خطير..شيء خطير،ماوقع مساء أمس في ظل فيضانات جهة الرباط وسلا، نتيجة تخلي المسؤولين عن الشأن المحلي عن مسؤولياتهم،حيث بقي المواطنون وحدهم في مواجهة مصيرهم،رغم الاستغاثات الصادرة من هنا وهناك،بحثا عن النجدة،ولا من مجيب..
أين تلك الوعود بتحسين البنية التحتية خلال الحملة الانتخابية،التي كانت توزع بكرم وسخاء؟بل أين أولئك المنتخبون الذين لايظهرون عادة، إلا في الأيام التي تسبق الإدلاء بالأصوات في صناديق الاقتراع،ثم يختفون في انتظار فرصة أخرى لاقتسام “كعكعة الانتخابات”؟.
كانت المشاهد مساء أمس، مؤلمة جدا،وتسيء حقا لصورة المغرب كبلد يسعى للحاق بركب التطور والنماء والحداثة،من خلال أوراش البناء المفتوحة للنهوض ب”الرباط مدينة الأنوار عاصمة المغرب الثقافية “،بينما كانت ساعة أو كثر من تهاطل الأمطار بغزارة كافية لأن تجعل سلا،شبيهة حقا بمدينة البندقية،تمخر وسطها الزوارق،وكل ذلك بفعل الإهمال التي تعرضت له من طرف المجالس البلدية التي تعاقبت على تسييرها.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، هو من يتحمل كل تلك الخسائر التي لحقت بالمواطنين، في ممتلكاتهم وبيوتهم،وسياراتهم، وأضاعت الكثير من أوقاتهم ومصالحهم،وجعلت الأباء والأمهات يتخوفون على مصائر فلذات أكبادهم،بعد أن تعطل النقل المدرسي للتعليم الخصوصي،وظل البعض منهم عالقا فوق القنطرة الرابطة بين العدوتين.
ليلة رهيبة عاشتها مدينة سلا بالخصوص تحت رحمة الفيضانات والسيول،لدرجة أن الكثير من سكانها ممن يشتغلون في مكاتب وزارات الرباط،العاصمة السياسية للبلاد ياحسرة،اضطروا إلى العودة إلى بيوتهم مشيا على الأقدام،بعد أن توقفت كل وسائل النقل العمومي.
المؤسف،أنه وسط كل هذه الفيضانات والسيول التي كانت تمرح في شوارع مدينتي الرباط وسلا،وتعرقل حركة سير الحافلات والسيارات والقطارات و”الطرامواي”،كان الإعلام السمعي والبصري،كعادته دائما،غائبا عن الساحة،دون أن يكلف نفسه عناء مواكبة الحدث،في الحين،لإخبار الناس بالحقيقة،متخليا عن دوره الإعلامي الموكول إليه.
الإعلامي أحمد افزارن،وضع اصبعه على الجرح،من خلال تدوينة له على حائطه الفايسبوكي: ” فيضانات “مدينة سلا” تكشف عن خلل سلوكي في التعامل الرسمي مع البنية التحتية.. وعن التستر على صفقات عمومية غير سليمة..
أين المحاسبة عن الشأن المحلي؟”.
وفي الحقيقة،فإن هذا السؤال الذي طرحه إفزارن هو بيت القصيد:أين المحاسبة عن الشأن المحلي؟إن الدستور المغربي واضح تماما في هذه المسألة، ويربط المسؤولية بالمحاسبة؟ فلماذا لايتم تفعيل هذا المبدأ،احتراما لروح ومنطوق أسمى قانون في البلاد؟
الملاحظ أن من يسير الرباط وسلا،محليا، هو الحزب الذي يتصدر الانتخابات، وهو الذي أوكلت إليه،تبعا لنتائجها، مهمة تشكيل الحكومة، وعبد الإله بنكيران نفسه،فاز في الانتخابات التشريعية في إحدى دوائر المدينة الغارقة،ولكنه البارحة لجأ إلى الصمت،فيما خرج جامع المعتصم،العمدة بتصريح غريب وفريد من نوعه،لايجيب بتاتا عن تساؤلات المواطنين،وكان الأولى به أن يضع نفسه رهن المحاسبة،أويعلن عن تقديم استقالته بعد أن فشل في مهمته.