دخل قادة الأحزاب السياسية الممثلة بالبرلمان، مشاورات تشكيل الحكومة التي يقودها الرئيس الجديد سعد الدين العثماني، بنفس مغاير تماما عن ذاك الذي ظهروا به في عهد عبد الإله بن كيران.
وفيما تمحورت تصريحاتهم سابقا، حول الشروط والفرق والتكتلات، كشفت عبارات غالبيتهم في أول لقاء بالرئيس الجديد أمس الثلاثاء بالرباط، عن استعداد لفك جميع الخيوط التي تشابكت بيد بن كيران لأزيد من خمسة أشهر.
أول الجالسين إلى طاولة مشاورات العثماني، كان محمد السوسي، وحمدي ولد الرشيد، وعمر تغوان، عن حزب الاستقلال، هؤلاء استمروا على وعد قطعوه لرئيس الحكومة المنتهية ولايتها، وهو المساندة والدعم، لكنهم كشفوا بصريح العبارة رغبة ”الميزان” في قطعة من ”الكعكة الحكومية”.
بعدهم مباشرة، وخلال يوم شهد مشاورات ماراطونية، تحدث عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، لغة الثقة، متحاشيا التكلم عن شروط، أو الدفاع عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي طالما تشبث به.
وفي تصريح لوسائل الإعلام، بدا فيه مبتسما مرتاح البال، أكد دعمه وحزب الاتحاد الدستوري المجتمع معه في فريق واحد، للعثماني واستعداده الاشتغال معه لخدمة البلاد.
امحند لعنصر الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، مد من جهته، يده لقائد المشاورات، دون فتح صفحة التحالف الرباعي التي كانت تعد ورقة ضغط على بن كيران، وكأنه يلمح من خلال ذلك، إلى أنها صارت من الماضي.
ونبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الذي طبع علاقته بالأمين العام لحزب العدالة والتنمية، في الفترة الماضية تقارب كبير، قال إن شروط تواجد حزبه بالحكومة التي كان بن كيران مكلفا بتشكيلها، ما تزال قائمة، وبالتالي كشف أنه سيساهم في تشكيل ائتلاف حكومي منسجم.
أما إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، فلم ينتظر خلال مشاورات أمس، أن يدافع عنه أحد، وصرح بأنه لن ينوب عنه أي طرف في المفاوضات.
ليس ذلك فحسب، بل وجه رسالة نسف من خلالها التحالف الرباعي بقيادة أخنوش، قائلا أمام ممثلي منابر إعلامية متعددة، ”نحن متمسكون بقرار اللجنة الإدارية للحزب القاضي بالمشاركة في التشكيلة الحكومية المقبلة، ولن تنوب عنا أي جهة”.
و”الطاكتيك” الجديد الذي جاء به ممثل العدالة والتنمية ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني، فكان دعوة حزب الأصالة والمعاصرة، للمشاورات، على الرغم من ”الهوة” الكبيرة بين الحزبين.
وبعد لقاء غلبت عليه ”حميمية الجذور الأمازيغية” للعثماني وإلياس العماري الأمين العام للبام، عبر هذا الأخير عن إعجابه بأسلوب الطبيب النفساني والديبلوماسي السابق.
إعجاب، وارتياح، وثقة، ودعم، ومساندة، وتشبث، كلها كلمات قدمت لسعد الدين العثماني، بطبق لم يجد له عبد الإله بن كيران طريقا، طوال أشهر، فهل يؤتي ذلك أكله ونشهد ميلاد حكومة منسجة وقوية في القريب ؟
الساعات والأيام القادمة وحدها تحمل الجواب، أما إذا طال الأمر لأشهر، فسيكون لا مناص من البحث عن ”طاكتيك” جديد.