اسمه إيلان، كردي من بلدة كوباني السورية. كان في الثالثة من عمره. جرفت الأمواج جثته الهامدة إلى ضفاف مدينة بودروم التركية في 2 سبتمبر الجاري. مات إيلان وشقيقه البالغ من العمر خمس سنوات وعشرة ركاب آخرين على القارب المطاطي نفسه، الذي كان يحمل على متنه 23 راكباً، متجهاً إلى جزيرة كوس اليونانية، بحسب الأنباء.
هزت صورة جثمان إيلان ضمائر مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعية. منهم من أنّب أوروبا، مشيراً إليها على أنها القلعة الحصينة التي يصعب الدخول إليها، ما يرغم اللاجئين على النزوح إليها بطرق غير شرعية وغير آمنة كالهجرة عبر البحر.
وتعالت أصوات عدة ضد دول الخليج، التي لم تعط اللاجئين فرصة النزوح إليها. ففي مقابلة تلفزيونية مع قناة فرانس 24، صرّح النائب الكويتي فهد الشليمي أن دولته “غالية ومكلفة، ولا تصلح لعيش اللاجئين، تصلح للعمل، أيضاً النقل مكلف والمعيشة في الكويت غالية، بينما المعيشة في لبنان وتركيا أرخص. لذلك المبلغ الذي يدفع للاجئين السوريين يكون مرتين أسهل”.
وأضاف: “في النهاية لا يمكنك أن تستقبل ناساً آخرين، من بيئة أخرى، ومن مكان آخر، لديهم مشاكل نفسية أو عصبية أو Trauma (يعانون من الصدمة النفسية)، وتدخلهم إلى مجتمعاتك”.
وندد آخرون بحكومات سوريا، وروسيا، والصين، لأن الأخيرتين عارضتا العديد من خطط التدخلات الإنسانية والعسكرية في سوريا من قبل الأمم المتحدة لحماية مصالحهم مع الأسد في سوريا.
وتناقل عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة مركبة لجثمان الطفل، مرة في جلسة لمجلس الأمن، في إشارة إلى مسؤوليته عن عدم توفير الأمان للاجئين السوريين. ومرة أخرى والطفل المتوفّى ملقى أرضاً أمام زعماء وملوك دول الخليج التي لم تستقبل لاجئاً سورياً واحداً منذ بداية الأزمة عام 2011. ومرة ثالثة أمام مقبرة وكتب على الشاهد الضمير العربي، في إشارة إلى وفاة هذا الضمير، الذي يتفرّج على هؤلاء الأطفال يموتون منذ نحو 4 سنوات.
المضحك المبكي أن الحكومة السورية نددت ببعض الدول الأوروبية لمخالفتها “أبسط مبادئ حقوق الإنسان” في طريقة تعاملها مع “المهاجرين” السوريين، بحسب الوكالة العربية السورية للأنباء.
وأشار مجلس الوزراء السوري في جلسته الأسبوعية إلى “واقع التعامل المخزي لبعض الدول الأوروبية مع المهاجرين إليها، ومخالفتها أبسط مبادئ حقوق الإنسان، ما يجعل سلوكها منسجماً مع سلوك التنظيمات الإرهابية المسلحة، التي تدفع المواطنين في بعض المناطق إلى الهجرة الداخلية أو الخارجية. فضلاً عن وجود عصابات مجرمة ومنظمة تعرض حياة السوريين المهاجرين ومستقبلهم للخطر. إذ تم التأكيد على ضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة لملاحقة مافيات التهريب، التي تتاجر بالشباب السوري، وتحقيق الاستقرار لهم، والحفاظ على الكوادر البشرية التي ساهمت في بناء سورية على مر عقود”.
أما وكالات الأنباء الروسية كروسيا اليوم، والصينية كوكالة زنهوا للأنباء، فلم تذكر شيئاً عن الخبر، كأنه لم يكن.
ما هو الحل؟
الجميع يتراشق مسؤولية غرق هذا الطفل ووفاته، والعالم ينتظر حلولاً ومواقف من الدول العربية والغربية، التي كشفت وفاة الطفل السوري بهذه الطريقة، عجزها وعدم اكتراثها لأزمة باتت أكبر وأخطر أزمة إنسانية في التاريخ الحديث. إلا أن طفلاً سورياً، يبلغ من العمر ثلاث عشرة سنة، أعطى العالم حلاً جذرياً لأزمة شعبه. حين قال في مقابلة تلفزيونية من بودابست: “لا نريد أن نأتي إلى أوروبا إن أوقفتم الحرب في سوريا”.