و”المعهد العربي- الأميركي”، و”مركز الحوار العربي”، و”المجلس الأميركي- الإسلامي”. وقد حققت هذه المنظمات نجاحا كاملا أو جزئيا في الكثير من محاولاتها.
ومن الأمثلة الكثيرة على وقوف هذه المنظمات في وجه الكم الهائل من الأفلام والبرامج التلفزيونية والإعلامية الأميركية المشوهة لصورة العرب التي تكمن وراءها منظمات وشخصيات صهيونية موالية لإسرائيل أو منظمات وشخصيات غير يهودية ولكنها متعصبة ضد العرب أو شخصيات سياسية خاضعة للنفوذ الصهيوني، ما فعلته اللجنة العربية – الأميركية لمكافحة التمييز تجاه فيلم الرسوم المتحركة “علاء الدين” (21) (1992) الذي يبدأ بأغنية تشتمل على عبارات مسيئة للعرب وتصف البيئة العربية كبلاد “يقطعون أذنك إذا لم يعجبهم وجهك”. وقد استجاب استوديو دزني المنتج للفيلم لاحتجاج وضغوط هذه المنظمة بحذف هذه العبارات من الإصدار الثاني لأشرطة فيديو الفيلم في العام 1993. وقد وصف الناقد السينمائي الأميركي إيد جونزاليز فيلم “علاء الدين” في مقال بمجلة “سلانت” (Slant Magazine) بأنه فيلم “عنصري وسخيف”.
كما قادت هذه المنظمة حملة مظاهرات أمام بعض صالات العرض الأميركية التي عرضت الفيلم الكوميدي “بروتوكول” (1984) الذي يقدّم صورة نمطية لشيخ عربي فاسد. ومن المؤسف أن بعض الممثلين العرب يظهرون في هذا الفيلم الذي صورت بعض مشاهده في تونس. ومن المفارقات أن بعض الأفلام المسيئة للعرب صورت بعض مشاهدها في تونس والمغرب خلال السنوات الأخيرة. ومن هذه الأفلام – على سبيل المثال – فيلم “المريض الإنجليزي” (1996) الذي صورت بعض مشاهده في تونس وفيلم “قواعد الاشتباك” (2000) الذي صورت مشاهد منه في المغرب. وقد علق أحد المشاركين العرب الأميركيين في التظاهر ضد عرض فيلم “بروتوكول” قائلا “مع الأسف أننا نتظاهر في واشنطن ضد فيلم أميركي مسيء للعرب صوّر في بلد عربي”.

مراجع
1- Mandelbaum, Allen (1982). The Divine Comedy Translation (New York, Bantam.
2- Cantor, Paul A. (1996)The Uncanonical Dante: The Divine Comedy and Islamic Philosophy. (Philosophy and Literature, Volume 20, Number 1, (April 1996).
3- The Song of Roland. “La Chanson de Roland”, 1140 – 1170. (Wikipedia on Answers.com.)
4- Bush, George. (July 7 – 13, 2005) Life of Mohamed: The Founder of Islam and the Empire of Saracens. (Al-Ahram Weekly online, Issue No. 750, Egypt).
5- Said, Edward. Orientalism (1978) (New York, Rando, House).
6- Irwin, Robert Graham (2006) Dangerous Knowledge: Orientalism and Its Discontents. (London Times).
7- Ghareeb, Edmund, Editor (1983) Split Vision: The Portrayal of Arabs in the American Media. (The American-Arab Affairs Council, Washington, D.C.).
8- Abourezk, James (July 30, 2006) Criticism of U.S. Support of Israel. (Electronic Intifada).
9- Geyer, Georgie Anne (1983) Split Vision: The Portrayal of Arabs in the American Media, p. vii. (The American-Arab Affairs Council, Washington, D.C.
10- Robinson, Marilyn, ibid, p. 43.
11- Ghareeb, Edmund, ibid. p. 19.
12- الزواوي، محمود (2006) صناعة الأحلام – محاور السينما الأميركية، المؤسسة العامة للسينما، دمشق، ص 358.
13- Shaheen, Jack G. ibid. p. 25
14- Shaheen, Jack G. (1984) The TV Arab, Popular Press.
15- Shaheen, Jack G. (2001) Reel Bad Arab: How Hollywood Villifies a People, Olive Branch press.
16- رضا، محمد (2000) هوليوود والعرب، مطبوعات مهرجان السينما العربية الأول، البحرين ، ص 4.
17- رضا، محمد ص 12.
18- رضا، محمد ص 13.
19- برهومة، الدكتور عيسى (2008) صورة العرب والمسلمين في السينما الأميركية، ص 1.
20- برهومة، الدكتور عيسى، ص 3.
21- Gonzalez, Ed. (September 24, 2004) Film Review – Aladdin, Slant Magazine.

* إعلامي و ناقد سينمائي

اقرأ أيضا

غزة

غزة.. مجازر بالقطاع و”الشيوخ الأميركي” يعارض وقف بيع الأسلحة لإسرائيل

في فجر اليوم الـ412 من الحرب على غزة، ارتكب الاحتلال مجزرة جديدة خلفت 66 شهيدا معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 100 جريح إثر تدمير حي سكني في محيط مستشفى كمال عدوان شمالي قطاع غزة.

ضمن مباحثات بالبرلمان.. الموقف الإيجابي لصربيا بخصوص الوحدة الترابية للمملكة محط إشادة

جمعت مباحثات رفيعة، رئيسة الجمعية الوطنية لجمهورية صربيا آنا برنابيتش، ورئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي.

سباق نحو الحياد الكربوني.. المغرب يرتقي إلى المركز الثامن في مؤشر الأداء المناخي

حافظ المغرب على حضوره ضمن طليعة البلدان التي تقود السباق نحو الحياد الكربوني على مستوى العالم بارتقائه إلى المركز الثامن في تصنيف مؤشر الأداء المناخي لسنة 2025، الذي تم تقديمه، اليوم الأربعاء ضمن فعاليات الدورة الـ 29 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 29)، المنعقد بباكو في أذربيجان.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *