في أول سابقة من نوعها، يختتم مجلس النواب يوم الاثنين 13 فبراير الجاري، دورته الخريفية من السنة التشريعية 2016-2017،في جلسة عمومية،دون أن يكون أعضاؤه قد قاموا بأي شيء يذكر،فلا هم اجتمعوا،ولا ناقشوا،ولا حضروا جلسة للأسئلة الشفوية،ولا برروا الحصول على تعويضاتهم المادية.
لقد كانت هذه أول دورة خريفية بيضاء وخالية من أي إنتاج تشريعي،في تاريخ المغرب السياسي المعاصر،عقب الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 7 أكتوبر الماضي، وهذا كما يعرف الجميع،راجع للعديد من الاعتبارات والعوامل، في مقدمتها تأخير انتخاب رئاسة مجلس النواب، وأجهزته وهياكله،وما رافق ذلك من جدل،بتزامن مع ما بات يسمى ب”البلوكاج” الذي ما زال،حتى اللحظة،يواجه المشاورات بشان تشكيل الحكومة.
وباستثناء الجلسة التشريعية الوحيدة،المخصصة للمصادقة على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي،عقب انتخاب الحبيب المالكي،القيادي الاتحادي،رئيسا لمجلس النواب،لم يتحقق أي شيء، خلال الدورة الخريفية، لفائدة العمل التشريعي في المملكة.
هذه العطالة المؤدى عنها لفائدة “ممثلي الشعب” في مجلس النواب،رغم عدم تأديتهم لأي مجهود،فجر جدلا في البلد،انطلاقا من كون الأجر أو التعويض لا يتأتى أخلاقيا إلا من باب العمل،وإلا اعتبر ريعا سياسيا،في نظر الكثيرين.
ولعل مما أثار هذا النقاش، الذي امتد ليشمل أعمدة الصحافة،ووسائل التواصل الاجتماعي، ولم يعد حبيس صالونات السياسة وقاعات التحرير،أن الحكومة، وبالضبط في عهد عبد الإله بنكيران، تعطي لنفسها الحق،في الاقتطاع من أجور العمال المضربين،حتى ولو انقطعوا عن العمل،ولو ليوم واحد فقط.
الأمر،إذن، مثير للدهشة وللتساؤل،بحكم التناقض الملحوظ، فكيف يمكن للعامل البسيط،أو الموظف الصغير، قبول الاقتطاع من أجرته الشهرية، التي لا تلبي متطلباته،ولا تستجيب لحاجيات أسرته،في الوقت الذي يتوصل البرلماني بتعويضاته بالملايين،عبر حسابه البنكي،في أي مدينة،دون أن يكلف نفسه عناء الحضور إلى قبة البرلمان،وفي غياب أي مردودية على المستوى التشريعي.
ولعل الإضافة الوحيدة المسجلة خلال الدورة الخريفية،هي إعلان أعضاء الفريق البرلماني لحزب الأصالة والمعاصرة،مبادرتهم بالتنازل عن تعويضاتهم لخزينة المملكة،فيما لزمت الفرق النيابية الأخرى الصمت،كأن الأمر لايعنيها بتاتا.
أما عبد الإله بنكيران،رئيس الحكومة المعين،فقد حول الموضوع برمته إلى مادة للتندر والتفكه،كعادته دائما،فقد نسب إليه أنه قال إن أعضاء فريق حزب “الجرار” مطالبون بإرجاع مقاعدهم في البرلمان أولا ،قبل أن يطلق قهقهته الشهيرة،التي يختم بها، قفشاته وتعليقاته.
أربعة أشهر كاملة،هي عمر الدورة التشريعية الخريفية، انتهت وكأن البلاد،لا برلمان، ولا انتخابات، ولا أحزاب، ولاتجربة ديمقراطية فيها، في طور البناء،ما يجعل التساؤل مشروعا حول مدى إقبال الكتلة الناخبة مستقبلا على صناديق الاقتراع.
وفي انتظار الدورة المقبلة، التي لن تنعقد إلا في شهر أبريل المقبل،سيضيع زمن سياسي جديد،ما أحوج البلد إلى استثماره في استكمال أوراش الإصلاح المفتوحة.
والختم بتعليق في الموضوع لخالد أدنون،الناطق الرسمي باسم حزب الأصالة والمعاصرة،نشره على حائطه الفايسبوكي:
“دخلنا الشهر الخامس بلا حكومة بلا مؤسسات تمثيلية تُمارس اختصاصاتها الدستورية بشكل سليم، فلا تشريع ولا رقابة على العمل الحكومي، باستثناء عمل لجنة تقصي الحقائق بمجلس المستشارين، ولا تقييم للسياسات العمومية، وما يسجل هو بعض المبادرات في مجالي الديبلوماسية البرلمانية وعقد ندوات ودورات في قضايا من صميم العمل البرلماني.
إنها تكلفة سياسية – مؤسساتية واجتماعية واقتصادية باهضة التكاليف.
كفى !!”.