يبدو أن اقتراب موعد تشريعيات 7 أكتوبر المقبل فتح شهية بعض الفاعلين السياسيين لاقتحام عالم النشر من أجل الترويج لأطروحاتهم وأدبياتهم السياسية، سعيا وراء استمالة الفئات الاجتماعية التي تولي أهمية كبيرة لشؤون الثقافة والفكر.
ولعل أول السباقين إلى هذا المجال هو ادريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي قام مؤخرا بأحد فنادق الدار البيضاء، في الأسبوع الأول من شهر شتنبر الجاري، بتوقيع كتابه، أو باكورة انتاجه، الذي حمل عنوان « زمن التناوب الثالث »، بغلاف وردي انسجاما مع شعار الحزب .
و رغم أن لشكر اعتبره بأنه يشكل جزءا من سيرة ذاتية له، فإن بعض المطلعين على الإصدار، رأوا فيه أنه مجرد تجميع لبعض المقالات من هنا وهناك، إضافة لمجموعة من بيانات الحقيقة التي نشرتها صحافة حزب ” الوردة”.
وبموازاة مع ذلك، تتحدث بعض الكواليس الحزبية عن حذو زعامات حزبية أخرى حذو لشكر ، وذلك من خلال الإعداد لسلسلة من الإصدارات السياسية الجديدة التي تصب غالبا في منحى الدعاية السياسية، بغية تلميع الصورة في سياق الزمن الانتخابي.
ومن آخر الإصدارات الجديدة المعلن عنها اليوم الأربعاء، ما كشف عنه حزب العدالة والتنمية، قائد الائتلاف الحكومي الحالي، الذي تولى فريقه في البرلمان نشر كتاب جديد يحمل عنوان، “المعين في المنازعات الانتخابية البرلمانية”، يتضمن قراءة في قرارات المجلس الدستوري الصادرة بشأن انتخاب أعضاء مجلس النواب على ضوء انتخابات 2011.
وقال الفريق النيابي لحزب ” المصباح” إنه سيتم تمكين الهيآت المجالية للحزب على امتداد التراب الوطني، من نسخ من الكتاب الذي يقع في 100 صفحة، ويشرح مختلف قرارات المجلس الدستوري المذكورة، ويستخلص المخالفات الانتخابية الواردة في حيثيات القرارات نفسها، وذلك مساهمة من الفريق في نشر الوعي القانوني والدستوري ارتباطا بالانتخابات التشريعية التي سيجري اقتراعها يوم 7 أكتوبر 2016.
وأعلن أيضا، في ختام بلاغ صحافي له، أنه يمكن للباحثين والمهتمين، تحميل الكتاب بصيغة PDF من نافذة “منشورات الفريق” على الموقع الرسمي لفريق العدالة والتنمية على الأنترنيت.
وفي نظر المهتمين، فإنه إذا كان الاتجاه إلى عالم النشر من طرف الفاعلين السياسيين يشكل أمرا محمودا، ولا يمكن إلا التنويه بانفتاحهم عليه، رغم ما ينطوي عليه ذلك من استغلال سياسي، اعتبارا للظرفية الانتخابية الحالية، فإن الملاحظ أن كل الأحزاب السياسية، بمختلف أطيافها وألوانها واتجاهاتها، لاتمنح الثقافة المكانة الجديرة بها ضمن أولوياتها وأهدافها.
وقد كان تجاهل الشأن الثقافي من طرف مكونات المشهد السياسي هو أحد الأسباب التي دفعت مؤخرا، اتحاد كتاب المغرب، وجريا على عادته عند كل استحقاق انتخابي، إلى توجيه النداء إلى الزعامات الحزبية لتذكيرها بأهمية دور الثقافة في تشكيل الوجدان وتنمية المدارك المعرفية لدى الأجيال الصاعدة، عساها تتدارك الموقف لدى وضعها لبرامجها التي تخوض بها حملتها الانتخابية.
وبإجماع المتتبعين، فإن نداء اتحاد كتاب المغرب، رغم ما ينطوي عليه من دلالة، ظل حتى اللحظة، مع الأسف الشديد، مثل صيحة في واد، أو نفخة في رماد، كما يقال، بدليل أن غالبية الأحزاب التي قدمت برامجها للصحافة، تحدثت عن تصوراتها للنهوض بكل القطاعات الحيوية في البلاد، دون أن تتطرق إلى الثقافة ولو بكلمة واحدة، على الأقل !