ماذا بعد تقدم المغرب إلى رئاسة الاتحاد الإفريقي بطلب استعادة عضويته المعلقة منذ عام 1984؟ سؤال تتردد أصداؤه في مختلف الأروقة السياسية والمنابر الإعلامية الإفريقية والدولية، حيث طغت الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس إلى قمة الاتحاد المنعقدة في العاصمة الرواندية كيغالي على ما عداها من بنود الاجتماع، وصنعت الحدث بامتياز.
أولى ردود الأفعال أتت من رئيس القمة الحالي، الرئيس التشادي إدريس ديبي، الذي أوضح قضية قانونية تقطع أي جدل محتمل حول العودة المغربية، عندما أكد أن “للمغرب الحق في العودة إلى عضويته في الاتحاد الإفريقي متى شاء وكيف شاء”، مردفا بعدها –كرئيس لتشاد وليس بصفته في الاتحاد- أن بلاده ترحب بهذه العودة المغربية.
وتنص لوائح الاتحاد الأفريقي على أن اكتساب العضوية يتم من خلال تقديم البلد الراغب بالانضمام طلبا إلى رئاسة الاتحاد، التي عليها أن تعيد توجيه الطلب من خلال المفوضية إلى الدول الأعضاء في الاتحاد (وعددهم 54 بلدا)، ليتم تلقي رأي كل بلد في طلب العضوية المعروض على حدة وبشكل سيادي. وبمجرد حصول الطلب على الأغلبية العددية البسيطة (موافقة 28 بلدا على الطلب) يتم إعلان قبول عضوية البلد المعني، بغض النظر عن آراء باقي الدول الأعضاء.
وبهذا المعنى، يوجد للمغرب مبررات قوية في البدء في اعتبار نفسه عضوا منذ لحظة تقديمه الطلب، حيث أنه يضمن سلفا ترحيب وموافقة الحد الأدنى المطلوب وهو 28 دولة، جاء تقدمه بطلب العضوية أساسا نزولا عند رغبتها، وما ترحيب الرئيس التشادي بعضوية المغرب إلا في هذا السياق، ودليل على ما نقول. أما الحديث عن معارضة محتملة للجزائر أو جمهورية الوهم والدول القليلة التي تعترف بها، فلا قيمة له عمليا، حيث يستحيل أن يحشد معارضة تتجاوز نصف أعضاء الاتحاد.
الرئيس التشادي أجاب بذكاء على من يحاولون التشويش على طلب العضوية المغربي من أعداء الوحدة الترابية، والذين يدّعون أن الخطاب الملكي حمل “اشتراطات” على الاتحاد الإفريقي من أجل العودة، عندما قال “لا أعرف إن كان المغرب قد وضع اشتراطات أم لا، لكن هذا الأمر ليس مهما”، وهي إجابة تحيل إلى ما سبقت الإشارة إليه حول المسار المحتمل لاسترجاع المغرب لعضويته.
ومما يؤكد اطمئنان المغرب لاسترجاع عضويته في الاتحاد، كونه دولة عضو في تجمع دول الساحل والصحراء التي عدد أعضائها ممائل للأغلبية المطلوبة (28 دولة عضوا)، ناهيك عن تبادله للسفراء مع أزيد من 26 دولة إفريقية بعضها من خارج هذا التجمع، دون إغفال ما أشارت إليه الرسالة الملكية من كونه المستثمر الإفريقي الأول في غرب إفريقيا، والثاني على المستوى الإفريقي، أي أنه يقرن توجهاته بأفعال صلبة تصب مباشرة في خانة التنمية، ولا تركز على تقديم “الرشاوى” لهذا المسؤول أو ذاك!!
وفي انتظار الأخبار التي ستتوالى تباعا عن مواقف الدول المرحبة بعودة المغرب من أصدقائه المقربين، وهو ترحيب سيتجاوز حتى أغلبية ثلثي الأعضاء كما تشير إلى ذلك معظم الدلائل، سينصب الاهتمام بعدها على سبل تصحيح الخطيئة التاريخية المتمثلة في قبول عضوية “جمهورية الوهم”، وذلك في أفق استعادة الاتحاد الإفريقي دوره كاملا في نزاعات القارة، بنبذه دعاة الفكر الانفصالي من بين صفوف منظمة اتخذت من الوحدة شعارا لها، وهو ما سيفيد العديد من دول القارة التي تكتوي بأنشطة الحركات الانفصالية، كما تؤكده الحرائق المشتعلة في مختلف أرجاء القارة السمراء.